بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

"كدب مساوى ولا كدب مبعزق".. اللواء رأفت الشرقاوي يوجه رسالة هامة

بلدنا اليوم

وجه اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية الأسبق رسالة هامة للعالم قائلًا:  المثل الشعيى " كدب مساوى ولا صدق مبعزق" المعنى كذب متناسق ولا صدق مبعثر المثل هو دعوة لتجميل الكذب وهو دعوة خاطئة فالكذب المباح فقط هو من يجوز تجميله للإصلاح بين المتخاصمين أو الكذب على العدو ☐ الزيارة الممنوعة التي خدعت الملايين.. القصة الكاملة لفيديو سيدة قسم ثاني زايد ، حيث قامت هذة السيدة بمشهد تصدر مواقع التواصل خلال الساعات الماضية، ظهرت سيدة تبكي بحرقة أمام أحد أقسام الشرطة، تشكو من منعها من زيارة ابنها المحتجز داخل قسم شرطة ثان الشيخ زايد، وتتهم رجال الأمن بسوء معاملتها. ☐ تدفّق التعاطف، وانهالت التعليقات الغاضبة والمقاطع المُعادة، حتى بدا وكأن القضية تجاوزت حدود الواقع إلى مساحة الغضب الشعبي الافتراضي لكن خلف تلك الدموع، كانت هناك قصة أخرى تمامًا. ☐ قصة كشفتها تحريات الأمن، وبدلت ملامح المشهد من مظلومة إلى مدعية، ومن أم تبحث عن حق ابنها إلى امرأة تستخدم الأكاذيب وسيلة للضغط والشهرة فما الذي حدث داخل قسم ثاني زايد؟، وكيف تحول فيديو عاطفي إلى تمثيلية مكشوفة هزت السوشيال ميديا؟. ☐ المشهد كان صادمًا، امرأة تصرخ أمام بوابة قسم، وعدسات الهواتف تنقل المشهد إلى آلاف المتابعين في لحظات، الكلمات كانت كفيلة بإشعال موجة من الغضب، والهجوم على رجال الشرطة، دون انتظار لأي توضيح رسمي لكن كما يحدث كثيرًا ما يبدو أمام الكاميرا ليس دائمًا هو الحقيقة. ☐ بعد ساعات قليلة من انتشار المقطع، بدأت الأجهزة الأمنية في فحصه لكشف ملابساته، وبالتحريات الدقيقة، تم تحديد هوية السيدة التي ظهرت في الفيديو، وتبين أنها مقيمة بمحافظة الجيزة، وأنها معروفة لدى الجهات الأمنية ولها معلومات جنائية. ☐ أما عن ابنها الذي زعمت أنه محتجز ظلمًا، فقد كشفت التحقيقات أن الواقعة تعود إلى 21 من سبتمبر الماضي حين تمكنت قوة أمنية من ضبط الشاب أثناء قيادته دراجة نارية يسير بها عكس الاتجاه، ومن دون لوحات خلفية أو تراخيص في منطقة الشيخ زايد. ☐ وبتفتيشه عُثر بحوزته على كمية من مخدر الحشيش، فتم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله، وعرضه على النيابة العامة التي قررت حبسه على ذمة التحقيقات. ☐ أمام تلك الوقائع الثابتة، حاولت السيدة زيارة ابنها المحتجز داخل قسم شرطة ثاني زايد. وبحسب رواية الجهات الأمنية، فقد حاولت الدخول بطريقة غير قانونية، وأثارت حالة من الفوضى بعد منعها من تجاوز الإجراءات التنظيمية الخاصة بالزيارات لكنها لم تتوقف عند هذا الحد. ☐ فبعد أيام قليلة، ظهرت أمام الكاميرا، وسجلت مقطع الفيديو الذي انتشر بسرعة مذهلة اتهمت فيه الضباط بمنعها من الزيارة وسوء معاملتها، محاولة استدرار التعاطف الشعبي، وتوظيف المشهد لإثارة الرأي العام. ☐ إلا أن الحقيقة ظهرت كاملة بعد استدعائها وسماع أقوالها، وأقرت صراحة بأنها أدلت بادعاءات كاذبة، بهدف الضغط على ضباط القسم حتى لا تُواجه بقيود أثناء زيارتها لابنها، وكذلك – بحسب اعترافها – لزيادة عدد متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي. ☐ الثقافة العربية، شأنها في ذلك شأن أي ثقافة أخرى، تزخر بالأمثال والقصص الشعبية والفولكلور وأقوال الحكماء التي تتحدث عن الكذب، على غرار "إلحق العيّار لباب الدار" و"الميّه تكدب الغطاس" وغيرها. ☐ والصعوبة أن تصدّق شخصا اشتهر بالكذب، حتى بات يوصف بأن نصف كلامه