بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

سعد زغلول وأول وزارة شعبية.. بداية الصراع من أجل استقلال مصر والسودان

سعد زغلول
سعد زغلول
كتب : عامر عبدالرحمن

تحل اليوم ذكرى تأسيس سعد زغلول أول وزارة شعبية في مصر عام 1924، التي جاءت بعد فوز ساحق لأنصاره في الانتخابات البرلمانية، ورغم هذا النجاح، إلا أن التحديات بدأت تواجه حكومة سعد منذ اللحظات الأولى، خاصة فيما يتعلق بقضية السودان، كما أشار الكاتب عباس محمود العقاد في كتابه "سعد زغلول زعيم الثورة".

نبذة عن سعد زغلول

وُلد سعد زغلول عام 1858 في قرية إبيانة التابعة لمحافظة كفر الشيخ، ونشأ يتيمًا بعد وفاة والده وهو في الخامسة من عمره. تلقى تعليمه في الكتاب ثم انتقل إلى الأزهر عام 1873، حيث تتلمذ على يد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، اللذين تركا أثرًا كبيرًا في تكوينه الفكري والسياسي، وعمل معهما في جريدة "الوقائع المصرية".

بدأ حياته المهنية كمعاون في وزارة الداخلية، لكنه فُصل لمشاركته في ثورة عرابي، واتجه بعدها للمحاماة، وواجه السجن بتهمة الانضمام إلى "جمعية الانتقام" الوطنية. بعد الإفراج عنه، انخرط في العمل القانوني، وترقى في المناصب القضائية ليصبح رئيسًا للنيابة، ثم نائب قاضٍ، وحصل على رتبة الباكوية وليسانس الحقوق.

برز سعد كزعيم شعبي في الجمعية التشريعية، ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى قاد "جماعة الوفد" التي طالبت باستقلال مصر وإلغاء الحماية البريطانية، ما جعله واحدًا من أهم زعماء التاريخ المصري وقائد ثورة 1919، وأدى به هذا المسار ليصبح رئيس وزراء البلاد ورئيس مجلس الأمة.

الوزارة الشعبية الأولى والصعوبات السياسية

تولى سعد زغلول رئاسة أول حكومة شعبية في مصر بعد نفيه وأعضاء آخرين من الوفد إلى مالطا إثر مطالبات بالاستقلال. قادت هذه الأحداث إلى اندلاع ثورة 1919 التي أجبرت بريطانيا على الإفراج عنه، فسافر إلى باريس لعرض قضية مصر على ممثلي الدول الحليفة دون تحقيق تقدم يُذكر.

ومع عودته إلى مصر، حقق الوفد فوزًا كبيرًا بحصوله على 90٪ من مقاعد البرلمان، وتم تكليف سعد زغلول بتشكيل الحكومة، حيث أظهر قدرته على تهدئة الاحتجاجات وأعمال الشغب، وأصبح رمزًا للوحدة الوطنية. إلا أن التحديات لم تتوقف، إذ واجه سعد عقبة كبيرة عند تقديم خطاب العرش، حيث حاول تضمين عبارة تؤكد الاستقلال الكامل لمصر والسودان، لكن بريطانيا اعترضت مباشرة لدى الملك على استخدام لقب "ملك مصر والسودان". استبدل سعد هذه العبارة بـ "تحقيق الأماني القومية لمصر والسودان"، إلا أن البرلمان اعترض على هذا التنازل، مما أضاف مزيدًا من الضغوط عليه.

الأزمة السودانية وموقف سعد

أصبحت قضية السودان محورًا للصراعات بين بريطانيا والمعارضين المصريين، الذين حاولوا إفشال حكومة سعد زغلول. طالبت المعارضة بعرض ميزانية السودان على البرلمان، بينما جدد الموظفون الإنجليز في السودان ولاءهم لبريطانيا ورفضهم للسيادة المصرية. ومع قمع السودانيين الداعمين لوحدة وادي النيل، تصاعدت التوترات.

في النهاية، استقال سعد زغلول بعد تصريح اللورد بارمور، ممثل الحكومة البريطانية، بأن بريطانيا لن تتخلى عن السودان بأي حال. رد سعد زغلول أمام البرلمان المصري معلنًا أن الأمة المصرية لن تتنازل عن السودان، مشددًا على أن السودان جزء لا يتجزأ من كيان مصر ومنبع حياتها.

إرث حكومة سعد الأولى

مثلت حكومة سعد زغلول الأولى تحديًا تاريخيًا، حيث واجه زعيم الثورة ضغوطًا سياسية كبيرة من خصومه في الداخل والخارج، إلا أنه تمسك بمواقفه الوطنية في سبيل الحفاظ على كرامة مصر والسعي لتحقيق استقلالها، ليظل إرثه رمزًا لمقاومة الاستعمار والنضال من أجل الحرية والاستقلال.

تم نسخ الرابط