بعد فيديو "سينما أوبرا".. سعد هنداوي يُشعل الجدل حول مصير دور العرض المصرية

في الساعات الماضية، أثار المخرج سعد هنداوي جدلًا واسعًا بعد نشره مقطع فيديو يوثق الحالة المزرية التي وصلت إليها سينما أوبرا المغلقة، معبرًا عن حزنه على ما آلت إليه تلك الصروح الفنية التي كانت جزءًا من ذاكرة المصريين.
وقد تحوّل تساؤله العفوي عبر حسابه على موقع "فيسبوك" إلى قضية كبرى تتعلق بمصير دور العرض السينمائي في مصر، بعد أن طالت يد الإهمال والهدم عشرات القاعات التي شكّلت وجدان أجيال من عشاق الفن.
وكتب هنداوي معلقًا على الفيديو"كل لما أعدي من قدام سينما أوبرا وأشوف الحالة اللي وصلت لها أزعل، ويرجع التساؤل: مين المسئول عن إهمال وإغلاق ثم هدم دور عرض كبيرة وذات تاريخ؟"
في إشارة واضحة إلى غياب الاهتمام الرسمي والمجتمعي بالمباني الثقافية والتراثية.

القضية لا تقتصر على سينما أوبرا وحدها، بل تمتد إلى عشرات من دور العرض التي أغلقت أبوابها في القاهرة والجيزة والإسكندرية، وصولًا إلى مختلف المحافظات.
ففي القاهرة وحدها، أُغلقت 61 سينما، من بينها "جرين بالاس"، "النزهة الصيفي"، "رويال الجديدة"، "الجزيرة بالمنيل"، و"فاتن حمامة"، وكلها أسماء ارتبطت بذاكرة السينما المصرية.
أما في الجيزة، فقد شهدت المحافظة إغلاق 41 دار عرض، من بينها "سينما الكيت كات بالاس"، "قصر السمر"، و"ميامي" بشارع الهرم، فيما فقدت الإسكندرية 34 سينما من معالمها، مثل: "المعمورة بالاس"، "ريفييرا"، و"رويال"، إلى جانب دور عرض أخرى كانت تستقطب المصطافين ورواد الشواطئ منذ عقود.
ولم تسلم المحافظات الأخرى من شبح الإغلاق، حيث توقفت عشرات القاعات في: طنطا، السويس، دمياط، المنوفية، الدقهلية، أسوان، بورسعيد، قنا، أسيوط، مرسى مطروح، وسيناء.
هذا التراجع الحاد في أعداد دور العرض ينذر بفقدان أحد أهم روافد الثقافة الجماهيرية، التي لطالما لعبت دورًا في نشر الفن وتشكيل الوعي الجمعي.
ويرى نقاد ومتابعون أن الأزمة لا تتعلق فقط بالجانب الاقتصادي أو ضعف الإقبال الجماهيري، بل تعكس غياب سياسات واضحة لحماية التراث السينمائي، وتطوير البنية التحتية لدور العرض.
فالهدم المستمر لا يهدد المباني فقط، بل يطمس تاريخًا طويلًا ارتبط بأسماء كبار النجوم والمخرجين، وأعمال صنعت هوية السينما المصرية.
صرخة سعد هنداوي لم تكن مجرد تعبير عن حزن شخصي، بل دعوة جادة لإعادة النظر في وضع السينما كجزء من التراث الثقافي الذي يستحق الحماية.
فدور العرض ليست مجرد جدران، بل ذاكرة جماعية توثّق لحظات عاشها ملايين المصريين عبر عقود.
والحفاظ عليها هو حفاظ على جزء أصيل من هوية مصر الفنية، قبل أن يتحول الإهمال إلى فقدان لا رجعة فيه.