غضب دولي ومطالبات بوقف مؤسسة غزة الإنسانية بعد قتلها المئات من منتظري المساعدات

تصاعدت المطالبات الدولية لوقف نشاط ما يُعرف بـ «مؤسسة غزة الإنسانية» في قطاع غزة، والتي انطلقت في 27 مايو الماضي, بدعم أمريكي إسرائيلي، وذلك بعد ظهور تقارير موثقة تفيد بقيامها بتصفية المئات من الفلسطينيين من منتظري المساعدات الغذائية وسط ظروف إنسانية كارثية، بجانب اتهامات بتورطها في توزيع طحين (دقيق) ملوّث بأقراص مخدرة.
وبحسب تقارير فلسطينية رسمية، استشهد أكثر من 600 مواطن منذ بدء نشاط المؤسسة، نتيجة تعرضهم لإطلاق نار بالرصاص الحي بشكل مباشر أثناء محاولاتهم الوصول إلى نقاط توزيع الطعام، والتي أُطلق عليها "مصائد الموت" بين الفلسطينيين, فيما ذكرت مصادر ميدانية أن عدد الإصابات تجاوز 4,000 شخص، بينما لا يزال العشرات في عداد المفقودين.
هآرتس: أطلقوا النار على الجوعى
وكشفت صحيفة «هآرتس» العبرية، في تقرير استقصائي، أن أوامر إطلاق النار على المدنيين الجائعين صدرت من قيادات عسكرية إسرائيلية، رغم تأكيد ضباط وجنود بأن الفلسطينيين لم يكونوا يحملون أي سلاح أو يشكّلون أي تهديد.
وبحسب شهادات الجنود، جاءت التعليمات بهدف “إبعاد الفلسطينيين عن مناطق التوزيع”، وهو ما اعتُبر دليلا واضحا على تعمّد استهدافهم، ويكذب الرواية الإسرائيلية التي تبرّر إطلاق النارعلى المدنيين بسبب الاشتباه بهم أو وجود تهديد.
من جانبها، طالبت حركة «حماس» الفلسطينية منظمة الأمم المتحدة بسرعة تشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة قتل المدنيين أثناء انتظارهم المساعدات الإنسانية، مؤكدة أن ما كشفته «هآرتس» يثبت أن مؤسسة غزة الإنسانية ليست آلية إغاثية، بل وسيلة منظمة لـ “الإبادة وقتل العزّل بعد تجويعهم والتنكيل بهم”.
طحين ملوّث بالمخدرات
وكشفت التحقيقات الميدانية في قطاع غزة عن واحدة من أخطر الجرائم الإنسانية التي يشهدها القطاع، بعد توثيق شهادات لمواطنين عثروا على أقراص مخدّرة من نوع أوكسيكودون Oxycodone داخل أكياس دقيق (طحين) تم توزيعها عبر مراكز إغاثة تديرها جهات أمريكية وإسرائيلية، وتُعرف محليا بـ"مصائد الموت".
ووفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي، تم توثيق 4 شهادات منفصلة لمواطنين فلسطينيين أكدوا العثور على هذه الأقراص، وسط مؤشرات خطيرة تدل على أن بعض تلك الحبوب المخدرة قد تم طحنها أو تذويبها عمدا داخل الطحين نفسه، وهو ما يحوّل الدقيق من مصدر غذائي بقاء إلى أداة تسميم جماعي.
انتقادات دولية واسعة
من جهته, وصف وزير الخارجية الفرنسي «جان نويل بارو» ما يحدث حاليا في غزة بأنه "فضيحة وانتهاك للكرامة الإنسانية"، داعيا إلى وقف فوري لهذه الممارسات الإجرامية، مؤكدا أنه "لا مبرر لاستمرار العملية العسكرية الإسرائيلية أو لمنع المساعدات الإنسانية".
بدورها، طالبت منظمة «أطباء بلا حدود» بوقف نشاط المؤسسة الإغاثية المشبوهة فورا، ووصفتها بـ"الآلية المُهينة التي تُجبر المدنيين على اختيار الموت أو الجوع"، مؤكدة أن نشاطها أدى إلى "مجازر متكررة".
أما الأمم المتحدة، فوصفت هذه المؤسسة بأنها "آلية عسكرية إسرائيلية للمساعدات"، مؤكدة أنها تتناقض مع المبادئ والمعايير الدولية، وتعمل خارج الإطار الأممي.
"نظام قاتل وغير مسبوق"
ووصف المفوض العام لوكالة الأونروا، «فيليبي لازاريني»، المؤسسة بأنها "آلية بغيضة تؤدي لإزهاق الأرواح"، بينما قال المستشار الإعلامي للوكالة «عدنان أبو حسنة» إن سكان غزة “يُجبرون على قطع عشرات الكيلومترات للوصول إلى نقاط توزيع، ليُقتلوا أثناء الذهاب أو العودة”، واصفا النظام القائم هناك بـ"القاتل وغير المسبوق".
وأكد أبو حسنة أن المؤسسة استبدلت أكثر من 400 نقطة توزيع وآلاف العاملين الإنسانيين بـ4 مواقع فقط يديرها متقاعدون عسكريون يفتقرون لأي خلفية إنسانية، ما يثبت أنها "تجربة ميدانية للإبادة تحت لافتة الإغاثة".