شرق المتوسط في مأمن.. سر عودة مناورات بحر الصداقة بين مصر وتركيا

عادت المناورات العسكرية المصرية التركية في شرق المتوسط، بعد توقف دام إلى 13 عاما، لتعيد نوعا من الاستقرار والطمأنينة في ظل توتر الأوضاع في المنطقة التي تعج بالاستهدافات العسكرية، وتوغل جيش الاحتلال الإسرائيلي في العديد من الدول المجاورة، من سوريا إلى لبنان، مرورا باستهداف اليمن ومواقعها الاستراتيجية بدعم أمريكي، في الوقت ذاته تحاول مصر تعزيز تعاونها العسكري على شتى الجبهات، فبعد التعاون الملحوظ بين مصر واليونان ومصر وقبرص، جاء تعاونها الأخير مع تركيا كرسالة واضحة ضد كل من يفكر في الاعتداء على الأمن القومي المصري.
ويرى خبراء عسكريون، أن هذه الخطة في مسارها الصحيح، وربما جاءت عقب تنسيق سياسي وتقارب دبلوماسي بين البلدين اللذان عاش حالة من القطيعة الدبلومية في أعقاب 2013، مؤكدين أن التعاون لن يكون في الجانب العسكري فقط، بل سيتسع إلى مجالات أخرى بين مصر وتركيا.
مناورات بحر الصداقة
وبدأت مناورات بحر الصداقة بين مصر وتركيا عام 2009، وكان يتم تدشينها كل عام حتى توقفت عام 2013 عقب التوتر السياسي بين البلدين، لكن بعد حالة اللا استقرار التي تعيشها المنطقة، من المقرر أن تعود سبتمبر الحالي، في شرق المتوسط، بمشاركة القوات البحرية لكلا البلدين، بغواصات مصرية وطائرات f-16، لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات البحرية بين البلدين.
عكاشة: التعاون العسكري بين مصر وتركيا يعيد توازن القوة بالمنطقة
وقال اللواء خالد عكاشة الخبير الأمني أن عودة المناورات العسكرية بين مصر وتركيا عقب 13 عامًا من التوقف، هي تعبير أولي على أن الدولتين لديهم الإرادية على تطوير علاقتهما وإزالة أي خلافات سابقة، والعمل بشكل ونمط متطور، كما أن الدولتين لديهما رؤية استراتيجية حول مهدات كثيرة موجودة في الإقليم، ويرون أن جاهزية قواتهما والاستعدادا لها عبر إجراء مناورات عسكرية مشتركة، وهذا أهم شكل ونمك من التدريبات ورفع الكفاءة ونقل الخبرات، والرؤية متوافقة إلى حد كبير بدليل اشتراكهما في هذا النوع المتطور من التدريبات.
وأضاف عكاشة، خلال تصريح خاص لـ بلدنا اليوم، أن الرسالة الثالثة من هذه المناورات أن الدولتين في طريقهما لبدء شكل جديد من أشكال التعاون ويشوبه أمور أيجابية في معظمها، والعمل العسكري يعكس توافق سياسي كبير، ولا يكون هناك تعاون عسكري مناورات إلا بعدما يكون هناك توافق سياسي وأجندة استراتيجية بين قيادات الدولتين للعمل عليها خلال الفترات القادمة، وهذه المناورات لن تكون الأخيرة بين القاهرة وأنقرة لأنها يعيشان في منطقة ممتلئة بالتحديات.
وأشار الخبير الأمني، أن المناورة لن تؤثر على التوازن للقوى في المنطقة، لكن الشراكة بين الدولتين في العديد من الأمور من الممكن أن يعيد توازن القوى في المنطقة ولكن لن يغيرها، لأن دولتان كبيرتان يعملان سويا على ملفات قوية وعسكرية، وتعاملون مع المجتمع الإقليمي بصوت مشترك هذا نوع يعيد توازن المنطقة في العديد من الأمور، وذلك دون إغفال أن مصر لديها شراكة قوية للغاية مع اليونان وقبرص والتي لا تستغني عنها مصر، ومصر تفتح أشكال من الشراكات مع كافة الأطراف حتى ولو كانوا على مشاكل بينهم، لكن مصر لديها المهارة للعمل مع أشكال عديدة، متابعا: أن التعاون المصري التركي لن يقلل على الإطلاق من شراكة راسخة بين مصر واليونان وقبرص.
الشهاوي: عربدة إسرائيل تحتاج لقوة ممثل “بحر الصداقة”
في هذا الصدد علق اللواء محمد الشهاوي رئيس أركان الحرب الكميائية الأسبق والخبير الأمني، أن مناورة بحر الصداقة بين مصر وتركيا ذات أهمية كبيرة من حيث التوقيت والدلالات، لأن التوقيت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط ظهور أسلحة جديدة مثل أسلحة الاضطراب الشامل، ومن ثم الحصار الاقتصادي والسياسي والفوضى التي تعم المنطقة وعربدة إسرائيل وارتكابها جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، واحتلالها أراضي حتى وصلت جبل الشيخ في سوريا، وما يحدث في اليمن من استهداف اهداف استراتيجية وميناء الحديدة والمطار الوحيد في صنعاء، وأيضا مراكز ومحطات الكهرباء وما يحدث في لبنان، كل هذه يدلل على عربدة إسرائيل، ولذلك كان لا بد من تواجد قوى تلجم القوة العسكرية المتفرعنة في المنطقة.
وأضاف الشهاوي في تصريح خاص لـ بلدنا اليوم، أن مناورة بحر الصداقة لها أهمية كبيرة من حيث تبادل الخبرات وصب المهارات وتعزيز التعاون العسكري بين مصر وتركيا في منطقة الشرق الأوسط، لأن الدولتان قوة عسكرية كبيرة وعندما يحدث اتحاد بينهما في مثل هذه المناورات، يؤكد أن القوة دعوة للسلام والاستقرار لهذه الشعوب والضعف دعوة للعدوان.
وأشار الشهاوي أن هذه المناورة العسكرية سوف نلحظ فوائدها هذه الأيام والمقبلة واعتقد أن ما يحدث هو لصالح الأمن القومي المصري والتركي، وإعطاء رسائل ردع لكل من تسول له نفسه.
تأتي هذه الخطوة في ظل لحظات ليست مستقرة تعيشها المنطقة بأكملها، وفي ظل تحركات ملحوظة من العديد من الدول لتأمين وضعهم العسكري، والتي كانت أخرها السعودية التي أبرمت اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان، لذلك تسعى مصر لحالة الاستقرار العسكري بالتوافق مع عددا من القوى الإقليمية والدولية وإجراء مناورات، من بينهم قبرص واليونان وروسيا وفرنسا، وأمريكا التي شهدت مناورة النجم الساطع خلال الأيام الماضية.