بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

دعاء عبد السلام تكتب: الفتنة الكبرى الجذور والأحداث والآثار في التاريخ الإسلامي

بلدنا اليوم

تُعدّ الفتنة الكبرى أخطر أزمة سياسية وعسكرية واجهت الدولة الإسلامية في عهد الصحابة رضي الله عنهم. فقد مثّلت هذه الفتنة مرحلة مفصلية بين عهد الوحدة والاجتماع، وبين بداية الانقسام المذهبي والسياسي الذي امتدّ تأثيره حتى يومنا هذا

أولًا: الجذور والأسباب  ،اتساع الدولة الإسلامية 
في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، امتدّت الفتوحات شرقًا وغربًا، فزادت موارد الدولة، وظهرت طبقات جديدة من المسلمين، وتنامت المطالب الاجتماعية والسياسية ،تولي الأقارب الولايات:
عُرف عن عثمان ميله إلى تعيين أقاربه من بني أمية ولاةً على الأمصار، مثل الوليد بن عقبة في الكوفة، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح في مصر، ومعاوية بن أبي سفيان في الشام، وهو ما أثار استياء بعض الصحابة والتابعين الذين رأوا في ذلك محاباة النقد العلني والتأليب بدأت الوفود القادمة من الأمصار تُظهر اعتراضها على بعض سياسات عثمان، لا سيما ما اعتبروه تجاوزات من بعض الولاة. ثم ظهرت رسائل مجهولة وأخبار متضاربة أججت الغضب.
ثانيًا: مقتل الخليفة عثمان
في عام 35 هـ اجتمعت وفود من الكوفة والبصرة ومصر أمام المدينة تطالب بعزل بعض الولاة. حاول عثمان تهدئة الوضع، ووعد بإجراء الإصلاحات. لكن الوضع خرج عن السيطرة حين حاصر عدد من الثائرين بيت الخليفة أربعين يومًا تقريبًا، حتى قُتل رضي الله عنه مظلومًا وهو يقرأ القرآن.
هذا الحدث هزّ وجدان المسلمين، لأنه كان أول اغتيال لخليفة راشد، وفتح الباب أمام الصراع الدموي.
ثالثًا: بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بعد مقتل عثمان، اجتمع كبار الصحابة وبايعوا علي بن أبي طالب بالخلافة. لم تكن البيعة موضع إجماع كامل، إذ رأى بعض الصحابة وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان أن عليًا مطالب أولًا بالقصاص من قتلة عثمان قبل توحيد الصف.
رابعًا: معركة الجمل سنة 36 هـ، تحركت عائشة أم المؤمنين مع الصحابيين طلحة والزبير رضي الله عنهم إلى البصرة، يطلبون القصاص لعثمان. ، علي بن أبي طالب خرج بجيشه نحو البصرة لمحاورة القوم وحقن الدماء. ، بعد مفاوضات مطوّلة، وقعت اشتباكات مفاجئة، قيل إن مدبريها هم قتلة عثمان، وأدت إلى معركة عنيفة عُرفت بـ”الجمل”، قُتل فيها طلحة والزبير، ونجت عائشة وأعيدت مكرمة إلى المدينة.
خامسًا: معركة صفين والتحكيم بعد الجمل، بقيت الشام تحت حكم معاوية، الذي رفض مبايعة علي قبل الاقتصاص من قتلة عثمان سنة 37 هـ، التقيا في صفين قرب نهر الفرات. ، استمرت المعركة أشهرًا، ثم رفع جيش معاوية المصاحف طلبًا للتحكيم. ، قَبِل علي على مضض بتحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص. ، لم تنهِ نتيجة التحكيم الخلاف بل زادته تعقيدًا
سادسًا: ظهور الخوارج رفضت فئة من جيش علي قبول التحكيم وعدّوه “تحكيم الرجال في دين الله”. ، اعتزلوا الجيش وتجمعوا في حروراء، فسُمّوا “الحرورية”، ثم اشتهروا باسم “الخوارج”. ، قاتلهم علي لاحقًا في معركة النهروان سنة 38 هـ.

سابعًا: نهاية الفتنة وصُلح الحسن في عام 40 هـ، اغتيل علي رضي الله عنه على يد أحد الخوارج (عبدالرحمن بن ملجم). ، بويع ابنه الحسن بن علي بالخلافة، لكنه تنازل عنها لمعاوية بن أبي سفيان حقنًا للدماء. ، سُمّي هذا العام “عام الجماعة” لانتهاء القتال واتحاد المسلمين سياسيًا تحت راية واحدة.
ثامنًا: نهاية الخلافة الراشدة:
بانتهاء حكم علي والحسن، بدأت الدولة الأموية بنظام ملكي وراثي ،تكوّن الفرق: ظهر الشيعة الذين ناصروا عليًا وآل البيت، والخوارج الذين كفّروا الجميع، وأهل السنة الذين التزموا الجماعة انقسام الأمة:
رسّخت الفتنة الكبرى بذور الانقسام السياسي والمذهبي الذي بقي أثره حتى اليوم.

تم نسخ الرابط