رحيل آيات زغلول قنديل يُغلق صفحة الحزن في كفر السنابسة

لم تكن الشمس قد أشرقت بعد على قرية كفر السنابسة بمحافظة المنوفية، حتى خيَّم الحزن من جديد، وأعلنت الحياة فقدان زهرة أخرى من بساتينها، "آيات زغلول قنديل"، آخر من بقيت تتشبث بخيوط الأمل، لفظت أنفاسها الأخيرة بعد أكثر من شهرين داخل غرفة العناية المركزة، لتنضم إلى قافلة الراحلين في حادثٍ أبكى القلوب قبل العيون.
كانت آيات تقاوم بصبر فتاة تحمل في قلبها آلاف الدعوات وآلاف القصص التي لم تُكتب بعد، لم تكن وحدها، بل كانت محاطة بأمنيات أم تُصلّي كل ليلة كي تعود ابنتها، وأبٍ يُخفي دموعه ويتمسّك بالرجاء، وأصدقاء لا يعرفون كيف يطلبون من الله "معجزة واحدة فقط".
لكن الحياة لم تُمهلها، وكأن الحزن في كفر السنابسة لم يكتفِ، ففتح أبوابه من جديد، وراح يُردّد أسماء فتيات الحادث المروّع الذي وقع على الطريق الإقليمي نهاية يونيو، عندما اصطدمت سيارة نقل بسيارة ميكروباص تُقلّ فتيات في عمر الزهور.
في لحظة واحدة، تحوّلت أحلام 18 فتاة وشاب إلى ذكريات، وانهارت أسر بأكملها، وأصبح الطريق الذي كان ممرًا للحياة شاهدًا على مذبحة أحلام بريئة، لتصبح الضحايا 19 فتاة.
وحدها كفر السنابسة تعرف طعم هذا الوجع، وحدها تسمع أنين الأمهات في منتصف الليل، ونشيج الجدّات على أسماء بنات كنَّ يملأن البيت ضحكًا وسعادة، وحدها القرية تعرف كيف يبدو الصباح حين يخلو من خطوات البنات ونداءاتهن في الطريق إلى العمل والدراسة.
اليوم، لا أحد يتحدث كثيرًا في كفر السنابسة، فقط العيون تقول كل شيء، كل بيت هنا فقد شيئًا ما، ربما لم تكن ابنته، لكنها كانت جارة، صديقة، قريبة، أو حتى وجهًا اعتاد أن يبتسم له كل صباح.
آيات رحلت، ومعها رحل الأمل الأخير في نجاة واحدة من بنات الحلم، واليوم، لا يسأل الأهالي فقط عن سبب الحادث، بل يسألون: كيف نُعيد الحياة إلى قلوبنا بعد كل هذا الموت؟