بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

القاهرة تهتز مجددًا.. وزلزال كريت يعيد المخاوف القديمة

الزلازل تطرق الأبواب مجددًا.. خبراء يوضحون: هل مصر آمنة؟| تقرير خاص

زلزال
زلزال

استفاق المصريون اليوم على وقع اهتزازاتٍ مفاجئة أيقظت في نفوسهم القلق والتساؤلات، بعد أن ضرب زلزال بقوة 6.52 درجة على مقياس ريختر جزيرة كريت اليونانية، وشعر به سكان عدد من المحافظات المصرية، خاصة في القاهرة الكبرى والسواحل الشمالية،وبينما تسارعت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت الجهات الرسمية أن الهزة الأرضية لم تسفر عن أي خسائر، وأن مصر لا تزال بمنأى عن دائرة الخطر الزلزالي المباشر.

 

 

أكد الدكتور شريف الهادي رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن الزلزال الذي وقع صباح اليوم في تمام الساعة السادسة و19 دقيقة, لم يكن له أي تأثير سلبي على مصرولم يسفر عن أي خسائر في الأرواح أو الممتلكات أو البنية التحتية.

 

وأوضح الهادي في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم" أن المواطنين شعروا فقط بالهزة الأرضية، خاصةً في الطوابق العليا، مرجعًا ذلك إلى طبيعة التربة الطينية الهشة التي تُميز مناطق دلتا النيل والقاهرة الكبرى وما يحيط بها. 

 

وأضاف رئيس قسم الزلازل أن هذا النوع من التربة يعمل على تضخيم الإحساس بالزلازل، خصوصًا في حالة الزلازل العميقة مثل زلزال اليوم، الذي بلغ عمقه حوالي 70 كيلومترًا,مشيرًا أن هناك مناطق بعينها في مصر تكون أكثر عرضة لتأثير الزلازل مقارنة بغيرها، لا سيما المناطق التي تحتوي على تربة طينية، إذ تُضخم هذه التربة من أثر الهزات الأرضية. 

 

ولفت إلى أن مناطق مثل البحر الأحمر والساحل الشمالي تُعد من المناطق النشطة زلزاليًا لقربها من الأحزمة الزلزالية التي تمر عبر البحر الأحمر وتمتد إلى مناطق أخرى.

 

وبيّن  الهادي أن زلازل البحر الأحمر عادة ما تكون أقل تأثيرًا مقارنة بزلازل البحر المتوسط، حيث تُسجل زلازل المتوسط درجات أعلى من النشاط والفاعلية، ما يجعل تأثيرها محسوسًا بشكل أكبر.

 

وأضاف أن المركز القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، بالتعاون مع مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، يعملان على إصدار بيانات دورية وفورية حول النشاط الزلزالي، كما أعدّا كتابًا شاملًا يتضمن جميع المعلومات المتعلقة بالزلازل في مصر، منها درجات الخطورة، وإرشادات السلامة، وكيفية تصرف المواطنين أثناء حدوث الزلازل، إضافة إلى قيم الاستحضار الزلزالي وطرق الوقاية والوعي المجتمعي.

 

وأوضح رئيس قسم الزلازل, أن زلزال 22 نوفمبر لسنة 1995، الذي وقع في منطقة خليج العقبة، يُعد من أقوى الزلازل التي شهدتها المنطقة، إذ بلغت قوته 7.2 درجة على مقياس ريختر, وقد شعر به المواطنون في مصر والأردن والسعودية، إلا أن مصر لم تتكبد خسائر كبيرة بسببه، نظرًا لأن مركز الزلزال كان في منطقة بعيدة عن الكتل السكانية.

 

وأكد  أن التأثير التدميري للزلازل لا يرتبط فقط بقوتها، بل يتأثر بعوامل أخرى عديدة مثل عمق الزلزال، وبعده أو قربه من المناطق المأهولة بالسكان، وطبيعة التربة، وجودة البنية التحتية. فحتى الزلازل التي تُسجل درجات متوسطة على مقياس ريختر قد تُحدث دمارًا واسعًا إذا وقعت في مناطق غير مؤهلة إنشائيًا أو ذات بنية ضعيفة.

 

وشدد على أهمية التوعية المجتمعية والتجهيزات الهندسية المناسبة، لمواجهة أي زلازل مستقبلية، لا سيما في المناطق المعرضة للنشاط الزلزالي، مؤكدًا أن العلم والتخطيط يمكن أن يقللا من آثار الكوارث الطبيعية بشكل كبير.

 

 

خبير جيولوجي يُحذّر

وكشف الخبير الجيولوجي الدكتور محمد الجزار أن الموقع الجغرافي لمصر يمنحها خصوصية جيولوجية نادرة، إذ تتبع ثلاث قارات رئيسية هي آسيا وأوروبا وأفريقيا, موضحًا أن ذلك يرجع إلى إلى تحركات القارات عبر العصور الجيولوجية، حيث كانت منطقة البحر المتوسط في الأصل يابسة ممتدة، ولكن مع الزمن ونتيجة لتباعد الكتل القارية، انهارت هذه المنطقة، مما أدى إلى تشكّل فوالق ضخمة وعميقة تحت سطح الأرض.

