السفير محمد العرابي: المنطقة باتت "مضطربة ورخوة" نتيجة تصاعد الفاعلين السياسيين والعسكريين

السفير محمد العرابي .. استضاف حزب الوعي برئاسة الدكتور باسل عادل، وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، في جلسة نقاشية موسعة تناولت أبعاد النظام العالمي الجديد، والتحديات الإقليمية، وانعكاسهما المباشر على السياسة الخارجية المصرية.
وأدار الجلسة الكاتب الصحفي حازم الملاح، رئيس لجنة الصحافة والاتصال بالحزب، حيث جاء اللقاء في إطار اهتمام الحزب بتسليط الضوء على القضايا الدولية والإقليمية التي تمس الأمن القومي المصري والعربي.
في مستهل حديثه، أكد السفير محمد العرابي أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على أربعة دعائم رئيسية تتمثل في السلام، الاستقرار، التنمية، والثقافة. وأوضح أن ما يشهده العالم من تطورات متسارعة يمثل اختبارًا حقيقيًا لهذه الركائز، خاصة في ظل التغيرات الكبيرة التي يمر بها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
خصائص النظام العالمي الراهن
وأشار السفير محمد العرابي إلى أن خصائص النظام العالمي الراهن لم تعد تُبنى على مفهوم الانتصار والهزيمة المطلقة، بل باتت تعكس واقعًا جديدًا تتصدره تحديات عابرة للحدود مثل الأوبئة العالمية، والإرهاب، وتغير المناخ، والحروب السيبرانية، إضافة إلى الانتشار الواسع لاستخدام الطائرات المسيرة في النزاعات.
واعتبر السفير محمد العرابي أن النظام الدولي الحالي يشهد تراجعًا واضحًا في دور المؤسسات الدولية، لافتًا إلى أن مجلس الأمن فشل في أداء مهامه الجوهرية في حفظ السلم والأمن الدوليين.
وأكد السفير محمد العرابي أن آلية حق النقض "الفيتو" عطلت عمل المجلس وحولته إلى أداة تخدم مصالح القوى الكبرى، مشيرًا إلى أن هذا الوضع انعكس بشكل سلبي على القضية الفلسطينية التي تم اختطافها تحت مظلة المجلس دون تحقيق أي تقدم ملموس، الأمر الذي جعله عبئًا على البشرية بدلًا من أن يكون ضامنًا للاستقرار الدولي.
وعن الوضع الإقليمي وصف السفير محمد العرابي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأنها أصبحت "مضطربة ورخوة" بفعل تصاعد نفوذ فاعلين سياسيين وعسكريين من خارج الدول الوطنية.
وأوضح السفير محمد العرابي أن الجماعات الإرهابية تمددت خاصة في منطقة الساحل والصحراء، إلى جانب الانتشار المتزايد للقواعد العسكرية الأجنبية، وهو ما أفسح المجال أمام قوى غير إقليمية للتدخل والتربص بالمنطقة العربية، الأمر الذي يهدد استقرارها ووحدتها.
أما فيما يتعلق بانعكاس هذه الأوضاع على مصر، فقد شدد السفير محمد العرابي على أن البلاد تعيش في "حدود من نار"، في إشارة إلى المخاطر المحيطة بجميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة المصرية.
وأكد أن هذا الوضع غير مسبوق تاريخيًا ويستلزم سياسات متوازنة وحذرة للحفاظ على الأمن القومي المصري، مشيرًا إلى أن القاهرة تتحرك بحكمة للحفاظ على مكانتها ودورها المحوري في المنطقة.
الجلسة شهدت كذلك نقاشات موسعة مع الحضور، حيث رد السفير محمد العرابي على أسئلة تناولت السياسات العدوانية الإسرائيلية في المنطقة، ومخططات تهجير فلسطينيي قطاع غزة، إضافة إلى احتمالات نشوب مواجهة عسكرية جديدة بين إيران وإسرائيل.
كما تمت مناقشة خطط تفكيك وتقسيم الدول العربية لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، ورؤية السياسة الخارجية المصرية للأزمات التي تشهدها دول مثل السودان والعراق، إلى جانب الجهود الرامية إلى استعادة الوحدة العربية.
كما تطرق الحوار إلى طبيعة العلاقات المصرية – الصينية والتوازن الذي تنتهجه القاهرة في الحفاظ على علاقاتها مع مختلف القوى الدولية والإقليمية.
وتم استعراض الموقف المصري من تطورات الأزمة السودانية واحتمالات تصاعد الأحداث هناك، فضلًا عن قراءة شاملة للمشهد السوري والسيناريوهات المستقبلية التي قد تترتب على التوازنات الإقليمية والدولية.