قصر الأميرة فاطمة الزهراء.. متحف المجوهرات الملكية وسحر التاريخ المصري

في قلب حي زيزينيا الراقي بمدينة الإسكندرية، يقع واحد من أجمل المعالم الأثرية التي خلفتها الحقبة الملكية في مصر، وهو متحف المجوهرات الملكية. هذا الصرح المميز لا يقتصر على كونه مستودعًا للذهب والأحجار الكريمة، بل هو أيضًا شاهد حي على تاريخ الأسرة العلوية التي حكمت مصر منذ أوائل القرن التاسع عشر.
المتحف كان في الأصل قصرًا فخمًا بُني في عام 1919، وكان ملكًا للأميرة فاطمة الزهراء، إحدى أميرات أسرة محمد علي. يتميز القصر بتصميمه المعماري المبهِر المستوحى من الطراز الأوروبي في القرن التاسع عشر، وتحديدًا الطرز المعمارية التي كانت سائدة في القصور الفرنسية والإيطالية آنذاك. من الداخل، تزينت جدرانه وسقوفه بزخارف فنية دقيقة ولوحات ملونة تعكس الذوق الأرستقراطي الرفيع.
يُعد هذا القصر اليوم واحدًا من أهم المتاحف المتخصصة في عرض مجوهرات العائلة المالكة في مصر، حيث يضم المتحف ما يزيد عن 11,500 قطعة من المجوهرات والمقتنيات الثمينة التي كانت تزيّن أفراد الأسرة العلوية، بداية من مؤسس السلالة محمد علي باشا، مرورًا بالملوك والأمراء مثل الملك فؤاد الأول والملك فاروق، ووصولًا إلى الأميرات وزوجات الملوك.
من أبرز المقتنيات داخل المتحف: تيجان مرصعة بالألماس، ساعات جيب فاخرة، قلادات ذهبية، أطقم فريدة مصنوعة من الأحجار الكريمة، أدوات زينة فضية وذهبية، وأوانٍ وتحف مصنوعة بدقة متناهية. كل قطعة تحكي قصة من زمن كانت فيه المجوهرات رمزًا للسلطة والهيبة الملكية.
وقد تحوّل هذا القصر إلى متحف رسمي في عام 1986، ليصبح مقصدًا لمحبي التاريخ والفن والترف الملكي. أما المقتنيات المعروضة فقد تم التحفّظ عليها بعد ثورة 23 يوليو 1952، التي أنهت الحكم الملكي في مصر، وتمت مصادرتها كجزء من ممتلكات الدولة. وفي عام 1999، تم تسجيل القصر رسميًا كمتحف تحت إشراف وزارة الثقافة، ليظل منارة ثقافية وسياحية بارزة في مدينة الإسكندرية، وكنزًا فنيًا يعكس أناقة الماضي الملكي بكل ما فيه من فخامة وتفاصيل ساحرة.
تم تقسيم المتحف إلى عشر قاعات رئيسية، تُعرض فيها المقتنيات حسب التسلسل الزمني أو حسب الشخصيات الملكية التي كانت تملكها. وهو لا يقدم فقط تجربة بصرية استثنائية، بل يمنح زائريه فرصة نادرة للغوص في تاريخ العائلة المالكة من خلال القطع التي كانت جزءًا من حياتهم اليومية.