كذب، والمصيبة تكمن في أنك لا تعرف أي نصف بالتحديد.. فتكون النتيجة أن يتم التعامل مع الكذاب كما تعامل أهل قرية مع ابنهم الراعي شهاب، الذي كان يصرخ مازحا: "هجم الذئب هجم الذئب"! ☐ وربما يبرز هنا مثل مثير للجدل، يكشف انسياق الناس وراء الكذب طواعية، وهو المثل المصري: "كدب مساوي ولا صدق منعكش"، لا سيّما إذا ترسخت الكذبة في الأذهان كحقيقة، أو كمسلّمة من المسلمات غير القابلة للنقاش، وهو ما يوضّحه جوهر مقولة: "من السهل تصديق كذبة سمعناها في الماضي، على تصديق حقيقة نسمعها للمرة الأولى"، وكأننا نستسيغ الخدعة بكل سرور وأريحية ، ما يعيد إلى الأذهان شاعر روسيا العظيم، ألكسندر بوشكين، الذي قال: "آه.. ليس صعبا أن تخدعيني، فأنا سعيد أن أُخدع". ☐ لم يقتصر تناول الكذب على الموروث الشعبي فحسب. فعلاوة على ما سبق ذكره فإن للكذب، كأحد الظواهر المنتشرة في العالم، حضور واضح في الثقافة العربية، من خلال الأغنية والمسرح والفيلم السينمائي وربما كان من بين أشهر هذه الأعمال الفنية فيلم: "أنا لا أكذب ولكني أتجمل"، المقتبس عن رواية الأديب المصري ، إحسان عبد القدوس، حيث يجد بطل القصة، الطالب الجامعي إبراهيم، الذي جسده في الفيلم الفنان، أحمد زكي، يجد نفسه مرغما على مجاراة زملائه في الجامعة، والتظاهر بأنه من أسرة ثرية، مبررا فعلته بأنه ضحية المجتمع الذي لا يتقبل الطبقة الكادحة ويتعالى عليها. ☐ يطرح الأديب المصري في روايته هذه قضية اجتماعية حسّاسة، ولكن ليس من منطلق ذمّ الكذب والتشنيع على الكذابين، بل من زاوية معالجة هذا السلوك، وكذلك في محاولة لتفهّم دوافعه. ليس ذلك فحسب، بل تمكّن إحسان عبد القدوس من ملامسة الجرح بنصله الحاد، بأن حمل القارئ والمشاهد، ووضعه أمام المرآة، كي يرى في نفسه "إبراهيم" ولو من حين لآخر، ويجد ضالته في أحد الأمثال المصرية المشهورة: "كدب موافق ولا صدق مخالف"، الذي يعتبره ملاذا أخلاقيا. ☐ ومن الأعمال الفنية الرائعة التي تناولت الكذب، كظاهرة اجتماعية، فيلم "أرض النفاق"، للروائي المصري الكبير، يوسف السباعي، وكذلك المسرحية المصرية "من يضحك أخيرا"، من إعداد وإخراج، أحمد حلمي، وهي من بطولة محمد رضا وناهد جبر ومحمد عوض ومحمد أبو الحسن. ☐ يُظهر هذا العمل الفني الهادف، ومن خلال مواقف اجتماعية بسيطة، قد لا يعيرها أكثرنا أدنى انتباه، أن الكذب بات ضرورة لا غنى عنها، وأننا جميعا نفضّل ما يسمّى بالكذب "الأبيض"، على الخوض في تفاصيل الصدق المملّة، التي قد تعود علينا في الكثير من الحالات بما لا يُحمد عقباه. ☐ وبالحديث عن "الكدبه البيضا"، لا بد أن نعود بالذاكرة إلى فيلم "إشاعة حب"، من بطولة يوسف وهبي وعبد المنعم ابراهيم وعمر الشريف وسعاد حسني، وإلى ذاك الحوار الفلسفي الرائع عن اللاشيء وكل شيء، الذي دار بين "حسين" و"مدام بهيجة"، حينما استعرض "حسين"، الصادق دائما، موهبة استثنائية في الخروج من مأزق السير على الجليد الرقيق، بقدرة الحفاظ على التوازن بين "ألا أكشف سرا"، بشأن غراميات مديره زوج بهيجة، و"ألا أكذب"، وذلك بعد أن أقسم أنه لن يكذب، لتسأله محدثته عن قصده فيرد: "لما تسأليني (عن هذا الشيء بالضبط) سأقول لك. أنا مش فتّان"، لترد عليه "السيدة بهيجة" بدهشة: "عجايب.. وكيف لي أن أسألك عن شيء لا أعرفه؟!!!". ☐ حفظ الله مصر وشعبها وقائدها وجيشها ورجال امنها وكافة المخلصين من ابناء هذا الوطن وجنبها شر الفتن والاحقاد والشائعات والضغائن والحروب ، اللهم إنى استودعك مصر وأهلها أمنها وأمانها ، ليلها ونهارها ، أرضها وسمائها ، فاحفظها ربى يا من لا تضيع عنده الودائع .   

تم نسخ الرابط