بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

"رحلة في مدن كفر الشيخ" دسوق.. حكاية مدينة تعرف كيف تترك أثرها

"رحلة في مدن كفر الشيخ" دسوق.. حكاية مدينة تعرف كيف تترك أثرها

عزيزي قارىء “بلدنا اليوم” سآخذك معي في رحلات إلى مدن كفر الشيخ، لا لتقرأ عنها فقط، بل لتراها بعين الخيال وكأنك تمشي في شوارعها وتشم هواءها.

سوف نذهب سويا لنغوص كل يوم في أعماق مدنها نتعرف على معالمها ومراكزها وشوارعها وقيمها التاريخية والتراثية، حتى البعض كان يظن أن كفر الشيخ تعني الزراعة ومزارع الأسماك فحسب، لكنها في الحقيقة تحمل الكثير مما هو أبعد من ذلك من الناحية الحضارية والتجارية.

وتحت عنوان “ رحلة في مدن كفر الشيخ” تكن البداية في أشهر مدنها وأوسعها ذكرًا " مدينة دسوق" أعرق المدن وعاصمة كفر الشيخ الثانية، تلك المدينة التي جمعت ما لا يُجمع بسهولة.. بين الروحانية التي تسكن ضريحًا يزوره الآلاف، والحيوية التي تدبّ في أوصال أسواقها وشوارعها كل صباح.

نيلٌ وهدوء
حين تصل إلى دسوق، لا تحتاج إلى خريطة لتفهمها. النيل هناك هو الدليل، ينساب بهدوء على الضفة الشرقية للمدينة، ويقابلها الناس بنفس الهدوء.. جلسات أسرية، أحاديث مسائية، وابتسامات هادئة على وجوه الكبار والصغار.

نيل دسوق
نيل دسوق

على كورنيش النيل، تمتد حديقة عامة صغيرة لكن ذات قلب واسع، يكفي أن تجلس على أحد مقاعدها الحجرية لتفهم كثيرًا من شخصية المدينة "البساطة، الألفة، والسكينة التي لا تُشترى".
المكان مرتفع قليلًا عن سطح النهر، فتبدو المراكب الصغيرة كأنها تتحرك في لوحة فنية، وأصوات المآذن من بعيد تضيف لمسة من التصوف الهادئ، هنا، لا شيء يُستعجل.. حتى الوقت الذي يهرب ننك تتمن أن يأخذ أنفاسه على مهل.

شارع الجيش.. هنا تنبض دسوق
لكن المدينة ليست كلها هدوءًا، ما إن تبتعد قليلاً عن الكورنيش، حتى تدخل في قلب الحدث، شارع الجيش، الشريان الرئيسي للمدينة.

شارع الجيش بدسوق
شارع الجيش بدسوق


طويل ومتعدد الوجوه، يبدأ من الجنوب ويخترق المدينة حتى أطرافها، مارًّا بالبنوك، المصالح الحكومية، المراكز التعليمية، والمحال التي لا تغلق أبوابها قبل منتصف الليل.

هنا ترى كل شيء "طلاب المدارس، أصحاب الورش، سيدات يحملن أكياس التسوق، وشبابًا يتجمعون على المقاهي يتبادلون الحديث حول الكرة أو الغلاء أو الحياة... كما يحدث في أي مدينة مصرية".


شارع سعد زغلول.. سوق لا ينم
أما إذا أردت أن ترى قلب التجارة الحقيقي في دسوق، فعليك بشارع سعد زغلول، المتفرع من شارع الجيش،
هنا لكل محل حكاية، من محال الذهب إلى بائعي الأحذية، من أقدم المخابز التي ما زالت تستخدم الفرن البلدي، إلى العطّارين الذين يحتفظون بروائح الزمن في زجاجات صغيرة.

شارع سعد زغلول بدسوق
شارع سعد زغلول بدسوق

وما إن يحل يوم الجمعة، حتى يتوسع السوق ليحتل أزقةً جانبية وساحة مخصصة، ويتحوّل المشهد إلى مهرجان شعبي حقيقي. الناس من القرى المجاورة يتدفقون للبيع والشراء، وهنا لا تُباع السلع فقط، بل تُباع الذكريات معها.

ضريح إبراهيم الدسوقي.. قبلة المتصوفين

مسجد إبراهيم الدسوق
مسجد إبراهيم الدسوق


ولا يمكن أن نكتب عن دسوق دون المرور بمقام سيدي إبراهيم الدسوقي، قطب الصوفية وأحد رموز التسامح الديني في التاريخ المصري.
المسجد الذي يطل بعمارته الإسلامية المهيبة على المدينة، ويستقبل زوّاره بروحانية تشبه الهدوء الذي يسكن القلوب قبل الأماكن, وتاسع أشهر المساجد بالعالم الإسلامي.

مولده السنوي هو من أكبر المواسم الصوفية في مصر، ويجذب الآلاف، لا لطلب البركة فقط، بل لإحياء طقس شعبي وروحي متجذر.

مدينة لا تعرف كيف تصفها
دسوق ليست مدينة صاخبة، لكنها ليست نائمة. هي مدينة "تمشي على مهل"... كأنها تتريّث في كل شيء، لا تتعجل زائرًا ولا تُثقل على مقيم، تترك فيك أثرًا لا تدري من أين أتى، ربما من النيل، أو من كرم الباعة، أو من صوت الأذان المتداخل مع ضحك الأطفال في الحديقة، أو من رائحة الخبز في شارع سعد زغلول المجاور لمسجد الدسوقي.

تطوير المدينة وتجديد معالمها
المدينة تشهد حاليًا جهودًا في التطوير وتحسين البنية التحتية، إعادة رصف الشوارع، توسعة الكورنيش، وتجهيزات لاستقبال مولد سيدي إبراهيم في شهر أكتوبر القادم بنسخة أكثر تنظيمًا، حيث جاري العمل في الميدان التابع للمسجد وأوشكت الأعمال على إعلان الانتهاء منها وافتتاحه رسميًا من جديد.

هذا وغيره تعد من المحاولات لأن تأخذ دسوق مكانتها الطبيعية كمدينة تجمع بين الطبيعة الجذابة والمستقبل المشرق.


في التقرير القادم، نذهب بكم إلى مدينة جديدة من مدن كفر الشيخ نتعرف على أهم وأبرز معالمها.

تم نسخ الرابط