بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

عودة الأمان لمدينة الأشباح.. الخرطوم تستنشق الحياة

السودان
السودان

وُصفت بأنها تحولت إلى مدينة أشباح، إذ دُمرت بنيتها التحتية، وتوقفت المستشفيات، ودُفنت الجثث في ساحات المدارس، وتعطّل كل شيء في أنحاء الخرطوم على مدار ما يقرب من ثلاث سنوات، حيث شهدت اشتباكات مسلحة بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع. إلا أن الفترة الماضية شهدت انتصارات متتالية للجيش وتحرير العاصمة من قبضة الميليشيا المسلحة، ما أعقبته عودة الأهالي إلى مساكنهم ومبادرات لاستئناف الدراسة في سبتمبر المقبل.

أرقام تلخص واقع السودان 

يمر السودان بأسوأ حالات الطوارئ التعليمية في العالم، حيث يُقدّر عدد الطلاب في مدارس الخرطوم بنحو 4.5 ملايين، يشكلون نحو 25% من إجمالي 17 مليون طالب سوداني. أما الوضع الصحي فيشهد تدهورًا شديدًا، خاصة مع انتشار الكوليرا والنقص الحاد في الخدمات الصحية بسبب خروج أكثر من 70% من المستشفيات عن الخدمة. بالإضافة إلى ذلك، تعاني أكثر من 80% من مناطق الخرطوم من انقطاعات في خدمات المياه والكهرباء، بعد تعرض 64 منشأة لإنتاج الكهرباء والمياه لدمار كبير.

باحث سوداني: مصر يحق لها المساهمة في مشاريع إعمار السودان 

 

في هذا الصدد، علق الباحث السياسي السوداني مجدي عبد العزيز على عودة الحياة مجددًا إلى الخرطوم، مؤكدًا أنه عقب الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات المسلحة السودانية على ميليشيات الدعم السريع المدعومة من الخارج، والتي شملت وسط السودان، وعقب التحرير الكبير للخرطوم العاصمة، بما في ذلك رموزها المعروفة مثل القصر الجمهوري ومبنى الإذاعة والتلفزيون، أصبحت عمليات مواجهة الميليشيا المتمردة الآن محصورة في مناطق محدودة غرب السودان في كردفان ودارفور.

وأضاف الباحث السياسي في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن الحكومة السودانية اتخذت خطوات كبيرة لإعادة الاستقرار والحياة، خاصة في الخرطوم، حيث هناك عمل دؤوب من اللجان المحلية والحكومة لإعادة الاستقرار، فمطار الخرطوم يستقبل حاليًا الرحلات الداخلية والدولية، كما عادت الحياة إلى الجامعات والمدارس المقررة في سبتمبر المقبل.

وأشار عبد العزيز إلى أن حكومة السودان وضعت خططًا طموحة لتوفير كافة الخدمات، خاصة في مجالي الصحة والتعليم. وأضاف أن ميليشيات الدعم السريع استهدفت البنية التحتية، مثل محطات المياه والمصانع، ما أدى إلى توقف الحياة تمامًا وانتشار الأمراض، لكن حاليًا تكاد موجة الكوليرا تنحسر تمامًا نتيجة الجهود التي تبذلها وزارة الصحة في الخرطوم.

وتابع الباحث السياسي أن انتشار الكوليرا يقتصر فقط على المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الدعم السريع، خاصة في غرب السودان، حيث تقوم بقطع إمدادات الإغاثة، مثلما حدث عند قصف معدات إغاثة دولية، وحاولت التملص من المسؤولية، مما يعوق دخول المساعدات الطبية ويؤدي إلى تدهور الأوضاع في تلك المناطق. ورغم ذلك، تؤكد جميع المؤشرات عودة كبيرة للمواطنين إلى الخرطوم وأم درمان وبحري، كما شهدت الدول التي احتضنت السودانيين المتأثرين بالحرب، مثل مصر التي فتحت أبوابها، حركة كبيرة للعودة إلى مدن السودان، وهذا دليل على عودة الاستقرار.

