بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

في ذكرى انطلاقه.. حكاية أول إشارة تلفزيونية غيرت وجه الإعلام المصري والعربي

التلفزيون المصري
التلفزيون المصري - صورة أرشيفية

 في مثل هذا اليوم، 21 يوليو من عام 1960، انطلقت من القاهرة أول إشارة بث تلفزيوني رسمي في مصر، إيذانًا بولادة وسيلة إعلامية جديدة ستغير ملامح الحياة اليومية للمصريين، وتصبح لاحقًا جزءًا أصيلًا من الوعي الجمعي والثقافي للأمة.

جاء البث الأول ضمن إنجازات ثورة 23 يوليو 1952، لتتحول هذه اللحظة إلى محطة فاصلة في تاريخ الإعلام المصري والعربي، إذ لم تتجاوز مدة البث حينها خمس ساعات يوميًا، بدأت بتلاوة عطرة من آيات القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد صديق المنشاوي، ثم ظهر الإذاعي صلاح زكي ليعلن للعالم: "هنا التلفزيون العربي من القاهرة".

وتخللت ساعات البث الأولى وقائع افتتاح مجلس الأمة، وخطاب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والنشيد الوطني، ثم نشرة الأخبار، ما عكس منذ اللحظة الأولى الدور التثقيفي والتوعوي الذي كان مرسومًا للتلفزيون الوليد.

من الفكرة إلى البث

تعود فكرة إنشاء تلفزيون مصري إلى عام 1954، بمبادرة من الصاغ صلاح سالم، أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة، إلا أن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عطل المشروع مؤقتًا. 

وفي عام 1959، أعيد إحياؤه على يد الدكتور عبد القادر حاتم، ليشهد عام 1960 انطلاق البث الرسمي من مبنى الإذاعة والتلفزيون الشهير "ماسبيرو"، الذي أصبح رمزًا للإعلام المصري.

نشأة التلفزيون عالميًا

لم تكن مصر بعيدة عن السباق العالمي نحو البث التلفزيوني، فالفكرة تعود إلى عام 1884 حين اخترع الألماني بول نبكو قرصًا ميكانيكيًا لنقل الصور، وتطورت التقنية تدريجيًا حتى بدأت بريطانيا أول بث منتظم عام 1936، لتتبعها دول مثل فرنسا، ألمانيا، اليابان، الاتحاد السوفيتي، والصين.

السبق العربي

في المنطقة العربية، كان العراق أول من بدأ البث التلفزيوني عام 1954، تلاه الجزائر ولبنان، ثم مصر في 1960، بينما كانت الكويت أول دولة خليجية تطلق بثًا تلفزيونيًا رسميًا عام 1961.

رحلة التطور التكنولوجي

على مدار العقود الستة الماضية، شهد التلفزيون المصري – كغيره من محطات العالم – تحولات تقنية ضخمة، من الشاشات بالأبيض والأسود إلى الشاشات الملونة، ومن البث الأرضي إلى البث الرقمي والفضائي، ومن الريموت كونترول إلى الشاشات الذكية المتصلة بالإنترنت، كما دخلت تقنيات HD وLED ضمن أدوات البث والإنتاج، مع التوجه الحديث نحو الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي.

توسع البنية الإعلامية

مع تأسيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون عام 1970، بدأت مرحلة جديدة من التوسع، حيث أُطلقت قنوات إقليمية ومحلية، وقنوات تعليمية وثقافية، إلى جانب قناة النيل الدولية الناطقة بالإنجليزية والفرنسية.

كما تحول البث إلى الألوان بعد انتصار أكتوبر 1973، مما زاد من جاذبية الشاشة للمشاهد المصري والعربي.

التلفزيون في خدمة المجتمع

لم يقتصر دور التلفزيون على الترفيه فقط، بل كان شريكًا في التنمية الوطنية، فابتداءً من ستينيات القرن الماضي، ساهم في حملات محو الأمية، وأنتج برامج اجتماعية وثقافية وعلمية، إلى جانب تغطيته المستمرة لقضايا المرأة، الطفل، والأسرة. كما لعب دورًا بارزًا في تغطية الأحداث الوطنية وتشكيل الوعي السياسي والاجتماعي.

خصائص إعلامية فريدة

بجمعه بين الصوت والصورة والحركة، استطاع التلفزيون أن يحتل مكانة متميزة بين وسائل الإعلام، كونه وسيلة قادرة على التأثير الجماهيري ونقل الأحداث والمعرفة، وتعزيز الهوية الوطنية والثقافية.

ورغم التحديات التي فرضها العصر الرقمي، من منصات البث المباشر إلى شبكات التواصل الاجتماعي، ما يزال التلفزيون المصري يحتفظ بدوره في حياة ملايين المشاهدين، ومع تراجع الجمهور التقليدي، تظهر فرص جديدة في تطوير المحتوى الرقمي ودمج الوسائل التكنولوجية الحديثة.

تم نسخ الرابط