بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

السفير جمال بيومي: ترامب جاهل ويحقق السلام بشروط إسرائيلية.. وعلامات استفهام على الشرع| حوار

محرر بلدنا اليوم
محرر بلدنا اليوم خلال لقائه بالسفير جمال بيومي

في ظل أحداث سياسية متسارعة، وتغيرات جيوسياسية تطرأ على المنطقة، تواجه مصر على شتى الأطراف مخاطر متزايدة يومًا تلو الأخر، ما بين القضية الأهم في الشرق الأوسط والتي تدور أحداثها في قطاع غزة، وبين الانقسامات الداخلية في السودان، وتدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا، تقف مصر كحائط السد المنيع لأي محاولة من شأنها زعزعة الإقليم، وتشتبك سياسيًا في كل القضايا، وتقف على الحياد عسكريا. 

السفير جمال بيومي مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، ومستشار أمين عام جامعة الدول العربية سابقا، يفتح قلبه في حوار خاص لـ "بلدنا اليوم" للحديث عن مستقبل الشرق الأوسط، وما ينتظره من مفاجآت، وموقف مصر الحالي وسط إقليم يعج بالصراعات، وحال الاحتلال الإسرائيلي في ظل عدائه لجميع جيرانه، فإلى نص الحوار: 

هل تنتهي الحرب الإسرائيلية الفلسطينية بتدخل من ترامب؟

دائمًا يتم اتهامي بالتفاؤل، ولكن في حرب غزة أنا لست متفائلًا، لأن هناك أطراف ليس من صالحها إيقاف هذه الحرب، لأن من زرع إسرائيل في المنطقة هي دول الغرب وأولهم نابليون حيث دعا الجالية اليهودية بالعالم للمجيء لفلسطين لتفصل بين المشرق العربي والمغرب وتستنزف قدراتهم وتؤمن مصالح الغرب، وبالتالي ليس للغرب مصلحة في انتهاء الحرب.

أيضًا نتنياهو مطلوب للعادلة الدولية، والرئيس الأمريكي جاهل يجهل أنه جاهل، وبالتالي زين الأجهزة التي يعمل معها، حيث يعادي الجميع الصديق والعدو، سواء من فرض رسوم جمركية أو غيرها، ودعا علنًا لتهجير الفلسطينيين، وبالتالي ليس من الطبيعي أن يتدخل لإنهائها.

لا ننسى أيضًا الطرف الثالث وهو بيع السلاح، إذ باعت أمريكا بـ ٨٠ مليار دولار منذ بداية هذه الحرب فكل هذه الأمور توضح أن ينهي ترامب الحرب، ولكن إذا حدث ذلك سيكون بسبب أن إسرائيل أنهكت، وأيضا تعاني تل أبيب الهجرة العكسية، وأيضا التاريخ ينصف إصحاب الحقوق والغزيين على حق، وأيضا الحقوق واضحة، " قهوة الفيشاوي في وسط البلد أقدم من أمريكا و١٠٠ دولة أخرى" 

محمود صلاح والسفير جمال بيومي 
محمود صلاح والسفير جمال بيومي 

 

ولنسأل سؤال، ما هو مستقبل دولة تعادي سوريا، لبنان، لمصر. الأردن، وكل حدودها، وأيضا العديد من سكانها يهاجرون، ولنفترض أنهم حققوا حلم دولة من النيل للفرات من أين يأتي لها بسكان وكل عدد اليهود في العالم ١١ مليون، منهم ٦ ملايين في إسرائيل والباقين بشتى دول العالم، فعن إي مستقبل تتحدثون. 

