«أدهم».. حكاية شاب حمل هموم أسرته وأصبح ضحية منسية بفاجعة الإقليمي بالمنوفية

وسط الحزن الذي خيم على محافظة المنوفية عقب فاجعة الطريق الإقليمي، تظل هناك وجوه منسية وقصص موجعة خلف الحادث، من بينها قصة "أدهم"، سائق الميكروباص الشاب، الذي لم يكن مجرد ضحية لحادث سير، بل كان العائل الوحيد لأسرة معدمة، تقيم في منزل متواضع من الطوب اللبن بقرية طملاي التابعة لمركز منوف.
بيت الطوب اللبن وحلم العيش الكريم
كان أدهم يعيش مع أسرته في منزل بسيط لا يتجاوز حجرتين صغيرتين، تتقاسم فيه العائلة معاناة الفقر والمرض، والده ووالدته كلاهما مريض، وقد أجريا عمليات جراحية لتركيب شرائح ومسامير، الأمر الذي أقعدهما عن العمل، بينما تتكفل والدته، رغم مرضها، بالخروج يوميًا لجمع الفراولة في الأراضي الزراعية، محاولة أن تساعد ولو بالقليل.
العائل الوحيد وسند الأسرة
تحمَّل أدهم المسؤولية مبكرًا، أصبح العائل الوحيد لأسرته، يسعى بين الطرقات ليؤمّن لهم لقمة العيش وثمن العلاج، كان يخرج بسيارته الميكروباص من الساعة الخامسة صباحًا، يطوف القرى والطرقات، بحثًا عن رزق يومه، ليعود في نهاية النهار حاملاً ما يكفي لسد رمق أسرته وتوفير الدواء لوالديه.
لحظة النهاية
في يوم الحادث المشؤوم، لم يكن يعلم أدهم أن رحلته الأخيرة ستبدأ في الخامسة صباحًا، ولن يعود بعدها أبدًا، ترك خلفه أسرة مكسورة وأمًا مكلومة كانت تنتظره كل مساء على أمل أن يعود محملًا برزق البيت، لكنه عاد هذه المرة جثمانًا ملفوفًا بكفن أبيض.
وجع طملاي.. وصرخة المنسيين
قصة أدهم ليست مجرد سطر عابر في سجل الحوادث، بل حكاية حقيقية لشاب فقير يحمل هموم وطن صغير بين ضلوعه، واليوم، تنعى طملاي ابنها البار، بينما تتمنى أسرته أن تظل ذكراه حاضرة، وأن تصل صرخات المكلومين في بيوت الطوب اللبن إلى من يملك القرار.
وفي مشهد إنساني مؤثر، قدم اليوم اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية واجب العزاء لأسرة سائق السيارة ضحية حادث الطريق الإقليمي، وذلك خلال زيارته لمنزل الأسرة بقرية طملاي التابعة لمركز منوف.
وأعرب المحافظ عن خالص تعازيه ومواساته لأسرة الشهيد، داعيًا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان، رافق المحافظ خلال الزيارة اللواء عبد الله الديب السكرتير العام للمحافظة، والمهندسة مروة زهران رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة منوف.
تقديم الدعم والرعاية الطبية العاجلة
وفي لفتة إنسانية تعكس مدى حرصه على الوقوف إلى جانب الأسر المنكوبة، أمر محافظ المنوفية باصطحاب والد ووالدة السائق لتوقيع الكشف الطبي الفوري، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهما، نظرًا لما يعانيانه من بعض الأعراض التي تستدعي إجراء فحوصات عاجلة للاطمئنان على حالتهما الصحية.
كما أكد المحافظ خلال الزيارة أنه تم البدء في حصر جميع مطالب واحتياجات أسر ضحايا الحادث، والعمل على تلبيتها بشكل عاجل، موضحًا أن باب مكتبه سيظل مفتوحًا أمامهم لتقديم كافة أوجه الدعم والرعاية الشاملة لهم.
أسرة الشهيد: "نشكر المحافظ على دعمه ورعايته"
من جانبهم، أعربت أسرة السائق الشهيد عن خالص شكرهم وتقديرهم لمحافظ المنوفية على هذه اللفتة الإنسانية الكريمة، وحرصه على تقديم واجب العزاء بنفسه، ومتابعته لحالتهم الصحية والاجتماعية، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في تخفيف معاناتهم.