بعد موافقة حماس.. هيئة دعم فلسطين تفضح «خديعة» المفاوضات

أعلن الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، أن مبادرة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كانت منحازة بالكامل لإسرائيل منذ بدايتها.
وأوضح أن هذه المبادرة “إطار الاتفاق” جرّت حركة حماس إلى مفاوضات دامت أكثر من ثلاثة أسابيع، قبل أن ترفضها الحكومة الإسرائيلية بشكل قاطع، مؤكدة أن ملاحظاتها بعيدة كل البعد عن محتوى المقترح الأصلي.
وأضاف عبد العاطي، في تصريح لبرنامج “ملف اليوم” المذاع على فضائية “القاهرة الإخبارية”، أن ويتكوف أوهم قادة حماس بجدية المقترح الأصلي طوال فترة التفاوض، قبل أن يعيده إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بناءً على ما ذكرته المصادر الصحفية الإسرائيلية، ليقوم نتنياهو بتعديله وإضفاء بنود صاغتها خارج إطار المقترح الأول يجعلها تخدم الأهداف الإسرائيلية بنسبة تتجاوز 90 بالمائة.
وأكد أنه بعد التعديل، تبنى المبعوث الأمريكي النص المعدل وأبلغه للأطراف الفلسطينية والإسرائيلية كأنه “النص النهائي والقطعي” دون أي ملاحظات أو صراعات لأطراف المعارضة.
وبالرغم من هذه التحريفات، أشارت حركة حماس إلى موافقتها المشروطة على المقترح بعد التشاور مع الفصائل الفلسطينية كافة.
وأكد عبد العاطي أن حماس وضعت ملاحظات رئيسية ثلاثة قبل مصادقتها، الأول يكمن في آلية إطلاق الأسرى: حيث طالبت بأن تتم عملية الإفراج عن الأسرى خلال ثلاث مراحل تفاديًا للتضحية بالقسم الأكبر من الأسرى منذ اليوم الأول حتى اليوم السادس من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تمتد مدته 60 يومًا.
والمهم في هذا البند هو اختبار حسن النية وإبقاء الضغط لحين تطبيق البنود بشكل متوازن ومتدرجة.
وأما الملاحظة الثانية فركزت على تعديل مصطلح “إعادة الانتشار” إلى “انسحاب إسرائيلي إلى خطوط الثاني من مارس”، وهو التاريخ الذي استأنفت فيه إسرائيل عدوانها على غزة وشن حرب إبادة مطلع مارس الماضي.
جاء هذا التعديل ليتوافق مع مطالبة المقاومة بخروج القوات الإسرائيلية من المواقع التي تقدمت إليها بعد أن انتهت آخر المهلة المحددة في ذلك الوقت.
وبالنسبة للملاحظة الثالثة، أوضح عبد العاطي أن حماس اشترطت أن تأتي المساعدات الإنسانية عبر آليات الأمم المتحدة والبروتوكول الإنساني السابق، وليس عبر “آلية المساعدات الأمريكية الإسرائيلية” التي أثبتت الوقائع أنها ترتبط بخطط عسكرية تتضمن “هندسة الإبادة الجماعية والتهجير القسري”، وتوجيه السكان لخدمة الأهداف العسكرية الإسرائيلية.
ولفت إلى أن مصادر متعددة أكدت أن هذه الآلية الجديدة تحاول فرض معايير إسرائيلية محضة على توزيع المساعدات، وهو ما يتناقض مع الاتفاقيات الإنسانية الدولية المعمول بها.
ومن جانبها، أكدت مصادر مقربة من مكتب المبعوث الأمريكي أن النسخة المعدلة من المقترح الإسرائيلي الأميركي تضمنت بنودًا إضافية تتعلق برفع القيود عن حركة دخول وخروج البضائع إلى معابر رفح وكيرم شالوم بما يشمل المواد الخام للصناعات الخفيفة والغذائية، مقابل تخفيف جزئي لإجراءات الحصار.
لكن هذه التفصيلات لم تكن كافية بالنسبة للفصائل الفلسطينية التي شددت على ضرورة حفظ كرامة الشعب الفلسطيني وإعادة تأهيل قطاع غزة اقتصاديًا واجتماعيًا قبل البناء على أي تفاهمات سياسية.
يأتي رفض إسرائيل الكامل للمقترح الأصلي وتعديلاته في وقت تعيش فيه غزة أكبر أزمة إنسانية، حيث تحولت معظم المستشفيات والمرافق إلى مكان للسكن المؤقت للعائلات النازحة، بينما يرزح القطاع تحت حصار خانق أدى إلى أزمة وقود وغذاء حادة.
ويقول مراقبون إن استمرار تعنّت نتنياهو ورفع سقف مطالبه سيؤجج المزيد من التصعيد ويعزز موقف المقاومة في رفض أي مقترح يتجاهل الحقوق الأساسية، أبرزها إطلاق الأسرى ورفع الحصار الجائر.
وأخيرًا، شدّد عبد العاطي على أن المبادرة الأمريكية في صيغتها المعدلة تحولت من حل وسطي إلى وثيقة دعم مقنع لأطروحات نتنياهو الأمنية والسياسية، ما لم يترك فسحة للتهدئة الحقيقية.
وطالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية خصوصًا بإعادة النظر في دورها كوسيط، والعمل على إطلاق مبادرة موضوعية تحترم قرارات الأمم المتحدة وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة دون إملاءات تجعل الاتفاق المحتمل مجرد غطاء سياسي لاحتلال يستمر في انتهاكاته بحق المدنيين.