رزيقة الطارش.. الصوت الأول للمرأة الإماراتية يرحل بعد نصف قرن من العطاء

في صباح الجمعة 4 يوليو 2025، أسدل الستار على فصل طويل من فصول الفن الإماراتي الأصيل برحيل الفنانة رزيقة الطارش عن عمر ناهز 71 عامًا، بعد مسيرة إبداعية تجاوزت الخمسين عامًا، وضعتها في مصاف رواد الدراما والإعلام والمسرح في الإمارات والخليج.
رزيقة لم تكن مجرد ممثلة أو مذيعة بل كانت صوت المرأة الإماراتية الأول الذي انطلق من الإذاعة، وتجسد على المسرح، وتعمق في التلفزيون.
ولدت رزيقة الطارش في 6 مارس 1954، وسط مجتمع ناشئ كانت فيه المرأة نادرة الظهور في المجال العام لكن صوتها وجد طريقه إلى الميكروفون مبكرًا. في سن التاسعة، بدأت تقديم فقرات الأطفال في برنامج "بو سعد وأم سعد" لتكون من أوائل الأطفال في إذاعة أبوظبي.
وفي عام 1969، التحقت رسميا بالإذاعة كمذيعة، لتصبح من أوائل الأصوات النسائية التي شكلت وجدان المستمع الإماراتي، وشاركت في برامج ثقافية واجتماعية، من بينها “المرأة” و"صواب أم صواب".
ما بين عامي 1969 و1979، شاركت رزيقة في عدد من الأعمال المسرحية التي شكلت النواة الأولى للمسرح الإماراتي، مثل:
“الله يا الدنيا” ، “الصبر زين” ، “تب الأول تحول”
في تلك السنوات، لم تكن الخشبة مكانا مألوفا للنساء، لكن رزيقة اقتحمتها بثقة.
الدراما التلفزيونية
دخلت التلفزيون في منتصف السبعينيات، في زمن الأبيض والأسود، وشاركت في مسلسلات مثل “الشقيقان” و"أشحفان" بدور "ميثا" الذي بقي محفورا في الذاكرة الشعبية. امتدت مسيرتها لأكثر من 40 عمل درامي، جسدت فيها أدوار الأم، الجدة، المرأة الشعبية، والمعلمة.
أبرز أعمال زريفة
حظ يا نصيب ، حاير طاير، القياضة ، دروب المطايا ، عجيب غريب ، بحر الليل
وكانت ثنائيتها مع الفنان جابر نغموش، خاصة في مسلسل «طماشة»، أحد علامات الكوميديا الاجتماعية الإماراتية.
لم تتوقف رزيقة عند التمثيل، بل خاضت تجربة التأليف، وقدمت نصوصا مثل:
ناعمة ونعيمة ، عذاب الضمير، عتيجة وعتيج
وفي السينما، شاركت في ثلاثة أفلام إماراتية:
عقاب ، الخطبة ،ظل (2012)
رزيقة كانت تدرك أن صوتها يجب أن يكتب، لا يؤدى فقط.
في 2024، اختيرت "شخصية العام المسرحية" من قبل هيئة دبي للثقافة، تتويجا لمسيرتها الطويلة في خدمة الفن والمجتمع.
لم تكن تبحث عن التكريمات، لكنها جاءت تباعا، لأنها ببساطة أعطت دون توقف.
في 4 يوليو 2025، فاضت روحها بعد صراع مع المرض. نعاه عدد كبير من نجوم الخليج، في مقدمتهم:
حبيب غلوم: "الله يرحمك يا أم سيف"
طارق العلي: "رزيقة كانت أخت وأم لكل من حولها"
أحمد الجسمي: "رحيلك خسارة وطنية"
الجمهور لم يودع فنانة بل ودع ذاكرة حية كانت تؤنس البيوت وتغني الشاشة وتحفظ التراث.