 

وأضاف الجزار في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم" أن هذه الفوالق، التي تعد نتاجاً لتحركات القشرة الأرضية وانزياح الصفائح التكتونية، تكون عادة في حالة كمون، لكنها عند تعرضها لأي ضغط أو تغيير في التوازن تبدأ في التحرك، وهو ما ينتج عنه الزلازل,مشيرًا ن هذه التحركات لا تكون بالضرورة مفاجئة أو كبيرة في كل مرة، لكنها مع مرور الزمن قد تتراكم مسببة هزات أرضية محسوسة.

 

وشدد الدكتور الجزار على أهمية الاستعداد الجيد لمواجهة الكوارث الطبيعية، خاصة في المناطق المعروفة بنشاطها الزلزالي أو القريبة من الفوالق الأرضية، داعيًا إلى ضرورة إنشاء نقاط استرشادية في هذه المناطق تكون مجهزة بالأنظمة الحديثة لرصد الزلازل، إلى جانب توعية السكان بكيفية التصرف أثناء وقوع زلزال، لضمان تقليل الخسائر البشرية والمادية.

 

وحذر الجزار من أن منطقة الساحل الشمالي أصبحت في وضع حرج جيولوجيًا، نظرًا للضغط الهائل الناتج عن التوسع العمراني والمشروعات الضخمة التي تُنفذ هناك,مؤكدًا أن هذه الأحمال الكبيرة قد تخل بتوازن القشرة الأرضية في تلك المنطقة، مما يزيد من احتمالية حدوث زلازل.

 

وكشف الجزار أن إثيوبيا معرضة لحدوث ما يقرب من 3 آلاف زلزال سنويًا، إلا أنها تكون زلازل ضعيفة في الغالب ولا تُحدث أضرارًا تذكر. وبيّن أن هذه الظاهرة تعكس طبيعة النشاط التكتوني في المنطقة، حيث تعتبر شرق أفريقيا واحدة من المناطق النشطة جيولوجيًا بسبب التصدع القاري العظيم.

 

 

 

زلازل شهدتها مصر عبر السنوات

 

1847: مأساة الفيوم الأولى

في منتصف القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1847، تعرضت مصر لهزة أرضية عنيفة ضربت جنوب غرب العاصمة، وأثّرت بشكل مباشر على محافظة الفيوم, كان الزلزال بمثابة الكارثة الأولى التي سُجلت في مصر الحديثة، حيث خلف وراءه مئات الضحايا بين قتيل وجريح، إضافة إلى عدد كبير من المشردين، وظل حاضرًا في الذاكرة الشعبية كإحدى أقسى الكوارث الطبيعية.

 

1903: الزلزال الذي غيّر المشهد 

شهدت البلاد في عام 1903 زلزالًا عنيفًا، يُعدّ من أكبر الكوارث الطبيعية التي عرفتها مصر، حيث أودى بحياة نحو 10 آلاف شخص,و لم يكن هذا الحدث مأساويًا فقط، بل شكّل أيضًا نقطة تحوّل في الاهتمام العلمي برصد الزلازل، فكان المحفز الرئيسي لإنشاء أول مركز لرصد النشاط الزلزالي في مصر، وهو مرصد حلوان.

 

1969: اهتزازات البحر الأحمر

في عام 1969، وقعت هزة أرضية قوية بلغت شدتها 6.9 درجات، مركزها جزيرة شدوان الواقعة في البحر الأحمر,حيث امتدت آثار الزلزال لتشمل أغلب محافظات مصر، كما شعر به سكان دول مجاورة مثل السودان، إثيوبيا، وفلسطين. وعلى الرغم من قوة الزلزال، لم يتم تسجيل خسائر في الأرواح، لكن الأرض في المنطقة أظهرت تشققات واضحة.

 

1981: زلزال قرب السد العالي

سُجلت في عام 1981 هزة أرضية قرب بحيرة السد العالي، بقوة بلغت 5.6 درجات, رغم القلق الذي أثاره هذا الزلزال، فإن البنية الإنشائية للسد أثبتت صلابتها، حيث صُمم ليتحمل زلازل تصل قوتها إلى 8 درجات، مما حال دون وقوع أي كارثة.

 

1992: الرعب في قلب القاهرة

في 12 أكتوبر 1992، استيقظت مصر على زلزال ضرب منطقة دهشور، وبلغت قوته 5.6 درجات، لكنه كان مدمّرًا, لقي أكثر من 540 شخصًا حتفهم، وأصيب الآلاف، كما انهارت مئات المنازل والمدارس، خاصة في القاهرة الكبرى والفيوم, هذا الزلزال ظل محفورًا في ذاكرة المصريين بسبب الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي تسبب بها.

 

1995: الزلزال الأعنف في نويبع

في نوفمبر 1995، هز زلزال عنيف منطقة نويبع بالبحر الأحمر، وبلغت قوته 7.2 درجات, ورغم محدودية عدد الضحايا، حيث توفي 5 أشخاص وأصيب العشرات، إلا أن هذا الزلزال سُجّل كأحد أقوى الزلازل في تاريخ مصر الحديث من حيث الشدة.

 

1997: هزة دون آثار تُذكر

في يناير 1997، شعرت العاصمة القاهرة بهزة أرضية جديدة بقوة تقترب من 6 درجات، لكنها لم تسفر عن أي أضرار بشرية أو مادية تُذكر.

تم نسخ الرابط