بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

باحث سياسي وسفير سابق يكشفان أبعاد المشروع التركي بسوريا: «أنقرة تنافس إسرائيل» (خاص)

السفير الروسي السابق
السفير الروسي السابق ألكسندر زاسبكين والدكتور سمير أيوب

يعود الملف السوري إلى الواجهة لا من باب التسوية أو الإعمار بل من بوابة الصراع المفتوح على النفوذ والمصالح وفي هذا المشهد المضطرب يبرز الدور التركي كأحد أبرز اللاعبين الذين تجاوزوا مرحلة "الجار القلق" إلى فاعل مباشر يرسم ويؤثر في ملامح المرحلة السورية القادمة.

وبعد اندلاع الأزمة لم تعد تركيا مجرد وسيط أو ممر عبور بل تحولت إلى قوة ميدانية تتحكم بجزء من الأراضي السورية، وتدير خيوط اللعبة من خلال جماعات مسلحة وقوى محلية موالية، هذا التحول التركي  السياسي والعسكري بات يثير تساؤلات جوهرية حول أهداف أنقرة الحقيقية، وحدود طموحاتها، وأثر تدخلها على وحدة سوريا ومستقبلها السياسي.

«بلدنا اليوم» تواصلت مع اثنين من أبرز المتابعين لتفاصيل المشهد السوري “الدكتور سمير أيوب، الباحث في الشؤون الروسية والمقيم في موسكو، والسفير الروسي السابق في لبنان ألكسندر زاسبكين”، إذ قدما تحليلاً مشتركاً يكشف أبعاد المشروع التركي في سوريا، وسبل مواجهته عربياً، في ضوء الانقسامات الإقليمية والصراع المتصاعد على الجغرافيا السورية.

تأجيج الصراع السوري

وقال الدكتور سمير أيوب، الباحث المتخصص بالشؤون الروسية والمقيم في موسكو، لـ «بلدنا اليوم»، إن تركيا لعبت دورًا سلبيا بارزا في تأجيج الصراع السوري منذ بداياته، مشيرا إلى أن أنقرة استغلت موقعها الجغرافي وحدودها الطويلة مع سوريا لدعم الجماعات المسلحة، لافتًا إلى أنها فتحت أراضيها لعبور آلاف المرتزقة الأجانب إلى الداخل السوري.

وأكد أيوب، أن تركيا كانت لها أهداف واضحة داخل سوريا، فالنظام السابق لبى معظم مطالبها المتعلقة بالأحزاب الكردية والتنظيمات الانفصالية في شمال وشرق البلاد، وهو ما جعل أنقرة راضية في تلك المرحلة.

وشدد على أن تركيا بدأت تسعى لتوسيع نفوذها واللعب دور أكبر داخل سوريا، حتى وصل الأمر إلى إحتلال مباشر لأراضٍ سورية عبر تدخل عسكري مكشوف.

دعم الجماعات إلى التحكم بالمشهد السياسي

ونوه بأن الدور التركي لم يقتصر على الدعم اللوجستي وفتح الحدود فقط، بل امتد إلى دعم تنظيمات مثل "هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، مضيفًا أن تركيا ساهمت في صعود أبو محمد الجولاني، الذي بات يهيمن على مناطق واسعة شمال سوريا، وكأنه الحاكم الفعلي هناك.

وأوضح أن أنقرة تسعى لإضعاف أي نظام سوري يمكن أن يشكل تحديًا لنفوذها، كما أنها تواصل الضغط على السلطات السورية الجديدة لدفعها إلى مواجهة مع الحركات الكردية، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، خاصة مع وجود القوات الأمريكية الداعمة لتلك الوحدات في المنطقة.

وحذر أيوب، من أن تركيا تبدو وكأنها تتنافس مع الكيان الإسرائيلي على النفوذ داخل سوريا، عبر دعم جماعات انفصالية أو جماعات مسلحة يمكن استخدامها مستقبلًا كأدوات نفوذ.

وقال الصراع الطائفي والمذهبي في سوريا فتح شهية الدول الطامعة بها، وتركيا اليوم تحاول أن تجعل من سوريا إمارة تابعة لها.

عودة الدور العربي ضرورة لاحتواء التدخلات الخارجية

وشدد أيوب على أهمية إستعادة سوريا لعلاقاتها مع العالم العربي خصوصا مع المملكة العربية السعودية ومصر، مشيرا إلى أن فتح قنوات التواصل مع النظام الجديد في سوريا تأخر، لكنه جاء في توقيت حاسم، داعيا إلى دعم هذا النظام لإبعاده عن التأثير التركي وتثبيت السيادة السورية.

وأضاف أن على السلطات الجديدة في دمشق التركيز على مبدأ المواطنة وتعزيز الشراكة الوطنية بين جميع الطوائف والتنظيمات، إلى جانب تعزيز العلاقات مع الدول العربية، وعدم الانجرار وراء السياسات التركية التي قد تزيد من عزلة سوريا دوليًا.

 

زاسبكين: تركيا عززت نفوذها والتحولات مرتبطة بالصراع الإقليمي

من جانبه أشار السفير الروسي السابق في لبنان، ألكسندر زاسبكين، إلى أن التغيرات الجوهرية في المنطقة، لا سيما الحرب الإسرائيلية الأخيرة على حماس ومحور المقاومة، ساهمت في إعادة تشكيل المشهد السوري، لافتًا إلى أن المجموعات المناهضة للنظام السوري، كهيئة تحرير الشام إستفادت من هذا المناخ بمساعدة تركية مباشرة، مما أدى إلى إضعاف النظام السابق.

وأكد زاسبكين أن تركيا استطاعت، في ظل هذه الأحداث، تعزيز نفوذها داخل سوريا، لا سيما في الملف الكردي، بما يتوافق مع مصالحها الجيوسياسية.

كما شدد على أن أنقرة تسعى إلى إستعادة جزء من نفوذها التاريخي المرتبط بالإرث العثماني، وهو ما يفسر تمسكها بالتغلغل داخل الأراضي السورية.

التحولات القادمة مصالحات أم إنفجار؟

ونوه زاسبكين، بأن الصراع الحالي في الشرق الأوسط ليس فقط عسكريًا، بل إستراتيجيًا بامتياز، محذرا من أن الحديث عن نتائج نهائية أو بعيدة المدى لا يزال سابقا لأوانه.

وقال إن الأوضاع قد تتجه إما نحو الإستقرار والمصالحات، أو قد تنفجر بفعل الخلافات المتصاعدة بين القوى الإقليمية الأساسية.

وأضاف أن السيناريو الأقرب للواقع، من وجهة نظره، هو إستمرار نهج التسويات العربية، بما في ذلك اتفاقات السلام مع إسرائيل، لكنه حذر في الوقت نفسه من تجاهل الطموحات التركية المتصاعدة، مؤكدًا أن تركيا ستواصل سعيها لتحقيق أجندتها الجيوسياسية الخاصة، وإن تطلب ذلك تغيير ميزان القوى داخل سوريا.

تم نسخ الرابط