بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

تقرير خاص يكشف دور المعادن النادرة في تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين

المعادن النادرة تشعل فتيل حرب التجارة بين أمريكا والصين

انجي عهدي
انجي عهدي

المعادن النادرة  .. تشهد علاقة التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين تصعيدًا حادًا، لا يقتصر على تبادل الرسوم الجمركية فحسب، بل يتعداه إلى صراع حقيقي حول المعادن النادرة التي تُعدُّ حجر الزاوية للكثير من الصناعات الاستراتيجية. 

وتزداد حدة الخلاف مع سيطرة بكين شبه المطلقة على إنتاج وتصنيع هذه الموارد النادرة، ما يجعل منها ورقة ضغط قويّة قادرة على التأثير في توجهات واشنطن الاقتصادية والعسكرية.

في هذا السياق أوضحت الإعلامية إنجي عهدي أن حرب التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم لا تقتصر على الرسوم الجمركية، بل تشمل معركة حقيقية على المعادن النادرة التي تدخل في صلب صناعات الذكاء الاصطناعي والدفاع والفضاء والطاقة المتجددة. 

الصين تمتلك نحو 50% من احتياطيات العالم

وتمتلك الصين نحو 50% من احتياطيات العالم من هذه المعادن، بينما تنتج أكثر من 90% من إجمالي الكميات المعالجة عالميًا. 

وتوضح الإحصاءات أن بكين تهيمن على عمليات المعالجة حيث تعالج ما يقارب 90% من المعادن النادرة على مستوى العالم، ما يجعل الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الصين في تلبية نحو 70% من احتياجاتها من هذه المواد الحيوية.

رغم الهدنة الجزئية التي تم التوصل إليها مؤخرًا في مفاوضات جنيف، إلا أن المراقبين يرون أن هذا الهدوء هشٌّ جدًا. وفي البيانات الصينية تُشير إلى أنها قادرة في أي لحظة على فتح أو إغلاق صادرات المعادن النادرة تجاه الأسواق العالمية، بما في ذلك السوق الأمريكية، ما يُشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي، نظراً لاعتماد واشنطن الكبير على هذه الموارد في تطوير تقنياتها الدفاعية والصناعية.

وإلى جانب التحكم في ملف المعادن النادرة، تصعّد الولايات المتحدة من القيود التكنولوجية تجاه الصين؛ إذ قامت واشنطن بإيقاف شحن قطع الغيار المهمة لمحركات الطائرات النفاثة وتقليص وصول بكين إلى برمجيات تصميم الشرائح الإلكترونية. 

وقد أثار هذا الإجراءات غضب المسؤولين الصينيين الذين اعتبروها محاولة لتقويض بروح تفاهمات اتفاق جنيف، مؤكدين أن بكين لن تتوانى عن الرد بحزم.

وفي محاولة لتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية في الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية، أقرَّت الإدارة الأمريكية حزمًا تنفيذية ضخمة تهدف إلى زيادة إنتاج المعادن النادرة محليًا أو في دول حليفة. 

ومع ذلك، يرى محللون اقتصاديون أن هذه الجهود لن تثمر على المدى القريب، إذ تتطلب سنوات لإقامة بنية تحتية قادرة على الاكتفاء الذاتي من هذه الموارد الرئيسية. 

وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة بعيدة نحو عقد من الزمن عن تأمين إمداداتها من المعادن النادرة بشكل يتجاوز الاعتماد الصيني، مما قد يعرّض صناعات استراتيجية رئيسية لخطر الانقطاع أو التضخم الحاد في الأسعار.

ومن ناحية أخرى، تؤكد دراسات متخصصة أن المعادن النادرة تضمّ 17 عنصرًا حيويًا، مثل الليثيوم والسيليكون والنيوديميوم والديسبروسيوم، التي تُستخدم في تصنيع البطاريات وأنظمة الطاقة المتجددة وأجهزة الاتصالات المتطورة. 

ويمثّل بسط الصين سيطرتها على سلسلة “التعدين المعالجة  التصنيع” تحديًا أمام أي جهود دولية لتعزيز الأمن التكنولوجي والعسكري بعيدًا عن بكين.

 وهو ما يدفع بعض الدول الأوروبية إلى البحث عن بدائل عبر توقيع اتفاقيات للتنقيب والإنتاج مع دول أفريقية وأسترالية، سعياً لتفكيك الاحتكار الصيني تدريجيًا.

وفي ظلّ هذا الصراع الاقتصادي المتصاعد، تبقى الولايات المتحدة في موقف حرج، فهي تمتلك التكنولوجيا والطلب المحلي الكبير على السوق الداخلي، لكن يفتقر قطاعها الصناعي إلى المواد الخام اللازمة لاستمرارية خطوط الإنتاج المستقبلية. 

وعلى الجانب الآخر، تستفيد الصين من كونها المُنتج والمُصنِّع الأول عالميًا، ما يتيح لها استخدام “ورقة المعادن النادرة” كورقة ابتزاز للتأثير على سياسات واشنطن في القضايا التجارية والدبلوماسية.

و يلفت الخبراء إلى أن السيناريو القادم قد يحمل مزيدًا من التصعيد في هذا الملف الحساس؛ إذ إن أي نقص طارئ في إمدادات المعادن النادرة سوف يُحدث زلزالًا في صناعات السيارات الكهربائية والطائرات والدفاع والمعدات الطبية، ما يعني أن الصراع حول هذه الموارد لن يكون محصورًا بين الولايات المتحدة والصين فقط، بل سيمتد ليطال الاقتصاد العالمي بأكمله.

 

 

تم نسخ الرابط