بعد قوافل الصمود.. خبير عسكري لـ«بلدنا اليوم»: تعددت المسارات والهدف مصر لا غزة

بينما ترفع "قوافل الصمود" شعارات إنسانية براقة لدعم غزة، تتكشف يومًا بعد يوم أبعاد خفية وتحركات مشبوهة توحي بأن المسألة لا تتعلق فقط بنقل مساعدات، بل بمخطط أكبر يتقاطع مع مرحلة إقليمية مشتعلة، ولا سيما مع اندلاع المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل.
انطلقت القوافل من دول عدة: قوافل خرجت من تونس والجزائر وتم توقيفها عند حدود مدينة سرت الليبية، وأخرى وصلت إلى مشارف مدينة الإسماعيلية المصرية عبر المطارات وتمت توقيفها، وقافلة ثالثة انطلقت من لبنان مرورًا بسوريا والأردن إلى العقبة ثم نويبع تخطيطًا للوصول إلى رفح.
وبينما تروج بعض المنصات المحسوبة على تيارات يسارية أو مؤيدة لجماعة الإخوان أن هذه التحركات "نبيلة وإنسانية"، يرى خبراء أن ما يجري يتجاوز حدود النوايا الحسنة.
ومن غير المعروف من يقف داخل تلك القوافل أو خلفها، وهل يحمل أفرادها نوايا دعم حقيقية أم يجرون البلاد نحو تصعيد سياسي وأمني؟ السؤال المشروع هنا هو: ماذا لو تحوّلت "قوافل الصمود" إلى وسيلة اختراق لسيناء، أو بوابة لمواجهة مفتوحة مع إسرائيل على الأرض المصرية؟
البيان الحاسم الصادر عن وزارة الخارجية المصرية، وما تبعه من تعليقات سياسية وإعلامية، يسلط الضوء على أبعاد تآمرية خطيرة محتملة خلف هذه القافلة التي تتجه صوب معبر رفح، مدفوعة بخطاب تعبوي مريب.
محاولة إثارة الفوضى
يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد أبو يوسف أن "تكرار مشاهد قوافل الصمود في هذا التوقيت الحرج لا يمكن أن يكون بريئًا، بل يعكس محاولة متعمدة لإثارة الفوضى داخل العمق المصري".
ويكشف أبو يوسف، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، عن أن هناك مؤامرة كبيرة يتم تجهيزها ضد مصر، والهدف منها فتح ثغرات في جدار الأمن القومي المصري تحت عباءة إنسانية خادعة، والدفع بمجموعة من النشطاء والمندسين نحو معبر رفح في توقيت يتزامن مع اشتعال الجبهة الإيرانية الإسرائيلية.
ويضيف: "من يدير هذه التحركات يدرك أن إشعال الداخل المصري كفيل بإرباك الحسابات العسكرية في المنطقة بأكملها، فالفوضى المستهدفة هذه المرة تتخذ من القافلة وسيلة للاختراق السياسي والأمني، خاصة أن بعض أطراف اليسار المعروفين بعدائهم للدولة، والمتصلين تاريخيًا بتنظيم الإخوان، عبروا عن دعمهم غير المشروط لتلك القوافل".
تحذير رسمي وتحفظ سيادي
في بيان واضح لا يقبل التأويل، أكدت وزارة الخارجية المصرية في بيانها، يوم 11 يونيو، أن التحركات نحو معبر رفح تستوجب الحصول على موافقات مسبقة عبر القنوات الرسمية، مشددة على أن مصر ترحب بالمواقف الدولية المساندة للحقوق الفلسطينية، لكنها في الوقت ذاته ترفض أي تجاوز للقوانين المنظمة للزيارة إلى المناطق الحدودية، باعتبار أن الأمر يتعلق بأمن قومي وسيادة لا يمكن التفريط فيهما، خاصة مع ما تشهده سيناء من تهديدات أمنية متكررة.
وأوضحت الوزارة أن السبيل الوحيد للنظر في هذه الطلبات هو من خلال التقدم إلى السفارات المصرية بالخارج أو عبر القنوات الرسمية المعتمدة داخل مصر.
ويأتي هذا البيان في ظل ما وصفته بـ"الطلبات المتعاظمة" لزيارة العريش ومعبر رفح، وهو ما يُطرح في توقيت دقيق ومعقد.
تسييس القضية الفلسطينية
وأعرب الكاتب الصحفي ضياء رشوان، في تصريحات تليفزيونية، عن دعم مصر الثابت للقضية الفلسطينية، لكنه شدد على أن المساندة لا تعني الانفلات أو تجاهل القوانين، مؤكدًا أن الدولة المصرية تدير هذا الملف وفق رؤية استراتيجية تنطلق من دعم الأشقاء الفلسطينيين، ولكن في إطار مؤسسي منضبط يضمن السلامة لجميع الأطراف.
وأشار رشوان إلى أن معبر رفح دُمّر من الجهة المقابلة بفعل القصف الإسرائيلي، وأن العبور العشوائي إليه في ظل استمرار العدوان يمثل تهديدًا مباشرًا للمدنيين أنفسهم، مضيفًا أن هناك حملات غير منضبطة تدعو لدخول غزة بالقوة، وهو ما وصفه بأنه "انتحار سياسي وأمني".