بعد ارتفاع التضخم من جديد.. متى ينخفض؟

تجددت المخاوف الاقتصادية بعد عودة ارتقاع التضخم العام، وسجلت 13.9% في أبريل الماضي وفق بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، مقارنة بنحو 13.6% في مارس الماضي، بينما سجل معدل التضخم الأساسي الصادر عن البنك المركزي 10.4% في أبريل 2025 مقابل 9.4% في مارس 2025.
التضخم والسياسات الاقتصادية
مؤشر التضخم يمثل العمود الأهم في بنيان الاقتصاد لأنه يعبر عن مقدار الارتفاع أو الانخفاض في أسعار السلع والخدمات داخل البلاد بالإضافة أن قبل إقرار السياسات والقرارات الاقتصادية العامة للبلاد ينظر المسؤولون إلى مؤشرات التضخم بعين الاعتبار.
المحللون يرون أن ارتفاع معدل التضخم متوقع بعد ارتفاع أسعار الوقود وزيادة تكلفة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة 6.7%، كما زادت أسعار الحبوب بمقدار 0.5%، والأسماك بنحو 1.7%، والخضروات بنسبة 1.2%.
أسباب التضخم في مصر
يقول الدكتور محمد يونس أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الأزهر إن أهم خصائص التضخم الاستمرارية فهو ارتفاع عام ومستمر في الأسعار، يحدث إذا زادت السيولة النقدية عن السلع والخدمات المتوافرة.
وللحد من التضخم لا بد من السيطرة على طرف من الاثنان، إما بتقليل النقود أو بزيادة السلع والخدمات.
ويؤكد أن أسباب التضخم في مصر واضحة ومعروفة للجميع، فالإنتاج كلمة السر في إنهاء مشكلة ارتفاع التضخم، ولن نجد سبيلا للسيطرة على التضخم وضبطه إلا بتحفيز الإنتاج لتقليل الاعتماد على الاستيراد في الوفاء بحاجة المواطنين من السلع.
انخفاض التضخم خلال النصف الثاني من 2025
يوضح الدكتور هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي أن الارتفاع الحالي في معدلات التضخم يعود إلى تداخل عوامل محلية وعالمية.
محليًا، جاءت زيادات أسعار الوقود والمواصلات والخبز المدعوم لتضيف ضغوطًا مباشرة على أسعار السلع والخدمات. أما عالميًا، فما زالت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب تقلبات سلاسل الإمداد، تلقي بظلالها على الأسواق، فضلاً عن الآثار المتأخرة لخفض قيمة الجنيه المصري ورفع الفائدة خلال الفترات الماضية.
ويرى أبو الفتوح أن الارتفاع رغم حدته، لا يعبر عن عودة إلى موجات تضخم ممتدة، بل هو أشبه بموجة مؤقتة نتيجة "تأثير فترة الأساس" والصدمات السابقة التي بدأت تتلاشى تدريجيًا، مشيرا أن البيانات الأخيرة تشير إلى تباطؤ نسبي في وتيرة التضخم مقارنة بذروته في سبتمبر 2023، ومع السياسات النقدية التيسيرية الأخيرة – مثل خفض الفائدة – يبدو أن هناك ثقة مبدئية لدى صانعي القرار في قدرة الاقتصاد على امتصاص هذه الضغوط.
ويؤكد أبو الفتوح في نهاية حديثه إلى «بلدنا اليوم» أن النصف الثاني من 2025 سيشهد انخفاض التضخم بشكل ملموس بالتوازي مع تراجع أثر الصدمات الحالية واستقرار أسعار الطاقة عالميًا. لكن يظل العامل الحاسم هو استمرار البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية بمرونة، والتزام الحكومة بسياسات مالية منضبطة لا تؤدي إلى زيادات سعرية جديدة.