واختتم قائلًا: "الخرطوم الآن أصبحت في مأمن كبير، وهي تحت إجراءات تأمينية جيدة للغاية، ولكن الأهم هو دحر الميليشيا وهزيمتها. كما يشهد السودان تواصلًا جيدًا مع جيرانه، كما ظهر في الفترة السابقة، من خلال زيارة رئيس وزراء السودان الدكتور كامل إدريس إلى مصر، ولقائه بالرئيس المصري والتباحث في العلاقات بين البلدين، وأهمها إعادة الإعمار في السودان، إذ تعتبر مصر الدولة الأولى التي وقفت مع وحدة السودان، وبالتالي هي الدولة الأولى التي يحق لها المساهمة في مشاريع إعمار السودان."

 

السماني عوض الله: مصر أحرص الدول وأصدقها في استقرار السودان 

رصد الباحث السياسي السوداني ورئيس تحرير «الحاكم نيوز» السماني عوض الله الأوضاع في السودان خلال زيارة قضاها منذ أيام، حيث أكد أن الأوضاع في الخرطوم باتت آمنة وعادت فيها الحياة بصورة طبيعية، كما أصبحت عدد من المدارس مؤهلة لاستقبال الطلاب، وكذلك المستشفيات التي استخدمتها ميليشيات الدعم السريع كثكنات عسكرية، والتي عادت الآن للتأهيل مرة أخرى لاستقبال المواطنين.

وأضاف السماني عوض الله في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن عددًا من المستشفيات في الخرطوم بدأت في تقديم الخدمات الطبية، كما أن عودة الكهرباء تتم تدريجيًا بالتوازي مع استقرار إمدادات المياه، وذلك عقب المشاكل الكبيرة التي واجهتها خلال الفترة الماضية.

وأشار رئيس تحرير «الحاكم نيوز» إلى أن جميع المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني باتت مستقرة بشكل كبير، وأصبح الوضع ملائمًا بشكل كبير للعيش سواء في المدن أو القرى، متابعًا أن ميليشيات الدعم السريع تسببت في دمار كبير للمنازل والمدارس، ولكن هذا الأمر لن يتم إصلاحه إلا بعودة الأهالي إلى منازلهم. وأضاف أن المدارس الحكومية لم تتأثر بشكل كبير من الحرب، ولكن ما تضرر هو البنية التحتية، والتي تحتاج لبعض الإصلاحات التي لا تستغرق وقتًا طويلاً.

واختتم قائلاً: "زيارة كامل إدريس، رئيس الوزراء السوداني، إلى مصر هي من أنجح الزيارات التي حققت أهدافها خلال الفترة الماضية، حيث لامست احتياجات السودان في هذه المرحلة، وهذا يأتي أيضًا في إطار حرص مصر على إعادة الحياة إلى السودان، وتأهيل جسري الحلفايا وشمبات في الخرطوم بتبرع مصري، باعتبارهما من أكبر السدود في الخرطوم. كما أن المؤسسات المصرية لديها رغبة كبيرة في إعادة الحياة بالسودان، وهي من أحرص وأصدق الدول في دعم استقرار السودان، والأمل كبير عليها في هذا الجانب."

 

الصادق علي حسن: جميع مناطق السودان عُرضة لهجمات الدعم السريع 

 

قال الصادق علي حسن، الباحث السياسي السوداني، إن الوضع لم يعد ملائمًا، وقرار عودة التعليم المعلن أشبه بخطاب سياسي متعجل، فالبيئة غير مناسبة سواء من حيث أعداد الطلاب أو من حيث ظروف وبيئة الحياة العامة.

وأضاف الباحث السياسي في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن الأوضاع في الخرطوم لا تزال تشهد محاولات للخروج من الحرب، وهناك تدابير ضرورية لم تُتخذ بعد لتهيئة الأجواء، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات لن تؤتي نتائجها المرجوة. وتابع: «لن يتحقق استقرار السودان إلا بوقف الحرب، لأن الحرب الآن اتجهت نحو حرب أهلية، ومن الخطأ تجزئة القضايا».



وأشار حسن إلى أنه ليس من ضمن خطط القائمين على إدارة الدولة، عبر الإعلان عن فتح المدارس في ولاية الخرطوم، أي دراسات سابقة لنتائج ذلك في ظل الظروف البيئية غير الصحية، وانتشار الجثث، وبيئة الأمراض غير الصالحة التي تزيد من تفشي الأوبئة. وأضاف أن السودان، في جميع مناطقها، لا تزال عرضة لهجمات مستمرة من ميليشيات الدعم السريع، لذلك من الضروري التماس سبل وقف الحرب قبل فوات الأوان.

تم نسخ الرابط