 

برأيك ماذا تريد حماس.. وهل تقبل الابتعاد عن إدارة القطاع مقابل وقف الحرب؟

هناك ثلاث نقاط ضعف في الجانب العربي أولها حماس، لأنها مجموعة انتخبت في البداية ثم استولوا على السلطة وغاصبون للسلطة وليست من حقهم، لأنه لم يُطلب منهم شن حرب، ومن ثم يطلبون من مصر التدخل، أيضا هم أنفسهم يشبهون الإخوان المسلمين ويريدون إقامة إمارة إسلامية في غزة، وليس لديهم انتماء واضح للقضية الفلسطينية، مع ذلك مصر لا تتأخر عن فلسطين، وليس هناك سبب واحد يدفع مصر لمحاربة إسرائيل.

كيف ترى تأثير الدور المصري على القضية الفلسطينية في ظل اتساع العلاقات الخليجية مع إسرائيل وأمريكا؟

هناك شائعات حول التقارب السعودي الإسرائيلي وأن اليهود كانوا يعيشون بالمدينة فترة حكم النبي، أو أن الإمارات يحدث بينها وبين إسرائيل تقارب، إذا مصر نفسها أبرمت معاهدة سلام مع تل أبيب، وبالتالي ليس هناك خطأ في أن يكون هناك دور لقطر أو أي دولة أخرى في الإقليم، ولكن في النهاية درع الأمة العربية في أي قضية إقليمية وتحديدًا القضية الفلسطينية، وليس هناك تفاهمات أو تفاوض بدونها. 

سيناريوهات إعادة تشكيل المنطقة هي عملة ذات وجهين.. أولهما خدمة المصالح الغربية والإسرائيلية.. فكيف تقرأ الوجه الأخر؟

الغرب يحاول تأمين مصالحه في الشرق الأوسط باستخدام سلاحها وهي إسرائيل، غير أن هناك عدم تقارب بين الدول العربية وتحديدًا في الاقتصاد، فحجم الاستثمار العربي خارج بلاد العرب وصل في وقتٍ ما إلى ١٨٠٠ مليار دولار، فحين أنه بالداخل ٦٠ مليار دولار، وهذا ليس لأن العرب يكرهون بعضهم، ولكن القضية الأسوأ في التفاهمات وعدم التقارب والتسهيلات، وبالتالي إعادة التشكيل هذه تحتاج إلى نزع البيروقراطية والعمل على معالجة التأخر في الاستثمار والمفاهيم المتعلقة به في شتى المجالات بين البلدان العربية. 

هل تتخلى إيران عن حلم النووي بسبب الضغط الأمريكي؟

إيران لم تقول إنها تريد صناعة قنبلة نووية، ولا الوكالة الدولية أعلنت ذلك، وذلك مثلما كانت العراق قديما ورغم ذلك ضربت من الولايات المتحدة، وبالتالي إيران ليس لديها نووي، والسلاح النووي لم يستخدم في تاريخ البشرية إلا من خلال دولة ديمقراطية وهي الولايات المتحدة حينما ضربت هيروشيما، وبالتالي يوجد معايير مزدوجة للعدالة لدى أمريكا، لذلك إيران ستستمر إيران في برنامجها النووي السلمي ولن تتخلى عنه أبدا. 

هل يتكرر سيناريو غزة مع طهران وتنتهك إسرائيل الهدنة بشن ضربات جديدة؟

من الوارد جدا حدوث ذلك، لأنه في الظاهر أن إسرائيل لديها شعور بالاستخفاف بإيران، وبالتالي تلعب على مبدأ استنزاف القوة الإيرانية، بمساعد الولايات المتحدة الأمريكية، فمن الممكن أن نجد ضرب جديد بين الدولتين في أي وقت. 

هل تفكر طهران في إغلاق مضيق هرمز.. وما تأثير ذلك على المنطقة؟

هذا إجراء عنيف للغاية واعتقد أن إيران لن تفكر فيه أبدا، لأن مصر مثلا لن تفكر في إغلاق قناة السويس، إذا فغلق "هرمز" سيؤثر على المنطقة برمتها ومن بينها طهران، وإذا حدث ذلك سيؤثر على الجميع، فالحرب الروسية الأوكرانية أثرت على الشرق الأوسط.

