الرئيس الإيراني يشيد بوحدة الشعب في مراسم تشييع الشهداء

شهدت شوارع طهران أمس بمئات الآلاف من المواطنين الذين توافدوا من ساحة الثورة إلى ساحة آزادي لإحياء مراسم تشييع ضحايا الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الجمهورية الإسلامية.
وفي كلمة ألقاها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال الطقوس، أكد أن التضامن والتلاحم بين أبناء الشعب لطالما شكّلا الدرع الحصين أمام التهديدات الخارجية، وأن هذا المشهد المهيب يعكس عمق الولاء للوطن واستعداد الجميع للدفاع عنه بكل السبل.
وأشار بزشكيان إلى أن “خدمة هذا الشعب النبيل الساعي للحرية هو أعظم شرف في حياتي”، معرباً عن اعتزازه الكبير بمواقف المواطنين الذين ودّعوا رفاقهم الشهداء بحبٍ وإجلال، مردّدين هتافات مناهضة لإسرائيل.
وأضاف: “لقد سمع العالم صوت وحدتنا، ولن تمر المؤامرات التي تحاك ضد أمننا واستقرارنا دون رد قاطع”، مؤكداً أن إيران ماضية في تعزيز قدراتها الدفاعية والاقتصادية لمواجهة أي تصعيد محتمل.
وبدأت مراسم التشييع بوصول جثامين الشهداء إلى ساحة الثورة، حيث وقف الحضور دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل.
كما ارتقى شيوخ وعلماء الدين إلى المنصة لإقامة الصلاة على الجثمان، قبل أن تنطلق الجثامين على عربات عسكرية إلى ساحة آزادي، وسط ترديد الزغاريد والهتافات الوطنية.
وشهدت الشوارع الرئيسية لمدينة طهران انتشاراً كثيفاً لقوات الأمن لضبط حركة المرور وتأمين المشيعين.
وخلال كلمته، أكد بزشكيان أن الخسائر التي تكبدتها إيران ليست مجرد أعداد من الشهداء، بل هي تجسيد لقيم التضحية والفداء التي غرسها التاريخ في نفوس الشعب الإيراني عبر قرون طويلة.
وأضاف أن “العدو سعى إلى زرع الفتنة بيننا، ولكنه لم يفلح في كسر عزيمتنا”، مشدّداً على أن المرحلة المقبلة تتطلب توحيد الجهود الحكومية والشعبية لإعادة بناء المنشآت المتضررة وتعويض الأسر المتضررة مادياً ومعنوياً.
ومن جانبه، شنّ بعض المسؤولين العسكريين إدانة شديدة للهجوم الإسرائيلي، واعتبروه اعتداءً على سيادة الدولة وجزءاً من سياسة الابتزاز السياسي التي تمارسها تل أبيب.
وأكّد الحرس الثوري الإيراني أن الردّ على هذا الاعتداء سيكون في الزمان والمكان المناسبين، محذّراً من أن أي محاولة جديدة ستُواجه بريمات محسوبة ودقيقة.
وعلى الصعيد الشعبي، عبّر عدد من المشاركين في التشييع عن اعتزازهم بالموقف الرسمي الموحد، معتبرين أن اللحظة الراهنة تستدعي “تعزيز اللحمة الوطنية وتجاوز الاختلافات الداخلية”. وقالت إحدى المواطنات: جئنا اليوم لنعبر عن تضامننا مع أسر الشهداء، وليعلم الأعداء أننا وطن واحد لا يقهر.
بينما أشار أحد الطلاب الجامعيين إلى أن الحضور الجماهيري الكبير يؤشر إلى “جذور عميقة للوطنية في نفوس الأجيال الصاعدة”.
وشهدت الساعات اللاحقة للمراسم انتشار تقارير مصورة ومشاهد حية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أبرزت مشاهد الحزن والفخر معاً، وقد استخدمت الوسائط هاشتاغات باللغة الفارسية والعربية والإنجليزية للإشادة بوحدة الإيرانيين وتذكير العالم بفظائع العدوان.
وفي نهاية المراسم، جرى نقل جثامين الشهداء إلى المقابر الإسلامية في ضواحي طهران، حيث وُرِي الثرى وسط تلاوة آيات من القرآن الكريم وصلوات الحاضرين.
وحظيت التغطية الإعلامية بمتابعة واسعة داخل إيران وخارجها، إذ اعتبر مراقبون أن هذه المراسم تشكل “رسالة قوة” و”بيان عزم” للقيادة والشعب على حد سواء.
ويأتي هذا الحدث في إطار سلسلة من التوترات الإقليمية التي شهدتها المنطقة منذ اندلاع المواجهات، وقد سبقَ التشييع دعوات دولية لوقف التصعيد، إلا أن التوترات بقيت مرتفعة وفق ما نقلته وكالات الأنباء.
ومع انتهاء مراسم التشييع، يؤكد الداخل الإيراني على أن المرحلة القادمة ستشهد تعبئة أكبر للجهود الوطنية والارتقاء بقدرات البلاد في المجالات الدفاعية والاقتصادية، تحسباً لأي تطورات مستقبلية.