بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

أسرار مدينة «إيمت» الفرعونية ترى النور.. تفاصيل اكتشاف أثري في الشرقية

أطلال مدينة «إيمت»
أطلال مدينة «إيمت» بمركز الحسينية

في خطوة جديدة تعزز مكانة مصر كمهد للحضارات القديمة، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن كشف أثري هام في منطقة تل الفرعون (تل نباشة) بمركز الحسينية في محافظة الشرقية، حيث عثرت بعثة أثرية بريطانية من جامعة مانشستر على أطلال مدينة «إيمت» التاريخية، التي تعد من أبرز المراكز السكانية في الوجه البحري خلال عصري الدولة الحديثة والعصر المتأخر، حيث يأتي هذا الاكتشاف في ختام موسم الحفائر لعام 2025، ليفتح آفاقا جديدة لفهم تاريخ المنطقة وتفاصيل الحياة في تلك الحقبة القديمة.

تفاصيل الكشف الأثري

أوضح الدكتور نيكي نيلسن، مدير البعثة الأثرية، أن مدينة «إيمت» كانت مركزا حيويا في دلتا النيل، اشتهرت خلال عصري الدولة الحديثة (حوالي 1550-1070 ق.م) والعصر المتأخر (حوالي 664-332 ق.م)، وتميزت بمعبد ضخم مكرس لعبادة الإلهة واجيت، إلهة الحماية في الميثولوجيا المصرية، والذي لا تزال أطلاله قائمة على الجانب الغربي من الموقع.

ركزت أعمال التنقيب في الجزء الشرقي من تل الفرعون، مستخدمة تقنيات متقدمة مثل الاستشعار عن بعد وصور الأقمار الصناعية (لاندسات)، التي كشفت عن تراكيب كثيفة من الطوب اللبن، وأسفرت الحفائر عن اكتشاف مبانٍ سكنية.

تعود تلك المباني إلى أوائل أو منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، بما فيها «بيوت برجية» متعددة الطوابق ذات جدران سميكة مصممة لتحمل وزنها، إلى جانب مبانٍ لتخزين الحبوب وإيواء الحيوانات. كما عُثر على تماثيل نادرة، منها سيستروم مزين برأسي حتحور وتمثال أوشابتي من الأسرة السادسة والعشرين، مما يعكس الثراء الثقافي والديني للمدينة.

وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذا الكشف يعد خطوة محورية لاستكمال الصورة الأثرية والتاريخية لمدينة «إيمت»، ويمهد لدراسات مستقبلية ستكشف المزيد عن الحياة الدينية والمعمارية في تلك الفترة.

تاريخ تل الفرعون ومدينة الحسينية

تعد منطقة تل الفرعون، المعروفة أيضًا باسم «تل نباشة»، جزءًا من مركز الحسينية، التي تحمل اسم السلطان حسين الثاني، بعد أن كانت تعرف قديمًا بـ«تل نفيس» و«جعنت» في العصر الفرعوني، و«تانيس» باليونانية، كانت تلك المدينة عاصمة سياسية لمصر خلال حكم الأسرتين الحادية والعشرين والثالثة والعشرين (حوالي 1069-664 ق.م).

وتعتبر مدينة الحسينية البالغ عددها حوالي 700 ألف نسمة من أهم المدن الاثرية لما تحويه من معابد، ومقابر ملكية، ومسلات، وآبار، إلى جانب قصور وتماثيل ضخمة، مثل تمثال رمسيس الثاني بصحبة زوجته مرين آمون وتمثال على شكل أبو الهول.

تتميز منطقة "تل فرعون"، بموقعها الاستراتيجي شمال مركز الحسينية، على بعد 75 كم من الزقازيق و130 كم من القاهرة، مما جعلها مركزًا تجاريًا وعسكريًا هامًا كبوابة للدفاع عن مصر وطريقًا للغزو نحو آسيا الصغرى.

تضم المنطقة معبدًا كبيرًا للإله آمون، يشبه معابد الدولة الحديثة، وبحيرة مقدسة تعد ثاني أهم بحيرة بعد بحيرة الكرنك بالأقصر، إلى جانب توابيت حجرية وخشبية، تمائم، وموائد قرابين تعكس غنى المنطقة الأثرية.

أهمية الكشف وتأثيره

أكد شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، أن هذا الكشف يبرز أهمية أعمال التنقيب في تعميق فهمنا لتاريخ دلتا النيل، مشيرًا إلى أن «إيمت» كانت واحدة من أهم المدن القديمة في المنطقة، مضيفا أن هذا الاكتشاف يعزز جهود مصر لحماية تراثها الحضاري وتعزيز السياحة الثقافية، خاصة في محافظة الشرقية التي تضم مواقع أثرية أخرى مثل صان الحجر وتل بسطة.

ويعد هذا الكشف جزءًا من سلسلة اكتشافات أثرية أخيرة في مصر، مثل مقبرة تحتمس الثاني بالأقصر وإناء ذهبي بمعبد الكرنك، مما يعكس التزام الدولة بالكشف عن كنوزها التاريخية وإبراز مكانتها كوجهة عالمية لعشاق التاريخ والآثار.

ويمثل اكتشاف أطلال مدينة «إيمت» في تل الفرعون إضافة نوعية إلى سجل الاكتشافات الأثرية في مصر، مؤكدًا على دور محافظة الشرقية كمركز حضاري قديم، ومع استمرار الدراسات والحفائر، يتوقع أن تكشف المنطقة عن المزيد من الأسرار التي تعزز فهمنا للحياة في مصر القديمة، وتدعم مكانة البلاد كمنارة للحضارة الإنسانية.

تم نسخ الرابط