الحرب المؤجلة.. إيران وإسرائيل وسيناريو الدمار المرتقب

لم تكن حرب الـ12 يومًا كافية لنهاية الصراع بين إسرائيل وإيران، بل كانت مجرد "بروفة" لسيناريو أسوأ تترقبه المنطقة بأسرها خلال الفترة المقبلة، حيث تشير التحليلات إلى أن حروب دروسا ستخوضها إيران وإسرائيل في القريب العاجل، على خلفية توقف المفاوضات بين طهران وواشنطن ووصولها إلى طريق أشبه بالمغلق، فيما تستعد طهران لإعادة قوتها وترميم مواقها التي دُمرت في حرب الـ12 يوما السابقة، فهل تكون المنطقة على موعد مع جولة جديدة بين البلدين.
العام التاريخي لإسرائيل
ولا زال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يشدد على أهمية القضاء على المحور الإيراني، لما يشكله من خطورة على أمن إسرائيل، حيث أكد في تصريحاته أن العام المقبل سيكون عامًا تاريخيا لأمن إسرائيل لأن جيش الاحتلال سيبيد إيران، الأمر الذي يشير إلى أن المعركة ستشتعل في أي لحظة ممكنه، لكن السؤال الذي يطرح هنا، هل إسرائيل وإيران مستعدان لخوض شوطا جديدا من الصراع أم هي مجرد تصريحات دون جدوى؟.
المرسي: حرب الـ12 يوم كانت بروفة لاختبار قدرات إيران
في هذا الصدد علقت الدكتورة شيماء المرسي، مدير وحدة الترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن إيران أعادت بناء مواقعها بل وسدت الثغرات الأمنية بترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين، وخاصة أكثر من 400 ألف أفغاني، والحملات الأمنية لاعتقال الكولبران (الحمالين من الأكراد على الحدود الغربية) المشكوك في تعاونهم لصالح الموساد، استعدادا لجولة جديدة وحقيقية من الحرب المنتظرة بينها وبين إسرائيل بدعم غربي.
وأضافت المرسي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن حرب 12 يومًا لم تكن سوى بروفة تمهيدية لاختبار قدرات إيران، حيث أثبتت قدرة هائلة لطهران على الصمود والردع.
وأشارت المرسي، إلى أنه لا شك أن الدور الروسي والصيني كان بارزا بعد أن أعادت الترويكا الأوروبية تفعيل آلية الزناد في نهاية أغسطس الماضي، وقد بدا ظاهريًا اعتراض الحليفين الاستراتيجيين لإيران على الإجراءات الأوروبية الأحادية الجانب، فيما كان الائتلاف الأوراسي الشرقي (روسيا والصين وإيران) يهدف إلى المماطلة في عودة العقوبات، إلى جانب تصحيح الصورة الشرقية عن المواجهة الغربية وإبراز أن الأطراف الغربية لم تعد محل ثقة.
وتابعت المرسي، أن النقطة الجوهرية التي تثير الكثير من اللبس هي مدى فعالية عودة العقوبات الأممية على إيران، خاصة وأنها ما تزال تعاني من وطأة العقوبات الدولية، مشيرة: «الفارق في قانونية العقوبات الأممية والتي ستكون مُلزِمة لجميع الدول في حال عودتها، كما أعلن مجلس الأمن يوم 28 سبتمبر الجاري في حالة عدم التوصل إلى حل دبلوماسي، وبالتالي فإن عودة العقوبات الأممية ستحظر قانونيا هذه التجارة بين الدول الثلاث، وهو ما سيشكل خنقا للجميع، خصوصًا الصين التي لا مصلحة لها في التعرض لعقوبات دولية ».
واستطردت: المعركة لم تعدت متوقفة على إيران فحسب بل انتقلت إلى سوريا ولبنان، وبدأ التمهيد لها مع الإعلان عن خطة نزع سلاح حزب الله، مرورًا بالاتفاق الأمني الإسرائيلي بشأن جنوب سوريا، والضغوط الأمريكية لدفع دمشق إلى قبول النسخة المنقحة من اتفاقية فك الاشتباك 74 مع إسرائيل، ويتزامن ذلك مع العودة المتوقعة للعقوبات من أجل خنق إيران بالكامل وتقييد مسارات مناورتها، بما يضمن للأطراف الغربية الغلبة من الجولة الأولى.
