كيف يرسم اجتماع ترامب والأوروبيين خريطة قيادة أمريكية متفردة؟ (خاص)

قال الدكتور عمرو الهلالي، المحلل السياسي، إن اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير مع القادة الأوروبيين حمل الكثير من الدلالات التي لا يمكن إغفالها، سواء من خلال خلفية الاجتماع أو لغة الجسد، موضحًا أن القراءة المتأنية تكشف عن ميزان قوة غير متكافئ بين واشنطن وأوروبا، مع حضور أوكراني متوتر.
وأكد الهلالي، في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم"، أن الخريطة التي ظهرت خلف الحضور، والمعنونة بـ"Russia-Ukraine Conflict Map"، لم تعكس الوضع الميداني الحالي للحرب في أوكرانيا بل بدت أقرب إلى صورة من نهاية عام 2024.
وأضاف: "من الغريب أن يعتمد ترامب على خريطة قديمة لا تعكس التطورات الأخيرة، مثل سقوط أفدييفكا بيد روسيا في فبراير 2024، وفتح جبهة خاركيف في مايو 2024، فضلًا عن إعلان موسكو السيطرة على تشاسيف يار مؤخرًا، ما يجعل السؤال مطروحًا: لماذا لم يتم عرض الخريطة الحديثة؟".
وأشار الهلالي إلى أن هذه الملاحظة تكشف عن دلالات سياسية، حيث يُظهر العرض أن الولايات المتحدة تريد التركيز على صورة معينة للمعركة، لا بالضرورة على الوضع الفعلي، وهو ما يعكس انتقائية في توجيه الرسائل إلى الحلفاء الأوروبيين.
تحليل لغة الجسد
وعن لغة الجسد، أوضح الهلالي أن مشاهد الاجتماع كانت بالغة الدلالة؛ ففي المكتب البيضاوي جلس ترامب خلف مكتبه الرئاسي في موضع القيادة، بينما جلس القادة الأوروبيون أمامه في صفوف متراصة كما لو كانوا طلابًا أمام "معلم".
وأضاف: "هذه الصورة توضح أن ترامب أراد الظهور في موضع المسيطر، بينما الأوروبيون في وضع المستمع والمنصت، حتى وإن حاولت الصورة الثانية أن توحي بقدر من الحوارية".
وتابع الهلالي أن القادة الأوروبيين بدوا منقسمين في ردود فعلهم: "ماكرون ظهر متجهّمًا بملامح تفكير متحفّظ، فيما جلست فون دير لاين بيدين مطبقتين تعكس الانضباط الرسمي، في حين بدا المستشار الألماني منهمكًا في تدوين الملاحظات، بينما أظهر زيلينسكي توترًا واضحًا وانحناءً إلى الأمام بما يشير إلى إلحاحه في طلب الدعم".
وأضاف: "الصورة العامة تقول إن ترامب كان مرتاحًا ومهيمنًا، فيما الأوروبيون التزموا بالشكل الدبلوماسي مع تباين في درجة القناعة، أما زيلينسكي فقد بدا وكأنه الطالب الأكثر احتياجًا لمساندة واشنطن".
مقارنة مع بايدن
وفي المقارنة مع أسلوب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، لفت الهلالي إلى أن الفارق كان واضحًا: "بايدن عقد اجتماعاته في غرفة مجلس الوزراء، حيث طاولة مستديرة وأعلام مشتركة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما أوحى بشراكة متوازنة بين الطرفين، بينما تعمّد ترامب أن يجلس منفردًا في المكتب البيضاوي مقابل صف كامل من القادة، وهو ما يرمز إلى قيادة أمريكية منفردة أكثر من كونه حوارًا تشاركيًا".
وختم الهلالي بالقول: "اجتماع بايدن كان يُظهر أمريكا كشريك لأوروبا، أما اجتماع ترامب فأظهر أمريكا كقائد منفرد، أوروبا كحلفاء متحفظين، وأوكرانيا كطرف مستغيث، والفارق في لغة الجسد والمكان يعكس اختلافًا جوهريًا في فلسفة التعامل مع الحلفاء".