كيف ترى تأثير الضربات الحوثية في البحر الأحمر على الاقتصاد المصري؟

ضربات الحوثيين للسفن في البحر الأحمر تؤثر بشكل كبير على قناة السويس، حتى وصل إلى أنها تراجعت بنسبة ٤٠٪، ولكن بدأت تعود لطبيعتها، ولكن الاستهداف بشكل عام للسفن يؤثر طبعا على الاقتصاد المصري. 

تحليلك للتقارب المصري الإيراني الأخير وإلى أي مدى سيصل؟

هناك مودة وتقارب بين مصر وإيران منذ الملكية المصرية والمصاهرة بينهما، ولكن طهران هي من قطعت العلاقة مع مصر بسبب معاهدة السلام مع إسرائيل، وعند اغتيال السادات فرحوا بمقتله وأطلقوا اسم منفذ الهجوم على أحد الشوارع، لكن على مستوى "البيزنيس" لم ينسحبوا، ورغم القطيعة كانت تحدث لقاءات بين الرئيس مبارك ورئيس إيران آنذاك في جنيف، وبالتالي في الوقت الحالي يوجد فرصة جيدة مع إيران لعودة العلاقات إلى طبيعتها، ولكن مشكلتها الوحيدة أنها تمتلك دبلوماسيين جيدين ولكن فوقهم "المرشد" ومن معه وهذا ما يؤثر. 

كيف تقيم المشهد الميداني والسياسي في السودان.. وما الأطراف الإقليمية الأكثر تأثيرًا بالأزمة هناك؟ 

السودان تعاني من مرض "القبلية" نحن في مصر لا نفرق بين صعيدي وقاهري، لكن في السودان توجد قبلية كبيرة وهذا ما يحدث الانشقاق، والدليل على ذلك أن السودان انفصلت عن مصر لأسباب القبلية حيث يرون أنهم ليسوا من أصول عربية مصرية، وبعد ذلك انفصلت السودان لشمال وجنوب، وبعد ذلك انقسم الشمال اليوم، بالتالي الأمر يتضح يوما تلو الأخر.

ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية – وخاصة مصر والسعودية – في التهدئة أو الوساطة؟

السودانيين يشعرون بالطمأنينة تجاه مصر، وقديمًا كنا نقول في المدارس يعيش الملك فارق ملك مصر والسودان، إذا مقولة الشقيقة الكبرى عن مصر والسودان هي حقيقة، ومصر لها تأثير كبير في إنهاء الخلاف السوداني، وأيضا مطلوب ضامن للصفقة وهذا هو دور مصر، ويزيد على ذلك الدور السعودي الذي من الممكن أن يدعم الموقف من الجهة المالية بشكل كبير، ويعزز الاستثمارات. 

في ظل استمرار الانقسام السياسي والمؤسسي في ليبيا.. كيف تقرأ المشهد الحالي هناك؟

المشكلة في ليبيا تتشابه مع العراق، من لديه البترول؟، وبالتالي لا بد أولا من بناء دولة ذات سلطة واحدة ليس فيها انقسامات ومن ثم الانتقال للمرحلة الثانية، وهناك مشكلة أخرى وهي التواجد العسكري الأجنبي، ويرجع السبب في ذلك هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحاول أن يحصد ما يمكن حصاده في البترول من المتوسط، ولذلك كان عائقا أمامه الجزر اليونانية، ما دفعه بعد ذلك للتحدث حول فكرة الدولة العثمانية وأن ليبيا وغيرها كانت تابعة لهم، ليضع لنفسه أسباب يسلك منها مسلكا السيطرة على البترول، حيث مول ١٥ ألف من المرتزقة للتواجد في ليبيا. 

