حادث المنوفية.. دماء الفتيات تكشف غياب الرقابة وتستنفر مجلس النواب

حادث مأساوي هز مشاعر المصريين جميعا، وأسفر عن وفاة 19 فتاة في واقعة مؤلمة تعكس تكرار الحوادث على الطريق الدائري الإقليمي.
وأثار الحادث موجة من الغضب داخل مجلس النواب، حيث تعالت الأصوات مطالبة بمحاسبة المسؤولين، وسط انتقادات حادة لغياب الرقابة والإجراءات الوقائية الكفيلة بمنع تكرار هذه الكوارث.
غياب الرقابة
أعربت الكاتبة فريدة الشوباشي، عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، عن حزنها الشديد إزاء الحوادث المتكررة على الطرق، والتي كان آخرها الحادث المأساوي الذي أودى بحياة 19 فتاة شابة، واصفة ما يحدث بأنه أمر محزن ودليل على أننا فقدنا الإحساس بالآخر.
وأكدت الشوباشي، في تصريح خاص لـ “بلدنا اليوم” ، أن من يرتكب أخطاء تتسبب في وفاة هذا العدد من الفتيات في عمر الزهور، لا بد أن يخضع لعقاب رادع.
وقالت إذا ثبت أن سائق سيارة النقل المتسببة في الحادث كان تحت تأثير المخدرات، فإننا بحاجة إلى ردع قوي، ورقابة صارمة وغير متوقعة من الأجهزة المعنية، وألا تظل الأكمنة المرورية ثابتة، بل يجب أن تكون متحركة ومباغتة.
وأوضحت أن الردع الحقيقي هو الذي يجبر الجميع على الالتزام، ولا يصح إلا الصحيح، مشيرة إلى أن العنصر الأساسي في هذه المنظومة هو دور إدارة المرور في الرقابة الصارمة، خصوصًا في ظل شبكة الطرق الجديدة التي غيرت حياة المواطنين وسهّلت التنقل.
وأردفت أنه حتى وإن كانت بعض الطرق لا تزال قليلة الكثافة، فمن يمر بها يجب أن يكون حريصًا في قيادته، ولا يتصرف كما لو أنه وحده على الطريق.
وانتقدت الشوباشي غياب الانضباط المروري، خاصة على الطريق الدائري، مشيرة إلى أن سائقي النقل الثقيل لا يلتزمون بالسير في أقصى اليمين كما هو مقرر لهم، ما يهدد حياة الآخرين، إذ يمكن أن تتساقط الحمولة فجأة وتتسبب في كوارث متسائلة “من المسؤول عنهم سوى إدارة المرور؟.
المجلس لا يخشى في الحق لومة لائم
من جانبه، قال الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، إن الحادث الأليم الذي وقع في محافظة المنوفية وراح ضحيته 19 فتاة، يمثل فاجعة مؤثرة.
وأضاف القصبي، خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم: أتقدم بخالص التعازي لأسر الضحايا، ونسأل الله أن يتغمدهن بواسع رحمته.
وأشار القصبي إلى وجود خطأ يستوجب المراجعة والمحاسبة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الحق يُقال، وهو أن مصر حققت نقلة نوعية في التصنيف الدولي لشبكة الطرق. واستطرد قائلًا: “لدينا شبكة طرق شهدت في السابق العديد من الحوادث والمآسي، وما زال العمل جارياً على تطويرها.
وشدد القصبي على أن الدعوة إلى التحقيق لا تعني إنكار ما تحقق من جهود، قائلاً هذا المجلس لا يخشى في الحق لومة لائم، وقد تصدى لملفات لم يجرؤ غيره على فتحها. لا أحد فوق القانون، ولدينا صلاحيات نمارسها وحقوق نتمسك بها، فلا داعي للمزايدات أو التقليل من دور المجلس.
ويُذكر أن محافظة المنوفية شهدت يوم الجمعة الماضي حادثًا مروريًا مأساويًا أسفر عن وفاة 19 فتاة، كنّ في طريقهن إلى العمل في إحدى مزارع العنب، وتتراوح أعمارهن بين 14 و23 عامًا، وكنّ يبحثن عن مصدر رزق يومي.
