بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

تراث الأكلات الشعبية في قرى المنوفي.. عادات متوارثة وأكلات موسمية تحكي ذاكرة الأجداد

الفطير المشلتت
الفطير المشلتت

بين شوارع وقرى محافظة المنوفية، تختبئ وصفات طعام لم تسجلها كتب الطهي، ولم تنقلها الشاشات، لكنها تعيش في ذاكرة البيوت، تتوارثها الجدات للأمهات، ومنهن للحفيدات، فلكل موسم في قرى المنوفية أكلاته الشعبية الخاصة التي تعبّر عن ثقافة الأرض والفلاح، وتمثل جزءًا من الهوية الريفية الخالصة، ونحاول أن نقترب من سفرة القرى المنوفية، حيث البساطة في المكونات، والحكمة في اختيار ما يناسب المواسم، والارتباط بالمحاصيل الزراعية التي تحدد قائمة الطعام على مدار العام.

 

"الفطير المشلتت والعسل ".. فطور المناسبات

لا تخلو أي مناسبة سعيدة في قرى المنوفية من الفطير المشلتت، الذي يُعجن بالسمن البلدي، ويُقدم مع العسل الأسود أو القشطة، وتقول الحاجة زينب عبد العليم من قرية طه شبرا : " زمان كان لما حد يولد أو يجي ضيف من السفر، لازم الستات يعجنوا الفطير، لأنه بركة ووش خير."

 

"الكشك".. أكلة شتوية دافئة

مع بداية فصل الشتاء، تتجه السيدات لتحضير الكشك، وهو مزيج من الدقيق واللبن والمرق، يُطهى على نار هادئة، وتؤكد أم هاني من أشمون : "الكشك أكلة الغلابة في البرد، بيشبع ويدفي.. وكنا نعمله زمان لما الدنيا تمطر وأولادنا مش لاقيين غير شوية لبن وعيش ."

 

"الفتة بالخل والثوم" في العيد

في عيد الأضحى، تكون الفتة بالخل والثوم بطلة المائدة، بجانب اللحم الضاني، والتى تعتبر من أهم الأكلات المرتبطة بهذا التوقيت، وتقول سعاد محمد من برهيم التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية : " لازم يوم الدبح نعمل الفتة، دي فرحة العيد، وريحة الخل والثوم تعلن إن العيد دخل الدار. "

 

"المحشي والكوسة بالبصل" في المواسم

مع حصاد الكرنب والكرات، تشتهر القرى بعمل المحشي بأنواعه، ويتفرد الفلاحون بعمل الكوسة بالبصل، حيث تُحشى الكوسة بالبصل المعصج وتطهى بالصلصة، "دي أكلة جيران وحبايب.. لما واحدة تعملها، تبعت طبق لكل بيت حواليها."  كما تحكي أم أحمد من شما.

 

عادات موسمية مرتبطة بالأرض

ارتبطت أكلات قرى المنوفية بمواسم الحصاد والزراعة، ففي موسم القمح تُجهز الفريك والعيش الشمسي، وفي الصيف تنتشر أكلة الجبنة القديمة مع الطماطم والعيش البلدي، وفي الخريف يتم عمل البليلة باللبن والأرز باللبن عقب جني الذرة.

 

وعلى الرغم من التغيرات العصرية التي تلاحقت على القرى المختلفة بمحافظات مصر، ألا أنه لا تزال عادة تبادل الصحون بين الجيران قائمة ومستمرة، وتقول الحاجة عطيات من ميت أبو الكوم : " أهم من الأكل نفسه.. إن الجيران ياكلوا من إيد بعض، ده رزق وبركة للدار."

 

تراث على مائدة البسطاء

سفرة القرى المنوفية ليست مجرد طعام، لكنها طقوس وذاكرة وهوية تعكس ثقافة مجتمع مترابط، يمزج بين ما تنتجه الأرض وما توارثه الأجداد، ورغم دخول أكلات المدن والوجبات السريعة، يبقى لتراث المطبخ المنوفي قيمته، حكاياته ونكهته التي لا تشبه سواها.

تم نسخ الرابط