بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

اعتراف أوروبا بـ الدولة الفلسطينية.. خطوة رمزية أم تحول استراتيجي؟ (خاص)

فلسطين وفرنسا
فلسطين وفرنسا

في تطور سياسي لافت، أعلنت فرنسا وعدد من الدول الأوروبية مؤخرًا نيتها الاعتراف الرسمي بـ الدولة الفلسطينية، في خطوة وصفت بأنها ذات دلالات إنسانية وسياسية وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

أثار هذا الإعلان تساؤلات حول مغزى هذه الخطوة من حيث التوقيت والتأثير القانوني والرمزي، ومدى انعكاسها على مجمل توازنات الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى مستقبل القضية الفلسطينية في أروقة الدبلوماسية الدولية. 

فكيف سيؤثر هذا الاعتراف على القضية الفلسطينية؟

أمر ليس جديدًا

يرى مدير مركز يافا للدراسات والبحوث الدكتور رفعت سيد أحمد، أن الاعتراف الفرنسي والأوروبي بالدولة الفلسطينية ليس جديدًا من حيث المبدأ، وإنما هو "تأكيد أدبي ومحترم من هذه الدول على موقفها من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة".

وأوضح أحمد، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن توقيت الإعلان يحمل دلالة سياسية قوية رغم أن الأصل يعود إلى سنوات مضت، معتبرًا أن "هذا الشكل من الرد الأوروبي يمثل موقفًا متقدمًا على الأقل سياسيًا، ولو كان في الأساس مناسباتي".

إمكانية التراجع

ومع ذلك، يحذر مدير مركز يافا من إمكانية التراجع عن هذا الاعتراف تحت ضغوط قوية من اللوبي اليهودي في أوروبا، والذي "يؤثر بقوة على صناعة القرار"، مؤكدًا أن هذا اللوبي قد يدفع بعض الدول إلى "وضع شروط مثل وحدة الأراضي الفلسطينية، أو استبعاد حماس"، وهي شروط قد تُستخدم لاحقًا كأدوات للتراجع أو التقليل من قيمة الاعتراف.

ويُضيف أن موقف الولايات المتحدة يختلف تمامًا، مشيرًا إلى أن "الولايات المتحدة غير منشغلة بالقضية الفلسطينية من منظور العدالة أو الإنسانية، بل تركز على مصالحها الاستراتيجية مثل الغاز والمياه والممرات البحرية، خصوصًا مشروع قناة بن غوريون من العقبة إلى المتوسط"، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي نفسه "يسعى لاحتلال ناعم للمنطقة خدمة لهذه المصالح".

قواعد اللعبة الدولية

من جانبه، يرى المحلل السياسي الدكتور عمرو الهلالي أن الاعتراف الأحادي بـ الدولة الفلسطينية خارج إطار الأمم المتحدة "يمثل خطوة نفسية مهمة لكنها تفتقر إلى القوة القانونية الفعلية"، مشيرًا إلى أن التحول الحقيقي سيأتي "إذا تم الاعتراف بعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، وهو ما تعرقله الولايات المتحدة بشدة باستخدام الفيتو"، لما لذلك من "تبعات قانونية خطيرة على إسرائيل".

ويتابع الهلالي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"،: "في حال حصول فلسطين على عضوية كاملة، سيكون بإمكانها ملاحقة إسرائيل قانونيًا كدولة ذات سيادة، والتعامل معها بندية في كافة المحافل الدولية، أما الوضع الحالي فيُبقي إسرائيل محصنة من أي تبعات قانونية جادة".

وأضاف الهلالي أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أوصى بإعادة النظر في عضوية فلسطين، رغم كونه خطوة إيجابية، "يظل حبرًا على ورق ما دام فيتو أمريكا حاضرًا في مجلس الأمن".

ومع ذلك، لا يُقلل الهلالي من قيمة الاعتراف الأوروبي الأخير، خاصة إذا صدر عن دول "مؤثرة"، لأنه يمنح الفلسطينيين "حق التمثيل الدبلوماسي، والانضمام إلى منظمات دولية، ورفع دعاوى قضائية على أسس قانونية أمتن".

ويشبّه الهلالي الوضع الفلسطيني بوضع "تايوان"، التي رغم عدم اعتراف الأمم المتحدة بها كعضو كامل، إلا أنها تمارس دورًا سياسيًا دوليًا معتبرًا نتيجة اعتراف دول قوية بها.

يشير الدكتور الهلالي إلى أن للموقف المصري دورًا ملموسًا في تعديل الموقف الفرنسي تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن "زيارة الرئيس الفرنسي لمصر واطلاعه المباشر على أوضاع المصابين الفلسطينيين في شمال سيناء، كانت عاملًا مهمًا في الدفع باتجاه اتخاذ هذا الموقف"، مشيدًا بما وصفه بـ"التنظيم المصري المحترف للزيارة والرسائل السياسية التي خرجت منها".

ماذا بعد؟

يخلص أحمد إلى أن ما الاعتراف بـ الدولة الفلسطينية هو "إضافة أدبية للقضية، وليس حلاً حقيقيًا"، معتبرًا أن الطريق إلى تحرير فلسطين "يمر من خلال توحيد الجيوش العربية واستخدام أوراق القوة الاقتصادية، وأهمها ورقة النفط"، مع ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح ووسائل الصمود، مشيرًا إلى أن "الخطر لا يهدد غزة وحدها، بل يقترب من سيناء والخليج وشمال السعودية".

بينما يشدد الهلالي على أهمية مواصلة الضغط الدولي والرهان على التحولات التدريجية في مواقف بعض الدول، مشيرًا إلى أن أي اعتراف، حتى لو كان رمزياً، "يمثل مكسبًا سياسيًا وقانونيًا، ويمهد لمعادلة جديدة في الصراع، طالما تم استثماره جيدًا على الأرض".

تم نسخ الرابط