خاص| الاستعانة بخبرات الأطباء المهاجرين.. إنجاز حقيقي أم دعاية إعلامية؟

أعلنت هيئة الرعاية الصحية عن إطلاق منصة للتطبيب والكشف عن بُعد، بالاستعانة بخبرات الأطباء المصريين في الخارج، في خطوة تهدف إلى سد فجوة نقص الاستشاريين وتوفير الوقت والتكلفة على المرضى. وقد تباينت الآراء بشأن هذه المبادرة؛ حيث رأى البعض أنها تمثل نقلة نوعية نحو مستقبل الرعاية الصحية الرقمية، بينما اعتبرها آخرون مجرد دعاية إعلامية قد لا تجد طريقها للتطبيق الفعلي على أرض الواقع في مصر.
يساهم في اختصار الوقت
وأكد الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن تقنية التطبيب عن بعد والمعروف بـ"Telemedicine",تهدف بالأساس إلى تعزيز التواصل بين وحدات الرعاية الأولية والثانوية والثالثية، بما يساهم في اختصار وقت المريض وتسريع عملية التشخيص والعلاج.
وأوضح عنان لـ"بلدنا اليوم" أن المريض يكون متواجدًا داخل وحدة الرعاية الأساسية مع طبيبه المعالج، ويتم التواصل مباشرة عبر اجتماع مرئي مع الطبيب الاستشاري سواء داخل مصر أو خارجها، ليطّلع على التحاليل والفحوصات الخاصة بالحالة ويحدد ما تحتاجه من خطوات علاجية، وهو ما يقلل قوائم الانتظار ويختصر الكثير من الإجراءات.
وأضاف أستاذ اقتصاديات الصحة أن هذه التقنية متبعة في عدد كبير من دول العالم، وتمثل نقلة مهمة في المنظومات الصحية الحديثة، مشيرًا إلى أن الفارق الآن هو إمكانية الاستفادة من خبرات الأطباء المصريين بالخارج من خلال التعاقد معهم لتقديم خدمات استشارية للمريض ، بما يوفر عليه الوقت والتكلفة مقارنة بالاستعانة باستشاريين أجانب أو السفر للعلاج.
ولفت عنان إلى أن التطبيب عن بعد لا يغني عن زيارة الطبيب الفعلية، لكنه يتيح تبادل الرأي بين الطبيب الأساسي والاستشاري الخارجي بشأن التشخيص وخطة العلاج, كما أن هذه الخدمة تقدم مقابل مبلغ مالي مبسط يتناسب مع قدرات المواطنين، وفي الوقت نفسه يحصل الاستشاري بالخارج على أجر يضمن استدامة الخدمة وجديتها.
وأكد أن هذه التجربة ستثبت فعاليتها من خلال تسريع التعامل مع الحالات الحرجة، قائلًا إن اليوم الواحد قد يحدث فارقًا كبيرًا في تحسن أو تدهور حالة المريض، والتطبيب عن بعد يختصر هذا الوقت ويوفر جهدًا كبيرًا، وهو ما يجعله مستقبل الطب في العالم".
بروباجندا إعلامية
وعلى الجانب الآخر أكدت الدكتورة إيرين سعيد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن المنصة التي أطلقتها هيئة الرعاية الصحية للاستفادة من الأطباء المصريين بالخارج عبر التطبيب عن بعد، تثير العديد من التساؤلات الجوهرية حول آليات تنفيذها ومدى جدواها العملية.
وقالت سعيد إن هذه المنصة في حقيقتها بروباجندا إعلامية، ولن تجد طريقها للتطبيق الفعلي في مصر",ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل، حيث إن جوهر الممارسة الطبية يعتمد على فحص المريض بشكل مباشر، وهو ما لا يمكن للطبيب المهاجر القيام به من الخارج, موضحة أن أقصى ما قد يقدمه الطبيب المقيم في الخارج هو إبداء رأي في بعض التحاليل أو الأشعة بناءً على ما يعرضه عليه الطبيب داخل مصر.
وأضافت: "هناك علامات استفهام حول اشتراطات الأطباء المشاركين، فمزاولة مهنة الطب داخل مصر لها ضوابط واضحة، تبدأ من التسجيل في سجلات وزارة الصحة ونقابة الأطباء، مرورًا بالحصول على ترخيص مزاولة المهنة, فهل سيتم السماح لأي طبيب مهاجر بالمشاركة أم هناك ضوابط محددة؟".
وتساءلت عضو لجنة الصحة أيضًا عن اللائحة المالية المنظمة للمبادرة، قائلة: "هل سيكون هناك أجر محدد يتناسب مع قيمة وقت الأطباء وخبراتهم في الخارج؟، خاصة أن الطبيب المقيم في عاصمة أوروبية لا يمكن أن يخصص وقتًا لمثل هذه الخدمات إلا إذا وجد مقابلًا عادلًا ومكافئًا لما يتقاضاه هناك".
وأشارت عضو لجنة الصحة إلى أن التشخيص عن بُعد يظل محل شك من حيث الكفاءة والدقة، متسائلة: "من سيتحمل المسؤولية حال وقوع خطأ طبي؟ هل سيُحاسب الاستشاري المقيم بالخارج، أم سيعود الأمر بالكامل على طبيب الرعاية الأولية داخل مصر؟".
كما أبدت استغرابها من اختيار الفنان هاني سلامة سفيرًا للمبادرة، قائلة: كان الأولى اختيار شخصية طبية علمية بارزة تحظى بثقة المجتمع الطبي المصري، وقادرة على التواصل المباشر مع زملائها وتشجيعهم على المشاركة، بدلاً من إقحام شخصية فنية لا علاقة لها بمجال الطب".
اقرأ ايضًا
رئيس هيئة الرعاية الصحية: نعمل على الاستعانة بالكوادر الطبية المصرية في الخارج