بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

ماكرون يلوح بـمظلة نووية أوروبية: بين طموح الردع ومخاوف الإنقسام(خاص)

أستاذ علاقات دولية لـ«بلدنا اليوم»: العقيدة النووية الفرنسية قائمة على الردع الدفاعي

الدكتور عبدالله نعمة
الدكتور عبدالله نعمة

طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تطور لافت يعيد إلى الواجهة مفاهيم الردع النووي، فكرة توسيع المظلة النووية الفرنسية لتشمل أوروبا بأكملها، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تحمل أبعادًا سياسية وعسكرية حساسة في ظل تزايد القلق من التهديدات الأمنية في القارة العجوز.

في هذا السياق، قال الدكتور عبد الله نعمة، أستاذ العلاقات الدولية، في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، إن إعادة إحياء فكرة المظلة النووية الفرنسية تعكس رغبة باريس في لعب دور مركزي في الدفاع الأوروبي، خصوصًا مع تزايد الشكوك الأوروبية حيال مدى التزام الولايات المتحدة بالحماية الأطلسية.


ترسانة نووية فرنسية لكن بحجم محدود

ولفت الدكتور نعمة إلى أن العقيدة النووية الفرنسية لطالما كانت قائمة على الردع الدفاعي البحت، أي أن استخدامها مشروط فقط بمحاولة الاعتداء على المصالح الحيوية لفرنسا.
وأضاف أن الترسانة النووية الفرنسية، بالرغْم من أهميتها الرمزية، تبقى محدودة بالمقارنة مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، إذ تمتلك فرنسا نحو 300 رأس نووي مقابل أكثر من 5,000 رأس تمتلكها موسكو.

من المظلة الأمريكية إلى البديل الفرنسي هل هو ممكن فعلاً؟

وأشار  نعمة إلى أن الحديث عن استبدال المظلة النووية الأميركية بتلك الفرنسية ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، فالمسألة تتجاوز مجرد توفر الأسلحة إلى عمق التفاهمات العسكرية والقدرات اللوجستية والبنية التحتية المرتبطة بحلف الناتو.

وأوضح أن أي قرار إستراتيجي من هذا النوع يتطلب أولًا تراجعا أميركيا صريحًا عن التزاماتها الدفاعية، وهو ما لم يحدث فعليًا حتى اللحظة، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت تصريحات ماكرون مجرد رسالة سياسية موجهة لإدارة ترامب لتحفيزها على عدم الانكفاء عن أوروبا.


جدل أوروبي واسع وألمانيا وبولندا على طرفي النقيض

ونوه نعمة بأن طرح ماكرون أثار انقساما داخل العواصم الأوروبية، حيث أبدت ألمانيا دعمًا مشروطًا للفكرة، بينما خرجت بولندا بتصريحات مثيرة تشير إلى رغبتها في امتلاك سلاح نووي خاص بها، ما يعكس حالة من عدم الثقة في الحلول الجماعية.

وأكد أن تحقيق هذا السيناريو يتطلب مواءمة واسعة بين السياسات الدفاعية للدول الأوروبية، وهو أمر لم يتبلور بعد، كما أن أي تحرك باتجاه تكامل نووي أوروبي سيصطدم حتما بمواقف معارضة من دول تخشى من عسكرة السياسة الخارجية الأوروبية.


روسيا في المعادلة وموازين القوى ليست في صالح أوروبا

وشدد نعمة على أن حسابات الردع لا تتعلق فقط بالرغبة السياسية، بل أيضًا بالتفوق الكمي والتقني، مضيفًا أن روسيا تمتلك قدرات نووية هائلة ومتنوعة تجعل من الصعب على فرنسا حتى في حال تطوير ترسانتها  أن تؤمن حماية شاملة لكافة أراضي الاتحاد الأوروبي.

وقال إذا ما قررت واشنطن بالفعل الانسحاب من الالتزام بأمن أوروبا، فسيتعين على فرنسا مواجهة حقيقة أن حماية القارة بأكملها تختلف جذريا عن الدفاع عن أراضيها فقط، وهو ما قد يفتح الباب أمام سباق تسلح نووي داخل القارة لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة.

تم نسخ الرابط