بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

مذبحة الطريق الإقليمي بالمنوفية.. دموع على أوراق الشهادة الإعدادية

اثناء التشييع
اثناء التشييع

في فاجعة مروعة هزت أرجاء محافظة المنوفية، استيقظت قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف على خبر مأساوي راح ضحيته 19 شخصًا، بينهم 18 فتاة بينهن طالبات بالشهادة الإعدادية كن في طريقهن للعمل، قبل ساعات قليلة من إعلان نتائج الامتحانات التي كن ينتظرنها بفارغ الصبر، مأساة أدمت القلوب وحولت فرحة النجاح إلى جنازات حزينة.

لحظات كارثية على الطريق الإقليمي

وقع الحادث في الساعات الأولى من صباح الجمعة، عندما اصطدم ميكروباص يقل الفتيات بسيارة نقل ثقيل أثناء توجههن للعمل في إحدى مزارع العنب القريبة، لم تمهل الأقدار هؤلاء الزهرات فرصة لرؤية نتيجة اجتهاد عام دراسي كامل، إذ لفظن أنفاسهن الأخيرة في مشهد مأساوي لا يُنسى.

الجثامين المتناثرة على الطريق والإصابات الخطيرة التي لحقت ببعضهن رسمت مشهدًا مأساويًا هزّ مشاعر أهالي القرية والمنوفية كلها.

ضحايا الحادث بالأسماء والدرجات

من بين الضحايا كانت هناك فتيات تميزن بتفوقهن الدراسي، وكانت أسرهن تنتظر إعلان النتيجة لإقامة الاحتفالات الصغيرة داخل منازلهن المتواضعة، ومن الأسماء التي فُجع بها الأهالي "ضحى همام الحفناوي والتي حصلت على 202 درجة في الشهادة الإعدادية، وتقى محمد السيد الجوهري نالت 221 درجة، وإسراء الحفناوى تفوقت بحصولها على 269 درجة، وجنى يحيى فوزي أحرزت 250 درجة، ولم يكن الطريق كافيًا لاحتضان فرحتهن بنتائجهن، إذ تحول إلى طريق للموت الجماعي.

عزاء جماعي.. ووداع حزين

شهدت قرية كفر السنابسة مشهدًا مهيبًا لم تشهده من قبل، حيث شيع الآلاف جثامين الفتيات وسط صرخات الأمهات المكلومات وأحضان الآباء المفجوعين تحولت شوارع القرية إلى سرادق عزاء مفتوح.

في قلب المشهد، كانت والدة إسراء الحفناوي تقول وهي تمسك بكشف النتيجة: "كنت مستنياها تدخل تقولي يا ماما جبت 269 درجة.. هلبس فستان أبيض وأفرح بيها.. راحت وراحت الفرحة معاها."

أما والد جنى يحيى فوزي، فكان لا يكف عن ترديد: "بنتي كانت بتحلم تدخل الثانوية العامة، وربنا رزقها بدرجتها، بس مكتبتش تشوفها."

تحقيقات النيابة.. وضبط المتسبب

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على سائق السيارة النقل المتسبب في الحادث، وتمت إحالته إلى النيابة العامة التي باشرت التحقيقات على الفور وأكدت التحريات الأولية أن السرعة الزائدة وانحراف النقل عن مساره كانا السبب في وقوع الحادث.

من جانبه، أمر اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية بصرف تعويضات عاجلة لأسر الضحايا، كما كلف مسؤولي التضامن الاجتماعي بتقديم الدعم المادي والمعنوي للأهالي.

ردود فعل واسعة على مواقع التواصل

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمئات الرسائل والبوستات التي تنعى الفتيات وتدعو لهن بالرحمة، وسط دعوات للرقابة على عمل الأطفال القصر في المزارع وأماكن العمل الخطرة.

كتب أحد أبناء القرية على صفحته: "إحنا مش عاوزين تعويضات.. عاوزين ولادنا يرجعوا.. يا ترى بكام حلم بنت بريئة راح على الإسفلت؟!" بينما طالبت جمعيات حقوقية بالتحقيق في ظروف تشغيل هؤلاء الفتيات، ومعاقبة المسؤولين عن تعريضهن للخطر.

حلم لم يكتمل

كانت ضحى همام الحفناوي تحلم بأن تصبح معلمة رياضيات، وكانت تقى محمد الجوهري تستعد لدخول مدرسة التمريض، فيما كانت إسراء الحفناوي تمني نفسها بالالتحاق بالثانوية العامة وتحقيق طموح والدها، أما جنى يحيى فوزي، فكانت عاشقة للرسم، وترغب في الالتحاق بكلية التربية النوعية مستقبلاً، كل هذه الأحلام انطفأت في لحظة خاطفة على طريق الإقليمي.

الطريق القاتل

يُعرف الطريق الإقليمي بأنه واحد من أخطر طرق مصر، حيث يتكرر عليه وقوع الحوادث القاتلة بسبب الشاحنات الثقيلة وسوء الالتزام بقواعد المرور، وسجل الطريق عشرات الحوادث المماثلة خلال الأعوام الثلاثة الماضية دون تدخل حاسم.

وطالب عدد من أهالي المنوفية بإقامة نقاط أمنية مرورية ثابتة على الطريق، ووضع كاميرات مراقبة للحد من السرعات الجنونية.

المنوفية ترتدي الأسود

على مدار يومين، اكتست محافظة المنوفية بالسواد لم يكن منزل في كفر السنابسة إلا وخرج منه شهيد أو شهيدة أسر بأكملها توقفت حياتها فجأة.

المحافظ زار أسر الضحايا، وشارك في تشييع الجنازات، وصرح قائلاً: "لن نترك أسر بناتنا ضحية الإهمال، وسنتابع القضية حتى ينال الجاني جزاءه."

رحيل مؤلم

رحلت ضحى وتقى وإسراء وجنى، ومعهن أحلام فتيات بسيطات من قرية هادئة، كن يحلمن بحياة أفضل، حادث كشف مأساة التشغيل العشوائي للأطفال، والإهمال في صيانة الطرق، وغياب الرقابة، ليبقى السؤال: كم ضحية أخرى ننتظرها على طرق مصر حتى يتم تطبيق العدالة الاجتماعية، وتأمين حياة أبنائنا قبل لقمة العيش؟.

تم نسخ الرابط