بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

بعد حريق مأساوي.. أهالي «شما بالمنوفية» يتكاتفون لإعادة بناء ورشة صنايعي العرائس

جانب من الورشة التى
جانب من الورشة التى احترقت

في مشهد يُجسد أسمى معاني التكافل الإنساني والاجتماعي، شهدت قرية شما التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، واقعة مؤثرة كان بطلها أحد أبناء القرية المعروف بحرفته في صناعة أثاث العرائس، الأسطى محمد، النجار المجتهد الذي طالما أسعد البيوت بتجهيز "عفش العرائس"، فوجئ بحريق هائل يلتهم ورشته بالكامل، ليقف أمام كارثة قاسية تهدد مصدر رزقه وحلم زبائنه في آنٍ واحد إلا أن الموقف سرعان ما تحوّل إلى ملحمة إنسانية رائعة، بعدما تدافع الأهالي لمساندته بكل السبل الممكنة.

صنايعي الأحلام.. خسارة مفجعة في لحظة

صاحب الورشة الذي اشتهر بين أهالي القرية والقرى المجاورة بحِرفيته وذوقه العالي في صناعة أثاث العرائس، كان يعمل بلا توقف خلال الأيام الأخيرة لتسليم عدة تجهيزات لمقبلات على الزواج، وبينما كان يجهز آخر اللمسات، داهمته النيران فجأة، لتأتي على كل محتويات الورشة من أخشاب نادرة، معدات، وآلات حديثة، إلى جانب طلبات العرائس التي كادت تكتمل.

المشهد لم يكن سهلاً، فخلال دقائق تحولت الورشة العامرة بالحياة والعمل إلى كومة رماد، لم يستطع النجار سوى مشاهدة حلمه وهو يتهاوى أمام عينيه، وسط حالة من الذهول والدموع التي لم تفارق عينيه.

أهالي شما.. قرية لا تعرف الهزيمة

وما أن انتشر خبر الحريق، حتى تحركت القرية عن بكرة أبيها، في صورة تعكس المعدن الأصيل لأهالي الريف المصري، لم يكتفوا بالمشاركة في إخماد النيران، بل اجتمع العشرات من شباب ورجال القرية فورًا، وبدؤوا في تنظيم حملات تبرع عاجلة لإعادة تشغيل الورشة.

تبرع البعض بمبالغ مالية، وآخرون تعهدوا بتوفير أخشاب ومعدات، فيما تطوع نجارون آخرون بالمساعدة المجانية لاستكمال أعمال العرائس التي توقفت فجأة، المشهد بدا وكأنه رسالة صادقة بأن الخير لا يزال يملأ قلوب الناس، وأن الشدائد دائمًا ما تكشف عن أجمل ما في المجتمعات من مروءة.

تفاصيل الواقعة.. لحظات الرعب والنجاة

وقع الحريق بشكل مفاجئ مساء أمس داخل الورشة الواقعة على أطراف القرية، وتشير المعاينة الأولية إلى أن السبب يرجح أن يكون ماسًا كهربائيًا اندلع في إحدى الوصلات الداخلية، خاصة مع وجود كميات كبيرة من الأخشاب والدهانات سريعة الاشتعال.

سارع الأهالي إلى موقع الحادث فور تصاعد الدخان، فيما وصلت قوات الحماية المدنية إلى المكان في وقت قياسي، وتمكنت من السيطرة على الحريق ومنع امتداده للمنازل المجاورة، بعدما كان يهدد حظائر مواشي ومخازن أخرى.

تحقيقات رسمية جارية

تم تحرير محضر رسمي بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة التي باشرت التحقيقات لبيان أسباب الحادث بدقة، وتقدير حجم الخسائر.

كما انتدبت الأدلة الجنائية لفحص آثار الحريق داخل الورشة، وسط متابعة من قيادات الوحدة المحلية لمتابعة تطورات الموقف.

رسالة أمل وسط الحطام

وسط الركام، أصر النجار على توجيه رسالة شكر مؤثرة لأهالي قريته، مؤكدًا أن وقفتهم بجواره أكبر من أي تعويض مادي. وقال: "الورشة بتتبني تاني، والقلوب الطيبة دي أغلى من كل حاجة اتحرقت".

وتحولت ساحة الورشة القديمة إلى مقر تجمع يومي للأهالي والمتطوعين الذين وعدوا باستمرار دعمهم حتى تعود الورشة للعمل من جديد.

خاتمة.. نموذج يُدرّس في الشهامة

ملحمة شما لم تكن مجرد قصة حريق في ورشة نجارة، لكنها درس حقيقي في الشهامة والتكاتف الإنساني، ورسالة بأن قرى مصر مازالت عامرة بالرجال الذين لا يتخلون عن بعضهم وقت الشدة.

ويبقى المشهد مصدر فخر لأشمون والمنوفية كلها، بأن في وقت المحن تولد أجمل البطولات الإنساني. 

تم نسخ الرابط