بعد أحداث الدوحة… نداء السيسي بجيش عربي موحد يتحول إلى واجب.. بقلم: ممدوح إبراهيم

لم يكن نداء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإقامة جيش عربي موحد مجرد جملة في خطاب سياسي أو طرح دبلوماسي في قمة عربية، بل كان تحذيرًا مبكرًا ورؤية استراتيجية سبقت الأحداث. واليوم، وبعد الجريمة الإرهابية الإسرائيلية في قلب الدوحة، يتأكد أن هذه الدعوة لم تكن خيارًا سياسيًا بل واجبًا تاريخيًا يفرض نفسه على كل العرب.
إسرائيل لم تعد تكتفي باغتيال قيادات أو قصف حدود، بل نقلت إرهابها إلى العواصم العربية، متحدية القوانين الدولية ومستهترة بالسيادة الوطنية للدول. ما حدث في الدوحة ليس حادثًا منفردًا، بل حلقة جديدة في مسلسل طويل من الانتهاكات، تراهن فيه تل أبيب على تشتت المواقف العربية وغياب ردع موحد، لتفرض نفسها بالقوة كأمر واقع.
هذا الكيان الاستيطاني لا يعرف إلا لغة القوة، وكلما وجد العرب غارقين في الحسابات الضيقة، استباح أرضهم ودماءهم بلا حساب. من فلسطين إلى لبنان، ومن غزة إلى الدوحة، يثبت الاحتلال أنه الوجه الحقيقي للإرهاب في العالم.
منذ سنوات، أدرك السيسي أن أمن مصر لا ينفصل عن أمن أشقائها، وأن استقرار القاهرة مرتبط بالدوحة والرياض وعمّان. ففي قمة شرم الشيخ عام 2015، قال بوضوح:
“إنني أدعو إلى تشكيل قوة عربية مشتركة، تكون قادرة على مواجهة التحديات، وحماية الأمن القومي العربي من المخاطر التي تهدده.”
اليوم، وبعد أن تحولت العواصم العربية نفسها إلى أهداف مباشرة لإرهاب الدولة الإسرائيلية، تثبت هذه الرؤية أنها لم تكن حلمًا بعيد المنال، بل استشرافًا لواقع دموي كان يقترب شيئًا فشيئًا.
المطلوب الآن ليس بيانات إدانة ولا جلسات شجب، بل خطوات عملية تبني قوة ردع عربية حقيقية، تجعل أي اعتداء على الدوحة أو غزة أو بيروت أو دمشق عدوانًا على الأمة كلها. المطلوب جيش عربي موحد يفرض معادلة جديدة: أن الدم العربي ليس مستباحًا، وأن أي محاولة لاستهدافه ستكلف إسرائيل أثمانًا لا تقدر على تحملها.
إسرائيل اختارت الإرهاب والتصعيد، وأثبتت أنها عدو الأمة العربية بلا منازع. والعرب اليوم أمام خيار مصيري: إما الاستمرار في التفرق والاكتفاء بالشجب، وإما التحرك لبناء جيش عربي واحد قادر على حماية العروبة من المحيط إلى الخليج.
نداء السيسي لم يكن شعارًا، بل خارطة طريق للنجاة. والوقت قد حان لتحويل الحلم إلى واقع، والرد على إسرائيل بلغة القوة التي تفهمها وحدها.