«فات الميعاد» هل يكسر مسلسل العنف الأسري جدار الصمت أم يعيد تشكيله؟ نقاد يجيبون (خاص)

في كل بيت تدور حكايات تبدأ بالحب وتنتهي بمرارة لا تطاق هكذا انطلقت قصة "بسمة" و"مسعد" في مسلسل "فات الميعاد" أثار ضجة كبيرة مؤخرًا حيث كشفت الأحداث عن وجه آخر للعلاقات الأسرية لم يقتصر على الخلافات العادية التي في الغالب ما تحل بالتسامح بل امتد ليلامس جوانب أعمق وأكثر آلم من العنف الأسري.
منذ اللحظات الأولى قادنا المسلسل في رحلة مع "بسمة" التي وافقت على السكن في "بيت العائلة" بعد زواجها لتجد نفسها أمام زوج يتغير تدريجي من حبيب إلى رجل عنيف يضربها حتى تفقد الوعي.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها قضية العنف الأسري في الدراما لكن "فات الميعاد" تميز بتناوله الأكثر عمق دافع بالكثيرين للتفكير عن دور الدراما في معالجة هذه القضايا.
الناقد عصام زكريا: العنف موجودة لكن العرف أقوى
يرى الناقد الفني عصام زكريا على ضرورة تناول الدراما لأي ظاهرة مجتمعية بغض النظر عن مدى انتشارها.
وأوضح عصام زكريا في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن وجود الظواهر يبرر مناقشتها درامي حتى لو كانت نسبتها ضئيلة للغاية كواحد في المليون.
لفت زكريا إلى أن الثقافة المجتمعية والتفسيرات الدينية ترسي فكرة حق الرجل في ضرب المرأة، مردفًا أن هذا الأمر يتطلب حرب اجتماعية شاملة تتضمن إصدار القوانين تطبيقها بحزم والتوعية في المدارس ووسائل الإعلام والشارع.
واعتبر أن مسلسل يتناول رجل يضرب زوجته أقل ما يمكن تقديمه في هذا الواقع، أن قصص الدراما يجب أن تستمد من الواقع.
وأوضح أنه ليس من الضروري أن يبحث صانع الدراما عن الأغلبية بل يمكنه مناقشة أي قصة يراها مهمة حتى لو كانت حادثة فردية أو وقعت منذ زمن بعيد
أشار إلى أن الدراما تساهم في تغيير الواقع لكنها ليست العامل الوحيد، مشددًا على أن الأهم ليس مجرد مناقشة الموضوع بل كيفية مناقشته والسياق المجتمعي الذي يعرض فيه فإذا كانت الأفلام تعرض باستمرار صور لرجال يضربون النساء دون سياق للرفض فإن ذلك يرسي فكرة أن العنف شيء عادي.
وأكد الحاجة الماسة لمناقشة قضايا العنف ضد النساء والأطفال في الدراما إلى جانب عمليات اجتماعية ومجتمعية متكاملة، ودعا إلى حملات توعية ضد العنف.
أوضح أن تطبيق القوانين بحسم سيقضي على العنف بجميع أشكاله لكن ذلك لا يتحقق بمسلسل واحد فقط وضرب مثالًا بمسلسل "تحت الشمسية" الذي ناقش التحرش، وهي ظاهرة منتشرة على نطاق واسع لكنها تفتقر إلى الإحصائيات والصراحة في الاعتراف مما يعيق معالجتها.
وأشار إلى أن أعمال الدراما التي تناقش العنف يمكن أن تساهم في تغيير القوانين بل أن القوانين موجودة بالفعل لكن العرف الاجتماعي غالبًا ما يكون أقوى.
واختتم بالتأكيد على ضرورة التكاتف جهود المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والدراما والسينما لتحقيق تغيير حقيقي ومستدام.
هالة يسري أستاذ علم الاجتماع: الدراما تقدر تحل المشاكل لو اتقدمت صح
أكدت الدكتورة هالة يسري أستاذ علم الاجتماع ورئيس قسم الدراسات الاجتماعية بمركز بحوث الصحراء، أن عرض المشكلات في الدراما يمكن أن يساهم في حلها على أن طريقة التناول هي التي ترسخ الأفكار السلبية.
أوضحت هالة يسري في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن التناول يمكن أن يوعي الناس لتجنب الوقوع في المشكلات سواء من جانب الزوج أو الزوجة أو أهل الطرفين فجميعهم أطراف في المعادلة.
وأشارت إلى أهمية أن يعود صناع الدراما لعلماء الاجتماع وعلماء النفس لتقديم الحلول قبل إثارة عرض المشكلة.
وأضافت أن عرض الأعمال الدرامية له تأثير نفسي كبير على المشاهدين كونه يدخل كل بيت ويتناوله المشاهد وفق خلفيته الاقتصادية طبق والاجتماعية والثقافية.
كما شددت على ضرورة تناول الموضوعات بدقة وحرص شديد لتجنب تحقيق نتائج عكسية حيث يؤدي التناول الخاطئ يجعل بعض المشاهدين لما يرونه كما يحدث في أشكال العنف التي تظهر في الأفلام والدراما.
ورأت أن الدراما يجب أن تكون قاطرة حية تقود محاولات الإصلاح في البيوت وبالتأكيد أن قصص الدراما التلفزيونية مستوحاة من الواقع.
ورفضت بشكل قاطع عرض العنف وتفاصيله في الدراما موضحة أن مجرد الإشارة لحدوث العنف تكفي وأن تفاصيله تعلم ضعاف النفوس كيفية ممارسته على الآخرين.
واختتمت أن جميع أشكال العنف مرفوضة بشتى أشكالها وأنواعها لأنها تمثل محاكاة للواقع وتعليم لمن لا يمتلكون الوعي بكيفية ممارسة العنف بالفعل.
فريدة الشوباشي: مسلسل "فات الميعاد" مرآة للواقع والتفاصيل ليست بعيدة عن حياتنا
قالت النائبة فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب، إن الدراما الواعية والصادقة تمتلك القدرة على معالجة قضايا المجتمع بما في ذلك العنف الأسري يمكنها أن تساهم في ترسيخ القيم النبيلة وتوجيه السلوكيات.
وذكرت فريدة الشوباشي في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم" أن الدراما كانت حريصة على تدعم القيم الأخلاقية والشهامة المصرية لم نفقد ذلك إلا بتدخل شيوخ الخليج.
وأوضحت أن عرض المشاكل بشكل تفصيلي في الأعمال الدرامية يساهم في إيجاد حلول لها، الدراما تعكس الواقع الذي يعانيه الناس وليست مجرد طرح نظري.
وأضافت في أن مسلسل فات الميعاد يركز على معاناة زوجة تتعرض للضرب والعنف الأسري ومحاولات الزوج التنصل من حقوقها في المحاكم بتزوير الشهود والأوراق هذه التفاصيل ليست بعيدة عن الواقع المعاش.
وتابعت أن الدراما التي تركز على الجانب السلبي مثل العنف تفعل ذلك بهدف تنفير المواطنين من السلوكيات المنبوذة وإظهار قبحها لتحذير المجتمع منها.
وأكدت أن المسلسلات التي تتناول المشاكل الاجتماعية بهذا الشكل التفصيلي وتعكس الواقع بصدق هي من الأعمال التي تحبذها وترى فيها فائدة كبيرة للمجتمع.