كيف يؤثر الوضع في ليبيا على الأمن القومي المصري؟ 

مصر استطاعت أن تمنع الهجرة غير المشروعة عبر حدودها إلى ليبيا وسيطرت بشكل كبير، وليست ليبيا وحدها ولكن في الاتحاد الأوروبي أيضا، وهناك فرص كبيرة لمصر في ليبيا في حالة إعادة الإعمار في ليبيا، لذلك سيكون لمصر نصيب الأسد في ذلك، وبالتالي تحاول مصر بكل الطرق أن تسيطر على الوضع في ليبيا وتحقق الاستقرار لتنتقل إلى المرحلة الثانية وهي الاستثمار وإعادة الإعمار. 

هل عودة سوريا إلى الجامعة العربية خطوة رمزية أم بداية لاندماج فعلي؟

أنا ضد تجميد عضوية أي دولة بالجامعة العربية، وما حدث قديما بنقل مقر الجامعة إلى الجزائر كان طفوليا وليس مفهوما، وبالتالي يجب أن يكون لكل دولة دور في إقليمها، وهذا خطأ فكرة إبعاد أي دولة، ولكن إذا كانت الدولة مشتركة معنا فهذا يعني على الأقل أن يسير معنا في نفس الاتجاه ولن تخرج عن المألوف. 

تقييمك لفترة رئاسة الشرع.. وهل تتنازل سوريا عن الجولان من أجل التطبيع؟

هناك علامات استفهام كثيرة على وجود الشرع في رئاسة سوريا، وملامح الأمر لم تتضح حتى الآن، لأن إسرائيل لازالت لها مصالح كثيرة في سوريا، حيث إن نتنياهو أعلن ضمن الجولان رسميا لإسرائيل، في ظل أن سوريا لن تتنازل نهائيا عن قطعة أرض من سوريا، في أي حال من الأحوال لأن هذا ليس مباحًا في عرف القانون الدولي على الأقل، فكيف تتنازل دولة عن أرضها بهذه السهولة.

كيف ترى وضع سد النهضة وتأثيره على مصر؟

نبيل فهمي وزير الخارجية الأسبق أكد لي، أن مصر عرضت على إثيوبيا بناء سد النهضة مقابل الحصول على الكهرباء، وبالتالي ليست المشكلة في التمويل لأن أي بنك كان سيمول بناء السد، وعلى المدى الطويل لن يؤثر السد الإثيوبي على مصر، وهو لن يضايق مصر أبدًا في المياه، لأن الهضبة الحبشية يتساقط عليها ١٦٠٠ مليار متر مكعب من المياه، ومصر تحتاج ٨٥، وأيضا إثيوبيا ليس بها نظامًا للري لأن المطر يتساقط على جميع أنحاء البلد، والسد مقام على حدود السودان تقريبا في شمال إثيوبيا، ولكن ما يضايق مصر حقيقة هي سرعة ملئ الخزان وهذا يؤثر على التدفق.

 الأمر الثاني هو زيادة ارتفاع البناء من ٤٧ متر إلى ١٤٣ متر، وهذا يمكن أن ينتج زلازل بسبب تدفق المياه من ارتفاع، والأمر الثاني أن مكان السد هي أرض طين بعكس السد العالي بمنطقة جيرانيت، وبالتالي معرض للانهيار، وفي حالة انهياره تدمر السودان يحدث تأثيرات في مصر. 

هل يضع ترامب سد النهضة في صفقة مقابل غزة مع مصر؟ 

هذا لن يحدث لأنه لن يؤثر على مصر في شيء، هم مضطرون لتشغل التوربينات لتوليد الكهرباء لأن هذا هو الغرض الأساسي من السد، وليس حجب المياه عن دول المصب. 

أخيرًا.. هل يحقق ترامب السلام في الشرق الأوسط ويصل لحلم نوبل؟ 

لا أثق فيه نهائيًا، وهو شخص يعاني من الجهل، والكونجرس نفسه يكذبه طوال الوقت، ولكن يمكن أن نقول أن ترامب سيحقق السلام في الشرق الأوسط ولكن بشروط إسرائيلية.

تم نسخ الرابط