بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

حكم صلاة الجمعة حال تزامنها مع يوم العيد.. هل يجوز أداء إحداهما فقط؟

دار الافتاء المصرية
دار الافتاء المصرية

أصدرت دار الفتوى المصرية بقيادة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مُفتي جمهورية مصر العربية، فتوى بشأن حكم صلاة الجمعة إذا أتت في يوم عيد أضحى أو عيد فطر، حيث أكدت الفتوى على أن صلاة الجمعة فرض، طبقاً للأية الكريمة رقم (9) في سورة الجمعة وهي: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

ولا يجوز التخلف عنها إلا للضرورة طبقاً لحديث رسول الله (صلعم)، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ، وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ). 

حكم صلاة العيد

تعتبر صلاة العيدين، الفطر أو الأضحى، سُنَّة مُؤَكَّدة على المختار للفتوى، طبقاً لرأي الامام بن مالك، والامام الشافعي، والامام أبو حنيفة، والإمام أحمد بن حنبل

يوم العيد في يوم الجمعة

إذا أتى يوم العيد يومَ الجمعة، فقد تباينت أراء الفقهاء الأربعة في إقامة صلاة وترك الأخرى، فقد أجمع فقهاء الحنفية والمالكية، والشافعية، لأهل المدن،  ولأهل القرى والمناطق البعيدة أيضًا، على أن صلاة الجمعة تجب ولا تسقط بصلاة العيد، فلا تسقط إحداهما بالأخرى إلَّا إذا وُجد عذر شرعيٌّ كنحو مرضٍ أو سفرٍ أو غير ذلك.

قال الإمام الزيلعي الحنفي، عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول: سنة، والثاني: فرض: ولا يُتْرَكُ واحد منهم] ، وذلك في كتاب “تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق”  وفي كتاب "الجامع الصغير" .

فيما تضمن كتاب "المعونة على مذهب عالم المدينة" لفتوى القاضي عبد الوهاب المالكي هذا الرأي، “ إذا اتفق عيد وجمعة لم يسقط أحدهما الآخر، عكس قول” إن حضور العيد يكفي عن الجمعة"، خلافاً لأيات الذكر الحكيم: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾، وقول رسول الله (صلعم) «الجمعة على كل مسلم»، ولأن شروط الجمعة حاضرة، لذا وجب إقامتها، أساسه إن لم تكن يوم عيد؛ لأن صلاة العيد تعتبر سُنَّة، وبالتالي لا تسقط فرضًا أصله الكسوف، ولأن الجمعة مؤكدة من العيد؛ لأنها فرض، فإن لم يوقع الأضعف كان الأضعف أولى بأن لا يوقع الأقوى.

وقال الإمام النووي الشافعي في كتاب "المجموع"، "إن وافق يوم الجمعة يوم العيد وحضر أهل القرى الذين تلزمهم الجمعة لبلوغ نداء البلد فصلوا العيد لم تسقط الجمعة بلا مخالفة لأهل القرية، وفي أهل القرى وجهان: الصحيح المنصوص للشافعي في "الأم" أنها تجوز، (والثاني) لا تجوز.

وذهب الإمام مالك في رواية، والشافعية في المعتمد، وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أن الجمعة لا تجوزلمن أقام صلاة العيد، وأتى من مناطق لا تصلى فيها الجُمْعة كالبادية والنجوع والقرى البعيدة عن المدن، على أنه يجب أن تؤدى ظهرًا.

وقال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 206، ط. دار الكتب العلمية): [وإن أتى يوم عيد في يوم جمعة،  فحضر أهل السواد فصلوا العيد فمن الجائز أن يذهبوا جون أداء صلاة الجمعة؛ لما روي أن عثمان رضي الله عنه قال في خطبته: "أيها الناس، قد اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن أراد من أهل العالية أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف" ولم ينكر عليه أحد؛ ولأنهم إذا قعدوا في البلد لم يستعدوا للعيد، فإن خرجوا ثم رجعوا للجمعة كان عليهم في ذلك مشقة والجمعة تسقط بالمشقة... ومن لا جمعة عليه مخيرٌ بين الظهر والجمعة، فإن صلى الجمعة أجزأه عن الظهر؛ لأن الجمعة إنما سقطت عنه لعذرٍ.

بينما ذهب الحنابلة إلى أن إقامة صلاة الجمعة لا تجوز لمَّن أقام العيد مع الإمام، ولكنه يجب أداء صلاة الجمعة ظهراً.

قال الإمام البهوتي الحنبلي في كتاب "كشاف القناع": “إن سقط عيد يوم الجمعة، فيجوز صلاة العيد والظهر" ذلك "و وقعت الجمعة عمن صلى العيد مع الإمام"... وحينئذٍ: فتقع الجمعة، وقوع حضورٍ، لا وقوع وجوب" وبالتالي يكون الحكم كمريضٍ وما إلى ذلك" ممن له عذرٌ أو شغلٌ يُبيح ترك صلاة الجمعة.

من فوت الجمعة لأدأه صلاة العيد

أجمع العلماء والفقهاء أنه لا يجوز ترك صلاة الظهر لمن فوت صلاة الجمعة بعد أدأه صلاة العيد، بل يحظر عليه عدم صلاة الظهر؛ طبقاً لحديث رسول الله (صلعم) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزّ وَجَلّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» متفق عليه.

قال الإمام ابن رشد في كتاب "بداية المجتهد"، إن ترك فرض الظهر والجمعة التي هي بدله، لمكان صلاة العيد، فخارج عن الأصول جدًّا".

فإذا كان هناك اختلاف بين العلماء والفقهاء في موافقة يوم العيد في يوم الجمعة، ويجوز أن تأخذ بأي من هذه الأراء الفقهية، لذا يجب أن تقام صلاة الجمعة في المسجد، عملًا بالأصل والأحوط، ومن أدى صلاة العيد في جماعة، وتعذر عليه القيام بصلاة الجمعة، أو أراد أن يأخذ بالرخصة، عملا بقول رسول الله (صلعم)، أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى فرائضه،  فله ذلك، شريطة القام بأداء صلاة الظهر بدلاً منها من غير لوم على من صلى الجمعة أو إنكار على من أقامها في المساجد، وكذلك دون إحداث فتنةٍ في مسألة فقهية، وسع الخلافُ فيه سلفنا.

تم نسخ الرابط