منشأة فوردو.. هل تنجح إسرائيل وحلفاؤها في تدمير أخطر منشأة نووية إيرانية؟

تُعد منشأة «فوردو» النووية الإيرانية أحد أكثر المنشآت تحصينا في العالم، إذ تقع على عمق 500 متر تحت جبل صخري قرب مدينة «قُم»، وتحيط بها أنظمة دفاع جوي متقدمة، ما يجعلها أقرب إلى “جبل الهلاك” في تقديرات المخططين العسكريين الإسرائيليين، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وترى إيران في «فوردو» رمزا لصلابة برنامجها النووي، الذي صُمم ليتحمل هجوما شاملا، مع الحفاظ على قدرة إنتاج سلاح نووي محتمل أو تنفيذ ما يُعرف بـ"الاختراق النووي".
تحصين غير مسبوق
بُنيت المنشأة النووية تحت طبقات من الصخور الصلبة وداخل جدران خرسانية مسلحة، بما يجعلها غير قابلة للتدميربواسطة الأسلحة التقليدية، حتى تلك التي تملكها إسرائيل, ويُنظر إليها على أنها “تهديد استراتيجي” طويل الأمد لدى النظام الإيراني، في ظل التهديدات المتزايدة لمنشآته النووية.

ورغم إعلان طهران أمس السبت, تعرض المنشأة لهجوم إسرائيلي، قالت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية إن الأضرار “محدودة”. في المقابل، نجحت إسرائيل مؤخرا في تدمير أقسام سطحية من منشأة «نطنز» النووية، وفق ما أعلنه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، «رافائيل جروسي» أمام مجلس الأمن.
وأظهر تحليل بالأقمار الصناعية أجراه معهد العلوم والأمن الدولي أن قاعات التخصيب تحت الأرض في نطنز قد تكون خرجت عن الخدمة نتيجة الضرر الكبير الذي أصاب إمدادات الكهرباء.
الهدف الأصعب
يقول «داني سيترينوفيتش»، الباحث في «معهد دراسات الأمن القومي» بتل أبيب، إن استهداف فوردو من دون دعم أميركي “سيكون شديد الصعوبة”، نظرا لموقعها العميق وتحصينها المكثف, وأشار إلى أن إيران لا تزال تحتفظ بقدرات كبيرة، رغم الهجمات الإسرائيلية، معتبرا أن فوردو قد تكون “الهدف الأصعب وربما الأخير” في الحملة العسكرية الحالية.

ورغم أن منشآت نووية تحت الأرض ليست نادرة عالميا، مثل منشأة «رافن روك» الأمريكية وجبل «يامانتاو» الروسي وقواعد كوريا الشمالية وصينية مماثلة، فإن فوردو هي الأولى من نوعها التي تتعرض لهجوم عسكري مباشر، بحسب «فاينانشيال تايمز», واعتبرت الصحيفة أن الضربات التي وافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعكس “مجازفة هائلة” في حسابات تل أبيب.
قدرات التخصيب
رغم نفي طهران المستمر نيتها تصنيع قنبلة نووية، فإن تقديرات «معهد العلوم والأمن الدولي» تؤكد أن منشأة فوردو النووية يمكنها إنتاج مواد كافية لتصنيع 9 قنابل نووية خلال 3 أسابيع فقط، اعتمادا على مخزون إيران المُقدّر بـ 408 كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب.
ويقول المعهد إن "إيران قادرة على إنتاج الكمية الأولى اللازمة لصناعة سلاح نووي (25 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 90%) خلال يومين إلى ثلاثة، داخل منشأة فوردوالنووية فقط.

وأسست إيران منشأة فوردو النووية بشكل سري، إلى أن كشفت عنها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في 2009، ووصفتها بأنها منشأة “لا تتسق مع برنامج سلمي”, وسارعت إيران للدفاع عنها، إذ وصفها الرئيس الأسبق «محمود أحمدي نجاد» بأنها قانونية، متسائلا: “ما شأنكم أنتم لتُملوا علينا ما نفعله؟”.
وتتميز فوردو بصلابة جيولوجية تجعلها منيعة حتى أمام القنابل الخارقة للتحصينات، بما في ذلك القنبلة الأمريكية المصممة لاختراق 60 مترًا من الخرسانة (GBU-28).
من الاتفاق النووي إلى التصعيد
بعد الاتفاق النووي عام 2015، وافقت إيران على تحويل فوردو إلى مركز أبحاث، وأوقفت تخصيب اليورانيوم فيها لمدة 15 عاما، مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية المفروضة عليها, لكن انسحاب واشنطن من الاتفاق في 2018 زاد من حدة التوترات, وفي أعقاب انفجار نطنز عام 2021، أعادت طهران تنشيط المنشأة وبدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل لـ 60%، النسبة القريبة من الحد اللازم لصناعة سلاح نووي.
فيما يرجح محللون أن تتحول منشأة فوردو النووية إلى قاعدة لـ «الاختراق النووي» في حال لم تُدمر بشكل كامل، خاصة إذا قررت إيران الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وعلّقت تعاونها مع الوكالة الدولية، وبدأت في تصنيع السلاح.
يشار الى أن معلومات استخباراتية متداولة تفيد بأن طهران تعمل على منشأة جديدة أشد تحصينا داخل جبل «كوه كلنج جز لا»، أو «جبل الفأس»، قرب نطنز, ويُعتقد أن المنشأة الجديدة تحتوي على 4 مداخل نفقية، وتمنح مساحة أكبر، مما يعقّد إمكانية استهدافها جويا, ولم تسمح إيران حتى الآن بدخول مفتشي الوكالة الدولية إلى الموقع الجديد، ما يُثير مخاوف من إمكانية استخدامه لتجميع سلاح نووي بعيدا عن الرقابة الدولية.