بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

عيد وجمعة في يوم واحد.. هل تسقط الجمعة أم تبقى فريضة؟

عيد وجمعة في يوم
عيد وجمعة في يوم واحد

يثير تزامن يوم العيد مع يوم الجمعة تساؤلات كثيرة بين المسلمين حول حكم صلاة الجمعة، وما إذا كانت تسقط بصلاة العيد أم يجب إقامتها.

 فقهاء المذاهب الإسلامية تناولوا هذه المسألة بنقاشات مستفيضة، استنادًا إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وآراء السلف الصالح، ليخرجوا بأحكام توازن بين الالتزام بالفريضة والتيسير على المسلمين.

الإطار الشرعي لصلاة الجمعة والعيد

صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل مقيم، استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (الجمعة: 9)، أما صلاة العيد، فهي سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء، وواجبة عند بعضهم، كما في المذهب الحنفي وبعض أقوال السلف، وعند اجتماع الصلاتين في يوم واحد، يبرز الخلاف حول ما إذا كانت صلاة العيد تكفي عن صلاة الجمعة أو الظهر.

آراء الفقهاء

اختلف العلماء في حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد على قولين رئيسيين، عدم سقوط صلاة الجمعة، حيث يرى الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية أن صلاة الجمعة فريضة لا تسقط بصلاة العيد، لأن الأخيرة سنة مؤكدة، والسنة لا تسقط الفريضة، ويستدلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤدي الصلاتين معًا، كما روى النعمان بن بشير في صحيح مسلم: «كان النبي يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ{سبح} و{الغاشية}»، وهذا يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الصلاتين في يوم واحد، كما أن القرآن لم يستثنِ يوم العيد من وجوب الجمعة.

الرخصة في ترك الجمعة

ذهب الحنابلة وبعض السلف إلى وجود رخصة لمن حضر صلاة العيد أن يترك صلاة الجمعة ويصلي الظهر بدلاً منها، ويستندون إلى حديث أبي هريرة الذي رواه أبو داود وابن ماجة: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون»، كما روى أحمد عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شاء أن يجمع فليجمع»، وهذه الأحاديث تشير إلى جواز ترك الجمعة لمن صلى العيد، مع وجوب صلاة الظهر.

موقف الإمام والمساجد

يؤكد العلماء على وجوب إقامة صلاة الجمعة في المساجد من قبل الأئمة، حتى لو كان العيد في نفس اليوم، لأن الرخصة في ترك الجمعة تخص الأفراد وليست عامة، فالإمام مطالب بإقامة الجمعة لمن يرغب في حضورها أو لمن لم يصلّ العيد، ويستحب للمسلم أن يحضر الجمعة لما فيها من فضل عظيم، كسماع الخطبة والصلاة جماعة، كما أنها تكون كفارة للصغائر بين الجمعتين.

هل تسقط صلاة الظهر أيضًا؟

أما القول بأن صلاة العيد تسقط الجمعة والظهر معًا، فقد ذهب إليه بعض السلف مثل عطاء، لكنه رأي ضعيف وغير معمول به عند جمهور الفقهاء، ويؤكد العلماء أن وجوب الصلوات الخمس ثابت، ولا يجوز إسقاط الظهر إذا ترك المسلم صلاة الجمعة، لأن ذلك يخالف إجماع المسلمين على وجوب الخمس صلوات يوميًا.

رأي دار الإفتاء المصرية

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الأصل هو إقامة صلاة الجمعة في المساجد، لكن من تعذر عليه حضورها أو أراد الأخذ بالرخصة بعد صلاة العيد، فله أن يصلي الظهر بدلاً منها، دون إنكار على من يحضر الجمعة، مشددة على ضرورة مراعاة أدب الخلاف وعدم إثارة الفتنة في هذه المسألة التي وسعها السلف.

ممارسات الصحابة

روي عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما أنه جمع بين صلاة العيد والجمعة في يوم واحد، فصلاهما ركعتين بكرة، ولم يصل شيئًا حتى العصر، مما يشير إلى أن صلاة العيد قد تكون أجزأت عن الجمعة في بعض الحالات، لكن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن هذا الفعل كان موافقًا للسنة، مما يعزز فكرة وجود رخصة في بعض السياقات.

تزامن صلاة العيد مع يوم الجمعة يفتح باب الاجتهاد الفقهي بين الالتزام بالفريضة والأخذ بالرخصة، والراجح عند الجمهور أن صلاة الجمعة لا تسقط، لكن الرخصة متاحة لمن صلى العيد ليصلي الظهر بدلاً منها، مع استحباب حضور الجمعة لما فيها من فضل، ويبقى على المسلمين مراعاة أدب الخلاف والحرص على وحدة الصف، مع التأكيد على إقامة الجمعة في المساجد كشعيرة إسلامية عظيمة.

تم نسخ الرابط