وكيل أوقاف كفر الشيخ: نواجه الفكر المتطرف بالعلم والتأهيل.. وتجديد الخطاب الديني لا يهدم الثوابت| حوار

في ظل التحديات الفكرية التي تواجه المجتمع المصري، ومحاولات التيارات المتشددة لاختراق العقول عبر المنابر ومواقع التواصل الاجتماعي، تقف وزارة الأوقاف كخط الدفاع الأول لحماية الهوية الدينية الوسطية لمصر، ومن خلال منظومة متكاملة من التدريب والتوعية، تسعى الوزارة إلى تعزيز قيم التسامح ونشر الفهم الصحيح للدين الإسلامي.
وفي هذا الحوار، يفتح الدكتور معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ قلبه لـ"بلدنا اليوم "، كاشفًا عن الجهود المبذولة في مواجهة التطرف، وتجديد الخطاب الديني، والتفاعل مع قضايا المجتمع.
ما هو الدور الذي تقوم به وزارة الأوقاف في المجتمع المصري اليوم؟
وزارة الأوقاف تلعب دورًا محوريًا في ترسيخ القيم الدينية الصحيحة في المجتمع، من خلال إدارة شؤون المساجد، وتأهيل الأئمة والدعاة، ونشر الخطاب الوسطي المعتدل. كما تساهم في معالجة القضايا المجتمعية من منظور ديني رشيد، وتشارك في التنمية الفكرية والإنسانية للمواطنين.
كيف تسهم الوزارة في ترسيخ القيم الدينية الوسطية في ظل التحديات الحالية؟
نعتمد على استراتيجية توعية شاملة تبدأ من المنبر وتنتهي بمواقع التواصل، حيث نؤهل الأئمة ليكونوا قادرين على تفنيد الشبهات والرد عليها بالحجة والبرهان . كما نطلق حملات تثقيفية وندوات حوارية بالشراكة مع الجهات المعنية لغرس القيم الوسطية ومكافحة الغلو والتطرف.
ما مدى التعاون بين وزارة الأوقاف والمؤسسات الدينية الأخرى مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء؟
هناك تنسيق كامل ومتكامل بيننا، فالأزهر ودار الإفتاء شركاء في المشروع الوطني لنشر الفكر الوسطي. ونعمل سويًا في حملات التوعية، وتبادل الخبرات، والتصدي للفتاوى الشاذة، وكلنا نكمل بعضنا في منظومة واحدة.
كيف تتعامل وزارة الأوقاف مع محاولات اختراق المنابر من قبل التيارات المتطرفة؟
نضع ضوابط صارمة للخطابة، ولا يُسمح لأى أحد إعتلاء المنبر دون تصريح رسمي. كما نتابع خطب الجمعة باستمرار بالمرور المفاجئ على جميع مساجد المحافظة بشتى مراكزها ، وأي خروج عن النص يتم التعامل معه قانونيًا وفوريًا، وقد أغلقت الوزارة العديد من الزوايا غير المرخصة لذلك السبب.
ما أبرز البرامج أو المبادرات التي أطلقتها الوزارة لمواجهة الفكر المتطرف؟
أبرزها مبادرة "الفهم الصحيح للإسلام"، و"معًا نُبني وطنًا"، و"حق الوطن"، إضافة إلى البرامج التدريبية المكثفة التي تهدف لصقل مهارات الأئمة في الحوار ومواجهة الفكر بالفكر.
هل ترون أن الخطاب الديني الحالي قادر على التصدي للأفكار المتشددة المنتشرة عبر الإنترنت والسوشيال ميديا؟
نحن نخطو خطوات واسعة نحو ذلك، لكننا ندرك أن التحديات كبيرة، لذا نطوّر أدواتنا باستمرار، ونعمل على زيادة تفاعل الأئمة مع الشباب عبر المنصات الإلكترونية بأسلوب عصري وبلغة يفهمها الجيل الجديد.
كيف يتم إعداد وتأهيل الأئمة ليكونوا في طليعة المواجهة الفكرية مع دعاة التطرف؟
نُخضع الأئمة لدورات تدريبية متقدمة تشمل علوم الدين، ومهارات الحوار، ومواكبة القضايا الفكرية المعاصرة، بالتعاون مع أكاديمية الأوقاف الدولية، وبيت العائلة المصرية، وبعض الجامعات المتخصصة.
