بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

دراسة حديثة تحذر: علاج الذهان قد لا يكون صحيحًا

الذهان والأمراض النفسية
الذهان والأمراض النفسية

على مدى عقود، تعامل الأطباء النفسيون مع الذهان باعتباره مجموعة من الحالات المنفصلة. فالمصاب بالهلوسة أو الأوهام قد يُشخص بالفصام، أو الاضطراب ثنائي القطب، أو الاكتئاب الحاد، أو غيرها من التشخيصات ذات الصلة، ليخضع تبعًا لذلك لعلاجات مختلفة تمامًا.
لكن أبحاثا حديثة كشفت أن هذا النهج قد يكون خاطئًا بشكل جوهري. فقد وُجدت دراسة جديدة نُشرت في مجلة JAMA Psychiatry أن التغيرات الدماغية المرتبطة بظهور الأعراض الذهانية متشابهة إلى حد كبير مع هذه الاضطرابات المختلفة.
وتشير النتائج إلى أن الذهان قد يكون أكثر تجانسًا مما كان يُعتقد سابقًا، ما قد يُحدث تحولًا في طريقة اختيار العلاجات لملايين المرضى حول العالم، ويدفع نحو اعتماد مقاربات علاجية أكثر تكاملاً بدلاً من الاعتماد على تقسيمات تشخيصية صارمة.


ما هو الذهان؟


الذهان في حد ذاته ليس مرضًا، بل هو مجموعة من الأعراض المؤلمة عمومًا، حيث قد يجد الأشخاص صعوبة في التمييز بين الواقع والإدراك الطبيعي. فقد يسمعون أصواتًا غير موجودة، أو يعتنقون معتقدات خاطئة بقناعة راسخة، أو يجدون أفكارهم مشوشة وغير متماسكة. هذه الأعراض جديدة في ظهورها ومخيفة  بغض النظر عما إذا كانت تحدث جنبًا إلى جنب مع الاكتئاب أو الهوس أو بدون هذه الأعراض المزاجية.


 أنماط الدوبامين تكشف قصورًا في تصنيف اضطرابات الذهان


في دراسة شملت 38 شخصًا يمرون بأول نوبة ذهانية مصحوبة بأعراض مزاجية، قارن الباحثون بين نتائجهم ونتائج مجموعة من المتطوعين الأصحاء، باستخدام تقنيات متطورة لمسح الدماغ لقياس كمية إفراز مادة الدوبامين، وهي ناقل كيميائي أساسي يرتبط بالدافع والمكافأة.
 

أظهرت النتائج أن معظم المرضى الذين عانوا من نوبات هوسية سجلوا مستويات أعلى من إفراز الدوبامين في مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة العواطف مقارنة بالمصابين بالاكتئاب. لكن الأهم من ذلك أن الباحثين وجدوا نمطًا مشتركًا بين جميع المشاركين، وهو أن ارتفاع إفراز الدوبامين في مناطق التفكير والتخطيط بالدماغ ارتبط بشكل مباشر بحدة الأعراض الذهانية، مثل الهلوسة والأوهام، بغض النظر عن التشخيص الطبي الرسمي لكل مريض.
ويشكل هذا الاكتشاف تحديًا لعدد من الممارسات السائدة في الطب النفسي، إذ تعتمد قرارات العلاج حاليًا على تصنيفات تشخيصية قد لا تعكس بدقة التغيرات البيولوجية الفعلية في الدماغ. وتشير النتائج إلى أن التركيز على المؤشرات العصبية، مثل أنماط الدوبامين، قد يفتح الباب أمام نهج علاجي أكثر دقة وخصوصًا لمرضى الذهان. قد يتلقى شخصان يعانيان من أعراض متطابقة أدوية مختلفة تمامًا لمجرد أن أحدهما تم تشخيصه باضطراب ثنائي القطب والآخر بالاكتئاب.


نقطة تحول نحو التعافي


بالنسبة للأشخاص المصابين بالذهان فقد يعني ذلك تعافيًا أسرع وآثارًا جانبية أقل، من خلال التوقف عن تناول الأدوية التي لا تجدي نفعًا. غالبًا ما يتطلب العثور على العلاج المناسب شهورًا من تجربة أدوية مختلفة بينما يستمر المرضى في المعاناة من الأعراض المزعجة.
هذا لا يعني أن التشخيصات النفسية عديمة القيمة. فهي تظل ضرورية لتنظيم خدمات الرعاية الصحية، وتسهيل التواصل بين المهنيين، وتحديد إمكانية الحصول على العلاج. لكنها قد لا تكون أفضل دليل لاختيار الأدوية. 
كما شملت الدراسة عددًا صغيرًا نسبيًا من الأشخاص، لذلك يجب تكرار النتائج على مجموعات أكبر قبل تغيير الممارسة السريرية. ومع ذلك تمثل هذه الدراسة خطوة مهمة نحو نهج أكثر علمية قائم على البيولوجيا لعلاج أحد أكثر الأعراض تحديًا في الطب النفسي.

 

تم نسخ الرابط