تركيا تتخذ قرارًا تاريخيًا بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل وإغلاق أجوائها

في خطوة غير مسبوقة على الساحة الإقليمية والدولية، أعلنت تركيا اليوم الجمعة الموافق 29 أغسطس عن قرارها بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل بشكل كامل، إلى جانب إغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات الإسرائيلية.

 وهو ما اعتبره المراقبون تطورًا بالغ الأهمية يعكس حجم التوتر المتصاعد بين أنقرة وتل أبيب في ضوء استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما خلفته من مأساة إنسانية طاحنة.

وزير الخارجية تركيا: لم نعد قادرون على الصمت

وأكد وزير الخارجية تركيا هاكان فيدان أن بلاده لم تعد قادرة على الصمت إزاء ما وصفه بالجرائم الممنهجة التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، موضحًا أن القرار يشمل وقف كافة أشكال التبادل التجاري والاقتصادي مع تل أبيب بالإضافة إلى منع مرور الطائرات الإسرائيلية عبر الأجواء التركية، وهو ما يشكل ضغطًا كبيرًا على إسرائيل في ظل اعتمادها على خطوط الطيران الدولية وحاجتها إلى قنوات تجارية مفتوحة تربطها بدول المنطقة والعالم.

وأشار فيدان إلى أن إسرائيل تمارس سياسة تجويع قاسية بحق سكان قطاع غزة في محاولة لإجبارهم على ترك أرضهم، مؤكدًا أن هذه السياسة تهدف بشكل واضح إلى جعل غزة غير قابلة للعيش وإفراغها من سكانها عبر حصار ممنهج واستهداف متواصل للبنية التحتية وموارد الحياة الأساسية، وهو ما يشكل بحسب قوله انتهاكًا صارخًا لكل الأعراف والقوانين الدولية ويمثل نموذجًا واضحًا لسياسة التهجير القسري التي تتعارض مع حقوق الإنسان والمواثيق الأممية.

وأضاف وزير الخارجية التركي أن الممارسات الإسرائيلية لم تتوقف عند حدود قطاع غزة وإنما امتدت إلى استفزازات مباشرة للمسلمين عبر اقتحامات المسجد الأقصى المتكررة التي ينفذها وزراء متطرفون ومستوطنون في محاولة لتأجيج الأوضاع ورفع مستوى التوتر في المنطقة، لافتًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تعترف بالقوانين الدولية ولا تولي أي اعتبار لقرارات الشرعية الدولية، وهو ما يجعل المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمدى جديته في مواجهة هذه السياسات.

ويرى محللون سياسيون أن هذا القرار التركي قد يفتح الباب أمام تحولات جديدة في العلاقات الإقليمية خاصة أن تركيا تعد من الدول المؤثرة اقتصاديًا وسياسيًا في المنطقة، ويمثل موقفها رسالة قوية على المستويين العربي والدولي بأن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة لن يمر دون ردود فعل ملموسة، كما أن هذا التصعيد قد يدفع دولًا أخرى إلى مراجعة مواقفها تجاه إسرائيل في ضوء الأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع.

إغلاق أجواء تركيا أمام الطيران الإسرائيلي

ويؤكد مراقبون أن إغلاق أجواء تركيا أمام الطيران الإسرائيلي يمثل ضربة استراتيجية لتل أبيب نظرًا لأن تركيا تشكل ممرًا جويًا مهمًا يربط إسرائيل بأوروبا وآسيا، وهو ما سيضطر شركات الطيران الإسرائيلية إلى البحث عن مسارات بديلة أكثر كلفة، كما أن وقف التبادل التجاري سيؤثر على حركة الاستيراد والتصدير في ظل وجود حجم كبير من العلاقات الاقتصادية بين الجانبين خلال السنوات الماضية.

موقف تركيا

ويأتي موقف تركيا في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لضرورة وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ شهور طويلة، وهو ما جعل المجتمع الدولي يطالب بضرورة تحرك سريع لتفادي كارثة أكبر.