ما المفهوم الصحيح لتجديد الخطاب الديني من وجهة نظر وزارة الأوقاف؟
التجديد لا يعني التفريط في الثوابت، بل يعني تقديم الخطاب الديني بلغة عصره، ومعالجة قضاياه الراهنة بفهم مستنير للنصوص. نحن لا نغير في الدين، بل نجدد في أسلوب الطرح والتناول.
ما أبرز الجهود التي قامت بها الوزارة خلال السنوات الأخيرة في هذا الملف؟
أطلقنا سلسلة من المؤلفات الحديثة، وحدثنا محتوى خطب الجمعة، وأنشأنا صفحات تواصل نشطة، ودعمنا دور أكاديمية الأوقاف في تدريب الدعاة، بالإضافة إلى تفعيل دور المسجد الجامع في الوعي المجتمعي.
هل هناك خطط لتطوير مناهج التدريب والدورات التي يتلقاها الأئمة والدعاة لتتناسب مع متغيرات العصر؟
نعم، هناك تحديث مستمر في المناهج، وإدراج موضوعات مثل الإعلام الرقمي، ومهارات القيادة، والتعامل مع قضايا الإلحاد والعنف المجتمعي. كما نُشرك خبراء من خارج المؤسسة الدينية لتوسيع أفق الأئمة.
كيف يمكن التوفيق بين الحفاظ على ثوابت الدين وبين متطلبات التجديد في الخطاب؟
بفهم عميق للدين ووعي بمتغيرات العصر. الخطاب الديني لا يتعارض مع التطوير إذا ظل في إطار مقاصد الشريعة وثوابتها. التجديد ضرورة بشرط ألا يمس جوهر العقيدة.
كيف تتعامل الوزارة مع الفتاوى الشاذة أو غير المنضبطة التي تنتشر على وسائل التواصل؟
نرد عليها عبر الصفحات الرسمية بتفنيدها، ونُحيلها إلى لجنة الفتوى والجهات المختصة، كما نوجه الأئمة بالرد عليها في خطبهم، ونؤكد للمواطنين ألا يأخذوا دينهم إلا من الجهات المعتمدة.
هل ترى الوزارة أن هناك فجوة بين الشباب والمؤسسات الدينية؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
ربما توجد فجوة في الوسائل لا في الثقة، ونعمل على تجاوزها من خلال فتح قنوات التواصل، وتقديم محتوى شبابي جذاب، وتنظيم ملتقيات دعوية حوارية في الجامعات والمدارس.
في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، كيف توجه الوزارة خطابها الديني للمجتمع المصري؟
نركز على التحلي بالصبر، والتكافل الاجتماعي، وأهمية العمل والإنتاج، ونحث الأغنياء على دعم الفقراء، مع توعية المواطنين بمخاطر الشائعات وخطاب الهدم.
ما أهم التحديات التي تواجه الوزارة حاليًا في أداء رسالتها؟
التحدي الأكبر هو مجاراة سرعة التغيرات المجتمعية والفكرية، إضافة إلى مواجهة الفكر المتطرف على الإنترنت، وتطوير أدوات الخطاب بما يتناسب مع جمهور متنوع وواسع.
كيف تقيّمون تفاعل المواطنين مع المبادرات التوعوية والدينية التي تطلقها الوزارة؟
الإقبال جيد ويتزايد مع الوقت، خاصة في المحافظات والقرى، ونحن نحرص على تقديم محتوى ملموس ومرتبط بحياة الناس اليومية، وهذا يزيد من التفاعل والقبول.
ما هي الرؤية المستقبلية لوزارة الأوقاف خلال السنوات القادمة في ملف الخطاب الديني؟
نطمح إلى بناء جيل من الدعاة المثقفين القادرين على قيادة الوعي، وإطلاق منصة دعوية وطنية قوية تنافس الأفكار المتطرفة، وتحقيق تكامل أكبر مع المؤسسات التربوية والإعلامية.