فاجعة إنسانية لن تمر بلا حساب
تقدم النائب علاء عابد، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، بخالص التعازي لأهالي ضحايا حادث الطريق الإقليمي، الذي راح ضحيته 19 فتاة في عمر الزهور.
وقال عابد خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم أعزي أسر الضحايا وأؤكد أن لجنة النقل والمواصلات في حالة انعقاد دائم منذ وقوع الحادث بناءً على توجيهات من رئيس المجلس المستشار الدكتور حنفي جبالي، وذلك للوقوف على ملابساته واتخاذ ما يلزم من إجراءات.
ووجّه عابد الشكر إلى الإعلام المصري الواعي الذي نقل مشاعر المواطنين وغطّى تفاصيل الحادث بدقة، مشيرًا إلى أنه تم تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة ولجنة النقل لمتابعة مجريات التحقيق.
كما أشار إلى أنه تم ضبط سائق السيارة النقل المتسببة في الحادث، وتبيّن من الفحوصات أنه كان تحت تأثير المخدرات، فضلًا عن أن رخصته كانت منتهية.
وأكد عابد أن الحادث لن يمر مرور الكرام، مشددًا على أن وفاة 19 فتاة لا يمكن أن تمر دون محاسبة، وأن الحكومة اتخذت بالفعل إجراءات حاسمة، ولجنة النقل مستمرة في انعقادها لبحث سبل إزالة جميع العوائق التي تتسبب في تكرار مثل هذه الحوادث.
دماء غالية
في نفس السياق، وجهت النائبة سلمى مراد، عضو مجلس النواب عن حزب التجمع، بيانًا عاجلًا إلى رئيس مجلس الوزراء والفريق كامل الوزير، وزير النقل والمواصلات، دقت فيه ناقوس الخطر بشأن الحوادث المتكررة على الطريق الدائري الإقليمي، والتي كان آخرها حادث مأساوي في محافظة المنوفية أودى بحياة 19 فتاة.
وفي كلمتها أمام الجلسة العامة، أعربت النائبة عن أسفها الشديد لتكرار الكوارث على هذا الطريق الحيوي، قائلة أنه منذ شهر تقدمت ببيان عاجل حول نفس الأزمة، لكن لا حياة لمن تنادي. الطريق الدائري الإقليمي أصبح بؤرة يومية لحوادث دامية، آخرها حادث أفجعنا جميعًا، وراح ضحيته فتيات في مقتبل العمر.
وأشارت إلى أن الحوادث تتركز تحديدًا في الوصلة الواقعة بين الخطاطبة – مركز السادات – ومدينة بنها، مرورا بمركزي أشمون والباجور، وهي منطقة تشهد أعمال صيانة غير مؤمنة، تفتقر إلى وسائل الحماية والتحذير، مما يجعلها مصيدة للمركبات والمواطنين.
وأكدت النائبة أن ما يحدث يعد تقصيرًا جسيمًا من الجهات المسؤولة، حيث تتكرر الحوادث نتيجة غياب الرقابة المرورية، وسوء حالة الطريق، وانعدام لافتات التحذير في مناطق الصيانة، مما يتسبب في سقوط ضحايا أبرياء دون ذنب.
وطالبت النائبة باعتبار فترات الصيانة حالة طوارئ ، تتطلب تدخلًا فوريًا وتشديدًا للرقابة والإجراءات الوقائية، لا أن تُترك الطرق في هذا الوضع الكارثي دون إشراف أو مسؤولية.
وتساءلت في كلمتها بغضب إلى متى ستظل الحكومة تتعامل بهذا القدر من التراخي مع أرواح الناس؟ هل ننتظر كارثة أخرى لنستيقظ
واختتمت النائبة بيانها بمطالبة واضحة إيقاف العمل بالطريق فورًا لحين الانتهاء من الصيانة وتشكيل لجنة تقصي حقائق من المتخصصين في الهندسة والطرق والمرور لتحديد مكامن الخطورة ومعالجتها بشكل عاجل، مناشدة الحكومة بقولها أن دماء المصريين غالية، ولا بد من تحرك عاجل اليوم قبل أن نفقد المزيد.