خبير أمني يوضح استراتيجيات روسيا
آصف ملحم: موسكو تحاول فصل الحرب الأوكرانية عن العلاقة مع واشنطن

أكد الدكتور آصف ملحم، مدير مركز “جي إس إم” للأبحاث والدراسات، أن روسيا تسعى إلى فصل الحرب في أوكرانيا عن العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، مؤكّدًا أن موسكو لا تزال حريصة على الحفاظ على قناة تفاهم مع واشنطن رغم تصاعد العمليات العسكرية في الساحة الأوروبية.
ويأتي هذا الموقف في ظل سعي القيادات الروسية إلى إبقاء ملف الصراع الأوكراني منفصلاً عن الملفات السياسية والاقتصادية الأوسع بين البلدين.
وأوضح ملحم، في مداخلة عبر برنامج “إكسترا اليوم” على قناة “إكسترا نيوز”، أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يواجه ضغوطًا داخلية غير مسبوقة، سواء من الرأي العام الأمريكي أو من مراكز النفوذ المختلفة في واشنطن.
وأشار إلى أن “خيارات ترامب أصبحت محدودة سياسيًا”، ما يدفعه إلى محاولة تمرير مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بدرجة لا تغضب الكرملين أو تتسبب في رد فعل روسي عنيف.
وحول وعود ترامب الانتخابية بإنهاء الحروب الخارجية، لفت ملحم إلى أن “شبكات القوة الحقيقية في الولايات المتحدة”، مثل رجال المال والإعلام وعملاقات التكنولوجيا، تضع في حساباتها المحافظة على حالة الفوضى الدولية لتحقيق مكاسب تجارية واستراتيجية.
واعتبر أن الشارع الأمريكي، رغم انتفاضته على بعض ملفات السياسة الخارجية، لا يملك التأثير الأكبر في صناعة القرار، مقارنةً بتلك المراكز التي تسيطر على مفاصل السياسة والاقتصاد.
وأضاف الخبير أن موسكو قدّمت عروضًا واسعة للتعاون الاقتصادي مع واشنطن منذ عهد ترامب، ولا سيما في مجال المعادن النادرة اللازمة للتقنيات الحديثة، لكنها لم تجد تجاوبًا كافيًا من الجانب الأمريكي.
ورأى ملحم أن السبب في ذلك يعود جزئيًا إلى الخلط بين العلاقات الشخصية بين القادة، مثل تصريحات ترامب عن إحباطه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والعلاقات الرسمية المبنية على مصالح استراتيجية واضحة.
وتابع ملحم قائلاً إن “التصور السائد عند بعض المراقبين بأن العلاقات الدولية تُبنى على المشاعر الفردية خاطئ، فهي في جوهرها قائمة على حسابات دقيقة للمصالح الوطنية والميزان الاقتصادي والعسكري”.
وأكد أن الكرملين يسعى من خلف هذا الانفصال المنهجي بين ملفات الحرب والعلاقات السياسية إلى تجنب أي تبعات سلبية قد تترتب على التوتر العسكري، وخاصة في حال قدّم البيت الأبيض تنازلات قد تُعتبر انتصارًا للكرملين في السياق الأوكراني.
واختتم الدكتور ملحم مداخلته بالتأكيد على أن “التفاهم الروسي-الأمريكي، حتى في أسوأ ظروف التوتر، يظل ضروريًا لتفادي أزمات أوسع في المنطقة الأوروبية والعالمية”، محذرًا من أن أي تصعيد غير محسوب قد يدفع الملف الأوكراني إلى مواجهة مفتوحة تقود إلى رد فعل دولي أكثر حدة.