في ذكرى وفاة محمد حمزة.. من كلام فاضي إلى شاعر غير وجه الأغنية العربية

قد لا تحظى أسماء الشعراء بنفس الأضواء التي ترافق المطربين، لكن هناك من تخلد كلماته في الذاكرة قبل أن يذكر اسمه، تماما كما حدث مع الشاعر محمد حمزة، الذي تجاوز الإحباطات الأولى، وتحول من شاب يقال له إن كلماته بلا معنى، إلى أحد أبرز من كتبوا للأغنية العربية في العصر الذهبي.
كلماته بلا معنى.. الشاعر محمد حمزة
في بداياته، كان محمد حمزة شابا في الخامسة والعشرين من عمره، يحمل حلما في كتابة الشعر الغنائي، لكنه لم يكن يملك الثقة الكافية، عرض إحدى قصائده على الشاعر الكبير صلاح جاهين، لكنه فوجئ برد قاس: “ده كلام مدشدش”، كما وصفه البعض الآخر بأنه يكتب “كلام فاضي” لكن بدلاً من أن يستسلم، قرر حمزة أن يتعلم، فدرس أصول الوزن والقافية، وبدأ تدريب نفسه على كتابة الأغنية الشعبية والعاطفية باحتراف.
خطوته الأولى جاءت من خلال الفنانة فايزة أحمد التي غنت له إحدى أغنياته، وكان ذلك إيذانا ببداية طريق طويل من النجاحات، الانطلاقة الحقيقية جاءت عندما التقى بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي أصبح صوتا لأشهر كلمات حمزة، مثل “سواح” و”جانا الهوى”، والتي تحولت إلى أيقونات غنائية ترددت في البيوت العربية لعقود.
عمر الشريف.. نصحه ذات يوم بتجربة اللون الشعبي
الشاعرمحمد حمزة لم يكتب فقط للعندليب، بل وسع تجربته لتشمل عددا كبيرا من المطربين، ونجح في المزج بين الرقي الشعري والبساطة، ما جعله محببا لدى مختلف شرائح الجمهور، ومن الطرائف المؤثرة أن الفنان العالمي عمر الشريف نصحه ذات يوم بتجربة اللون الشعبي، ما دفعه إلى الكتابة لمحمد رشدي، وكانت من أبرز أعماله معه “الخيزرانة” و"متى أشوفك يا غايب عن عيني".
عرف حمزة أيضا بتفكيره المتجدد، حيث كان من أوائل من اقترحوا فكرة الأغاني القصيرة، والتي لم تكن رائجة حينها، لكنه أدرك أن العصر سيتغير، وأن الجمهور قد يفضل يوما ما الأغاني المكثفة في زمنها ومعانيها.
أما آخر ما كتبه من كلمات، فكان مشروع أغنية جديدة مع الملحن بليغ حمدي للعندليب عبد الحليم حافظ، لكنها للأسف لم تبصر النور بسبب رحيل العندليب.
رغم أن الشاعر محمد حمزة سمع في بداياته أن كلماته لا تساوي شيئا، فإن الزمن أنصفه، وجعل من أغانيه إرثا غنائيا خالدا واليوم، يذكر كأحد أعمدة الكلمة في الأغنية المصرية والعربية، الذي أثبت أن الإصرار والمعرفة قادران على تحويل “الكلام الفاضي” إلى فن يعيش لأجيال.