ما حكم إطالة خطبة الجمعة ووقتها في السنة؟ إجابة غير متوقعة من التراث ودار الإفتاء

ظاهرة مُتفشِّية بين الخطباء، وهي إطالة خطبة الجمعة؛ ظنًّا منهم أنهم بهذا يعظون الجالسين المنتظرين للصلاة، ويرون أن هذا من السنة النبوية، فماذا قالت السنة النبوية والصحابة وعلماء الأمة؟ وكيف كان التطبيق العملي لهذه العادة؟

ما حكم إطالة خطبة الجمعة؟

نقطة الانطلاق ستكون من الحديث النبوي الشريف، الذي رواه الإمام مسلم: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّة (علامة) من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحرًا".

وقالت دار الإفتاء في رد على سؤال بشأن إطالة الخطبة إنه يستحب للإمام أن يقصر الخطبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أَطِيلُوا الصَّلاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ"، ويندب للإمام أن يخفف الصلاة بالمأمومين؛ لحديث "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ". رواه النسائي.

وكان من هديه عليه الصلاة والسلام في ذلك أنه يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الأعلى والغاشية، وتارة يقرأ بسورة الجمعة والمنافقون.

ما مدة خطبة الرسول؟

أجاب الدكتور علي جمعة عن هذا السؤال، في لقاء له بفضائية "سي بي سي"، بقوله إنه يمكن معرفة مدة خطبة النبي في صلاة الجمعة بالقياس على سورة "ق" التي كان يقرؤها في الخطبة الأولى، ويدعو الله في الخطبة الثانية.

وأوضح أن قراءة سورة "ق" تستغرق من 9 دقائق إلى 11 دقيقة حسب طريقة قراءتها، مستنتجا أن الخطبة الأولى متوسط مدتها 11 دقيقة، والدعاء في الخطبة الثانية 3 دقائق، وبهذا يكون مجموع الخطبة 15 دقيقة، مضافا إليها وقت صلاة الجمعة، وهو 10 دقائق، فتكون خطبة الجمعة بالصلاة نصف ساعة في المتوسط.

وأجمع علماء الأمة على أن تقصير خطبة الجمعة علامة على فقه الخطيب، بأن يجمع المعاني الكثيرة في كلمات قليلة ميسورة للعوام؛ لأن الإطالة تقلل التركيز، وتُنسي الكلام السابق.

قال عمار بن ياسر: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصر الخطبة"، وقال ابن حزم الأندلسي في كتاب "المحلى": "ولا تجوز إطالة الخطبة".

والخطبة لو كانت قصيرة جدًّا في كلمات معدودة فهي صحيحة، وهو ما قال به شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن سعدي.

علميًّا.. ما مدة تركيز الإنسان؟

أثبتت الدراسات العلمية أن مدة التركيز الفعَّال تتراوح بين 15 و25 دقيقة لا أكثر، وفقا لـ بوابة متدربي التدريبات العقلية، وأنها في عمر 14 عامًا من 28 إلى 42 دقيقة، و16 عامًا بين 32 و48 دقيقة وفقا لموقع  crossrivertherapy.

ولأن الخطبة تشمل كافة الأعمار، وأغلبها من كبار السن فإن الوقت الذي حدده الإسلام في وقت الخطبة متوافق مع الدراسات العلمية، ما يعني أن الإطالة بعد هذا الوقت تُضيِّع الفائدة من الخطبة، ويكون الخطيب إنما أهدر وقت المصلين، وشتَّت أذهانهم، ولم تُحدِث تأثيرها وهدفها الذي شُرِّعت من أجله.