زلازل شرق المتوسط.. رسائل إلهية

تشهد الأيام الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في النشاط الزلزالي في عدة مناطق حول العالم، وخاصة في منطقة شرق البحر المتوسط، مما أثار قلق المواطنين والخبراء على حد سواء. وكان آخر هذه الهزات زلزالًا وقع فجر اليوم الثلاثاء.
الزلزال الأخير شعر به سكان عدة محافظات مصرية، ليُضاف إلى سلسلة من الهزات الأرضية التي ضربت المنطقة خلال الأسابيع الماضية.
ويستمر النقاش حول العلاقة بين البُعد الإيماني والكوارث الطبيعية، مما جعل هذا الموضوع محط اهتمام علماء الدين والجيولوجيين. فهل الزلازل مجرد ظواهر طبيعية ناتجة عن حركة الصفائح التكتونية، أم أنها رسائل إلهية تحمل دلالات روحية؟
سلسلة هزات متتالية
لم يكن زلزال الثلاثاء هو الحدث الوحيد في المنطقة، فقد سبقته هزات أخرى خلال الأيام الماضية؛ إذ سجلت محطات الرصد هزة أرضية بقوة 3.3 درجة على مقياس ريختر يوم الأحد، 1 يونيو 2025، على بُعد 44 كيلومترًا شمال غرب الغردقة. كما شهدت مصر يوم الإثنين، 2 يونيو 2025، ثلاث هزات أرضية في الغردقة ومرسى مطروح والقاهرة خلال ساعتين فقط، مما زاد من حالة القلق بين السكان.
طبيعية أم ربانية؟
في هذا السياق، يبرز تساؤل جوهري: هل الزلازل ظاهرة طبيعية محكومة بقوانين الجيولوجيا، أم أنها رسائل إلهية تحمل دعوة للتأمل والتوبة؟
يرى الدكتور أحمد الملاعبة، خبير الجيولوجيا والتغيرات المناخية، أن هذه الظواهر تجمع بين البُعدين؛ حيث يمكن أن تكون نتيجة قوانين طبيعية، بينما تحمل في طياتها رسائل روحية تدعو إلى الرجوع إلى الله والإصلاح.
أسباب كثرة الزلازل
وأضاف الدكتور أحمد الملاعبة أن زيادة النشاط الزلزالي ترجع إلى الحركة المستمرة للصفائح التكتونية، خاصة في المناطق القريبة من حدود الصفيحة الإفريقية والأوراسية، مثل شرق البحر المتوسط وبحر البوران.
وأشار إلى أن الدراسات توضح أن هذه المناطق تشهد نشاطًا زلزاليًا مستمرًا بسبب التصادم والانزلاق بين الصفائح، مما يؤدي إلى تحرير الطاقة المختزنة على شكل هزات أرضية.
هل هناك كارثة وشيكة؟
ونفى الخبير الجيولوجي وجود دلائل علمية قاطعة تشير إلى كارثة زلزالية وشيكة. ومع ذلك، حذر من أن المناطق ذات النشاط التكتوني العالي، مثل شرق البحر المتوسط، تظل عرضة للزلازل الكبيرة، مما يوجب تعزيز البنية التحتية المقاومة للزلازل وتطوير أنظمة الإنذار المبكر.
تأملات وتفسيرات
ويقدم الخبراء الدينيون رؤية تجمع بين التفسير الروحي والتوجيه الأخلاقي لفهم هذه الظواهر الطبيعية، مستندين إلى النصوص الدينية والتراث الإسلامي لتأطير هذه الأحداث، وذلك في ظل تزايد الهزات الأرضية خلال الأيام الأخيرة، وآخرها زلزال اليوم الثلاثاء، 3 يونيو 2025، الذي ضرب مناطق في شرق البحر المتوسط.
الزلازل في القرآن والسنة
قالت الدكتورة إلهام محمد شاهين، الأستاذة بجامعة الأزهر، إن القرآن الكريم تناول الزلازل كظاهرة طبيعية تحمل دلالات روحية. ففي سورة الزلزلة، يقول الله تعالى "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا"، مضيفة أن الزلازل ليست مجرد أحداث جيولوجية، بل هي آيات إلهية تُذكِّر الإنسان بعظمة الخالق وقدرته، وتدعوه إلى التوبة والاستغفار.
وأوضحت شاهين أنه كما ورد في السنة النبوية، فإن الزلازل قد تكون من علامات الساعة، فعن النبي ﷺ أنه قال: “لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل" (رواه البخاري).
وترى أن هذا الحديث يشير إلى أن تزايد الزلازل قد يكون علامة على اقتراب أحداث كبرى، لكنه لا يعني بالضرورة نهاية العالم المباشرة، بل هو دعوة لليقظة الروحية.
تفسير ديني لكثرة الزلازل
وأضافت الدكتورة إلهام أن الزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية هي تذكير من الله لعباده بضرورة العودة إليه، والتوبة من الذنوب، وإصلاح ما بين الإنسان وربه، وما بين الناس أنفسهم.
وأكدت أن هذه الظواهر ليست عقوبة حتمية، بل قد تكون ابتلاءً للمؤمنين، أو تحذيرًا للغافلين.
وأشارت الأستاذة بجامعة الأزهر إلى أن الزلازل تحمل رسالة إلهية للتأمل في نِعَم الله، حيث إن استقرار الأرض نعمة عظيمة قد يغفل عنها الإنسان.
ولفتت إلى أن استمرار الحياة بعد الزلازل دليل على رحمة الله، داعيةً إلى الاستغفار والدعاء كوسيلة لدفع البلاء.