بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

قرار غلق المحال بالتوقيت الشتوي يثير جدلًا واسعًا بين الرفض والتأييد

د.احمد السيد و أحمد
د.احمد السيد و أحمد عبد الفتاح

مع دخول قرار غلق المحال التجارية بالتوقيت الشتوي حيز التنفيذ، تتباين الرؤى حول الأهمية الاقتصادية لهذا القرار وتأثيره على مختلف القطاعات.

في هذا التقرير تناقش “بلدنا اليوم” التأثيرات الاقتصادية بين أهداف ترشيد الطاقة وانعكاساته على السياحة والعمالة وحركة الاستثمار.

 

العمالة والمطاعم والمقاهي أبرز المتضررين

في البداية، يؤكد الدكتور أحمد السيد، الخبير الاقتصادي، أن قواعد تنظيم مواعيد فتح وغلق المحال التجارية في التوقيت الشتوي خطوة مهمة من حيث المبدأ لترشيد استهلاك الطاقة، إلا أن التطبيق المتكرر لهذه الآلية يستدعي اليوم تقييمًا اقتصاديًا شاملًا لقياس جدواها الفعلية وتأثيرها على مختلف القطاعات، خاصة مع النمو الملحوظ في معدلات السياحة في الآونة الأخيرة.

 

وأوضح أن استمرار النشاط في المراكز الترفيهية والتجارية يعد عنصرًا أساسيًا في جذب السياحة، مستشهداً بالمقولة الشهيرة “القاهرة مدينة لا تنام”، التي كانت دائمًا عامل إبهار لزوار مصر القادمين من دول تنتهي فيها الأنشطة بمجرد غروب الشمس.

 

وأضاف أن تقليص ساعات العمل قد ينعكس على حجم العمالة من خلال تقليل عدد الشيفتات، كما يمتد تأثيره إلى قطاعات أخرى مثل سائقي سيارات الأجرة ووسائل النقل التي تعتمد على حركة الرواج التجاري والترفيهي.

 

وفي تحليله للتأثيرات الاقتصادية، أوضح السيد أن الغلق المبكر قد يساهم بشكل نسبي في تهدئة بعض أنماط الاستهلاك الترفيهي أو غير الضروري، لكنه لن يكون أداة رئيسية لمعالجة التضخم، لكون الأخير مرتبطًا أساسًا بعوامل العرض مثل تكاليف الإنتاج وأسعار الطاقة وسعر الصرف.

 

كما لفت إلى أن القرار قد يشكّل ضغطًا قصير الأجل على عوائد المنشآت التجارية، خاصة المطاعم والمقاهي والمراكز الترفيهية التي تعتمد على النشاط المسائي.

 

لكنه في المقابل قد يدفع المستثمرين على المدى البعيد إلى إعادة النظر في نماذج التشغيل، سواء عبر تحسين الكفاءة أو التوجه إلى مواقع أكثر جذبًا خلال ساعات العمل المسموح بها، بجانب تعزيز الاعتماد على التجارة الإلكترونية.

 

وأضاف أن محدودية ساعات التسوق التقليدي من المتوقع أن تسرع من التحول نحو الشراء عبر المنصات الرقمية، مما يخلق فرصًا جديدة لقطاع اللوجستيات وخدمات التوصيل، في حين تمثل تحديًا للأنشطة التجارية التقليدية التي لم تواكب هذا التحول بعد.

 

وأكد الخبير الاقتصادي أنه في المرحلة المقبلة لابد من تقييم موسّع ومتوازن لقياس التكلفة والعائد الحقيقي لهذا القرار بعد التطبيق الفعلي، بما يضمن تحقيق التوازن بين أهداف ترشيد الطاقة ومتطلبات النشاط الاقتصادي والسياحي.

 

القرار يدعم التحول الرقمي ويغيّر السلوك الاستهلاكي

وفي السياق ذاته، رأى الخبير الاقتصادي أحمد عبد الفتاح أن تطبيق مواعيد فتح وغلق المحال التجارية بالتوقيت الشتوي يحمل في طياته نتائج اقتصادية واجتماعية، أبرزها المساهمة في ترشيد استهلاك الطاقة سواء على مستوى الدولة أو المستهلكين والتجار، مما يتيح تنظيمًا أفضل لحركة الاستهلاك.

 

وأضاف أن القرار له بعد اجتماعي مهم، حيث يشجع المجتمع على النوم المبكر، الأمر الذي ينعكس على ارتفاع معدلات الإنتاجية في ساعات النهار، ويسهم في تحسين بيئة الأعمال بشكل عام.
 

لكنه في الوقت نفسه أشار إلى وجود آثار سلبية، مثل انخفاض مبيعات المطاعم والمقاهي التي تعتمد على النشاط الليلي، وزيادة الزحام نتيجة تركز الاستهلاك في فترة زمنية محدودة، فضلًا عن تراجع دخل العمالة التي كانت تعمل في الورديات الليلية ببعض الأنشطة.

وأوضح عبد الفتاح أن القرار يفيد بشكل مباشر في تقليل الضغط على المرافق العامة وتعزيز الأنشطة التي تعتمد على العمل النهاري، لكنه قد يشكّل تحديًا أمام بعض الأنشطة السياحية المرتبطة بالحياة الليلية.

 

أما على صعيد التضخم، فرأى أن تأثير القرار محدود للغاية، بحيث إنه أداة تنظيمية للاستهلاك ولا يرتبط مباشرة بمحددات الأسعار الأساسية مثل أسعار الطاقة أو سعر الصرف التي شكلت عوامل رئيسية في تحركات الأسعار خلال الفترات السابقة.

 

وأوضح أن قطاع التجزئة يعد من أبرز المستفيدين، حيث يساهم القرار في خلق بيئة أكثر تنظيمًا وتقليل هدر الطاقة وتكاليف التشغيل، رغم أن بعض الأنشطة الترفيهية قد ترى فيه عبئًا على عوائدها.

 

كما أشار إلى أن الغلق المبكر قد يسرّع من الاعتماد على التجارة الإلكترونية، التي باتت أسلوب حياة لكثير من المستهلكين، حيث تتيح تلبية الاحتياجات بضغطة زر عبر الهواتف الذكية بسهولة وسرعة، مما يعزز التحول التدريجي نحو أنماط استهلاك رقمية.

 

وأكد أن الأثر الكلي للقرار على الاقتصاد الوطني يميل إلى الإيجابية، عبر تقليل الضغط على المرافق العامة، وتخفيف التعاملات النقدية بما يدعم جهود الدولة في التحول الرقمي وتعزيز الرقابة على حركة الأموال، فضلًا عن إعادة تشكيل السلوك الاستهلاكي والاجتماعي ليصبح أكثر فاعلية خلال ساعات النهار.
 

تم نسخ الرابط