واختتمت: الدبلوماسية لم تعد خيارًا مطروحًا للحل والتهدئة، فقد وصل الغرب إلى أقصى درجات الضغط، وأغلق مسار المحادثات، واضعًا أمام إيران خيارات يدرك مسبقًا أنها سترفضها، وقد بدا ذلك واضحًا في خطاب القائد الأعلى للثورة، بأن التفاوض مع واشنطن لن يضمن مصالح طهران، إذا، خيار المباحثات ليس مطروحا وهو شرط رئيسي كانت قد طرحته الترويكا الأوروبية بعد تفعيل سناب باك، هذا يعني أن الركيزة الاستراتيجية لجميع الأطراف باتت هي الردع بالقوة، وأن كل ما يجري على الساحة الدولية ليس سوى تمهيد وتبرير لاندلاع الحرب المرتقبة.
الجولة المرتقبة
تعاني إيران من حال الاقتصاد السيئة، بسبب فرض العديد من العقوبات الاقتصادية عليها، بينما تنعم إسرائيل بدعم غربي أمريكي في حربها للقضاء على المحور الإيراني، الذي يهدد السلم والأمن الدوليين على اعتقادهم، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول توقيت الجولة المرتقبة ومن سيكون أكثر جاهزية.
خيري: إيران لا تريد خوض حربا ولكنها مضطرة
والباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور محمد خيري، قال إن إيران تحاول أن تثبت للمجتمع الدولي أنها قادرة على إعادة انتاج اليورانيوم بشراكات مع دول آخرى وقطع علاقتها مع الغروب وأمريكا، وهذه الشركات تكون مع روسيا والصين، وذلك وفق التصريحات التي أعلنتها إيران بإمضاء اتفاقيات حول المواقع الجديدة وترميم المفاعلات التي قصفت في حرب 12 يوما، وهذه تعني رسالة للغرب وأمريكا أن طهران لا زالت متمسكة بموقفها حول وجود البرنامج النووي السلمي طبقا للقانون الدولي.
وأضاف خيري في تصريح خاص لـ بلدنا اليوم، أن السيناريوهات المحتملة حال تجميد المفاوضات سيتم فرض آلية الإسناب باك والتي من المتوقع أن تفرض في نهايات هذا الشهر وفي هذه الحالة من الممكن أن تضع إيران تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي يبارك أي عمل عسكري أمريكي ضد إيران باعتبارها أنها تهدد السلم والأمن الدوليين، ويتوقع أن تصدر وكالة الطاقة الذرية بيانا يدين إيران كما حدث في السابق.
وأشار خيري أن القدرة الاقتصادية لإيران في غاية الصعوبة لأنها تعاني من زيادة نسبة التضخم وانهيار العملة المحلية ولكن في النهاية أي حرب تؤثر على الاقتصاد، وإيران لديها مخزون من الصواريخ التي تستخدم ضد إسرائيل، وبالتالي هي حرب ليست مكلفة عسكريا لإيران، لأنها تعتمد على قدرتها الصاروخية، ولكن أي عمل عسكري سيكلفها الكثير ولكن في الحقيقة هي لا تريد خوض حربا، ولكنها تعلن إذا اضطرت لذلك فهي قادرة على خوضها.
وتابع خيري: أن إسرائيل لديها دعم كبير من أمريكا والغرب على الرغم من الموقف المعادي في الوقت الحالي، ولكنه مقتصر على القضية الفلسطينية، لكن على القضية الإيرانية ستلقى إسرائيل دعما كبيرا حال دخولها مرة ثانية، وبالتالي ستكون إسرائيل قادرة على خوض المعركة مع إيران مرة ثانية، بسبب هذا الدعم، والأمر الثاني لأن نتنياهو يريد توسيع جبهات القتال في المنطقة لضمان استمراره في السلطة، لأنه يعلم أنه سيحاكم حال خروجه من السلطة لأنه مدان في عدد من القضايا.