«كانوا بيضحكوا هنا».. حينما يتحول الزفاف إلى صرخات حولت موج النهر بأسيوط

كانت ليلة يفترض أن تبقى في الذاكرة كواحدة من أجمل ليالي العمر، عندما خرج أفراد أسرة من قرية الطوابية بمحافظة أسيوط، على متن "تروسيكل" بسيط، متجهين نحو قرية بني زيد الأكراد لحضور زفاف أحد الأقارب، الضحك والمزاح يسيطر على الأجواء والفرحة تسبقهم إلى هناك، لا يحملون في قلوبهم إلا الفرحة والسعادة.

سقوط تروسيكل في النيل بأسيوط 

القصة المأساوية بدأت مساء أمس الاثنين، عندما اقتربت  الأسرة من الوصول، وبينما المركبة تشق طريقها بصعوبة على طريق ترابي ضيق على ضفاف نهر النيل، حدث ما لم يكن في الحسبان، ففي لحظة واحدة، فقد السائق السيطرة، وانزلقت المركبة نحو المياه، وفي ثوان معدودة غاص "التروسيكل" بالكامل، حاملاً داخله 11 شخصًا بين نساء وأطفال في نهر النيل.

صرخات واستغاثة 

صرخات النجدة ملأت المكان، لكن الظلام وسرعة الحادث لم يتركا وقتًا كثيرًا لإنقاذ الجميع، الأهالي المجاورون هرعوا من منازلهم، بعضهم ألقى بنفسه في المياه، وآخرون مدّوا الأيادي والقوارب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

بعد وقت قصير خرج 6 أشخاص بأعجوبة من المياه أحياء، بعضهم سبح، وبعضهم تم سحبه من قبل المنقذين، لكن الكارثة لم تنته عند هذا الحد، أربعة من الأسرة اختفوا تحت الماء، وطفل رضيع خرج جثمانه.

أب يفقد أبناءه 

على ضفاف النهر، وقف أب لا يعرف كيف يحمل حزنه، يردد جملته المكسورة: "عيالي كانوا بيضحكوا هنا"، وعيناه لا تفارق سطح المياه.

قوات الإنقاذ وصلت سريعًا، واستمر العمل طوال الليل، غواصون يجوبون أعماق النهر، وقوارب تمشط كل شبر، بينما ظلت الأمهات والآباء على الشاطئ، قلوبهم معلقة بما قد يظهر من الأعماق في أي لحظة.

مع أول خيوط الصباح، تحولت المنطقة إلى خلية عمل، رجال الدفاع المدني لم يتوقفوا لحظة، وكل فرد منهم يعرف أن هناك قلوبًا تنتظر، وعائلات لن تهدأ حتى تعرف مصير من فقدتهم.

محافظ أسيوط اللواء هشام أبو النصر تابع الموقف بنفسه، ووجه بتوفير كل وسائل الدعم الممكنة، من سيارات الإسعاف إلى فرق الإنقاذ والدعم النفسي. الجميع في حالة طوارئ حتى تتضح الصورة كاملة.

بدورها تكثف الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسيوط من جهودها لكشف ملابسات الحادث.