بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

 شيماء.. زهرة الهندسة التي خطفها طريق الموت بالمنوفية (صور)

شيماء
شيماء

في أحد بيوت قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية، خيم الصمت الحزين على جدران منزل بسيط فقد أجمل ما فيه، هنا كانت تعيش شيماء محمد عبد الحميد، طالبة الهندسة الطموحة، التي تحولت أحلامها وآمالها إلى ذكرى موجعة بعد أن لقيت مصرعها في الحادث المروع على الطريق الإقليمي، مع 18 من زميلاتها.

هذه قصة شيماء كما روتها والدتها، التي جلست تحكي تفاصيل اللحظات الأخيرة وكأنها تحاول أن تسترجع ابنتها بالكلمات، «كانت من المتفوقين.. وحلمها تبقى مهندسة»، تبدأ الأم حديثها وهي تمسك بصورة لابنتها ترتدي فستان التخرج من معهد فني، قبل أن تلتحق بكلية الهندسة:"شيماء كانت دايمًا شاطرة.. من وهي صغيرة، وكانت بتحب التعليم أوي.. بس إحنا ناس على قد حالنا لما جت شهادة الإعدادية، مجموعها كان يسمح تدخل ثانوي عام، لكن هي قالت: ماما ما ترهقيش بابا، هدخل صنايع وأكمل لوحدي".

استكملت الأم: “لم تستسلم شيماء لظروف أسرتها، وقررت أن تخوض رحلة طويلة مع التعليم الفني، ثم معهد، ثم التحقت أخيرًا بكلية الهندسة، بعدما سطرت قصة كفاح حقيقية بعرقها ودموعها”.

وتابعت: «كانت بتشتغل علشان تساعدنا.. وتخفف عن بابا»، لم يكن الطريق إلى كلية الهندسة مفروشًا بالورود، تكشف الأم عن تفاصيل سنوات شاقة عاشتها ابنتها:"كانت بتروح تشتغل في العنب، وفي المواسم، ومرات في مصنع ملابس عمرها ما قالت لأ.. دايمًا عاوزة تساعد في مصاريف الكلية.. كانت بتقولي: هشتغل الصيف ده عشان عندي مواد ومش عايزة أكون حمل على بابا."

وتابعت الأم وهي تتشبث بجلبابها: "آخر يوم قبل الحادث، قعدت معايا وقالت: يا ماما، الشغل بيوجعني، بس لازم أجيب فلوس عشان مصاريف الكلية، والكتب، والدروس."

اليوم المشؤوم

تسرد الأم تفاصيل اليوم الأخير: "شيماء وأختها كانوا دايمًا بيروحوا الشغل سوا.. يوم الحادث، قالوا لأختها متجيش، معرفش ليه يمكن كان نصيبها، ويمكن كان عمر شيماء هو اللي انتهى، "صحيتها الساعة 6.. كانت بتضحك وبتقولي: اصحي معايا يا ماما.. وأول ما مشيت، قلبي وجعني.. قلت ياريتني ما صحيتك يا شيماء.. ياريتني حبستك في البيت."

الجري بين المستشفيات

تتذكر الأم اللحظة التي علموا فيها بالحادث:"عمها كان أول واحد سمع.. جري على التليفون وجالي بيجري: إلحقوا.. في حادث نزلنا على المستشفى في قويسنا، ملقناهاش.. رحنا أشمون، ولا لقيناها.. سرس الليان.. لحد ما جالنا خبر صعب، قالوا: شيماء راحت، "مافيش أصعب من إني أبقى مستنياها على باب البيت برجوعها من الشغل، وتيجي عربية الإسعاف من غيرها."

كانت بتحلم ببكرة

"شيماء كانت عاوزة تخلص هندسة، وتبني بيت صغير لينا.. دايمًا كانت تقولي: لما أكبر هفرحك يا ماما.. عاوزة أشتغل وأعالجك وأريح بابا."، "آخر مرة جابت كتبها، وقعدت تذاكر.. كانت فرحانة إنها قربت تخلص. قالتلي: بكرة يا ماما هتفتخري بيا.. لكن بكرة مجاش."

رسالة أم موجوعة

"أنا مش عاوزة حاجة من الدنيا.. نفسي المسؤولين يراعوا البنات دول.. ويشوفوا طريق الموت ده نفسنا في أمان لأولادنا.. ومحدش يستغل البنات في شغل خطر زي ده شيماء راحت، بس غيرها لسة عايشين."

حلم لم يكتمل

رحلت شيماء ومعها حلم بسيط لأسرة فقيرة أرادت أن ترى ابنتها تحمل لقب «مهندسة». قصة من آلاف القصص في قرى مصر، حيث تنمو الأحلام في بيوت صغيرة وتغتالها طرق الموت، والدتها اليوم لا تتمنى شيئًا سوى أن تُذكر ابنتها بالخير، وأن تكون قصتها بداية لتنظيم العمل الآمن للفتيات، والحد من فوضى عمالة الصغار على الطرق الخطيرة.

تم نسخ الرابط