بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

ولدت بين القبور واحتضنتها الحياة من جديد.. حكاية الطفلة حور رضيعة المعصرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في الساعات الأولى من صباح اليوم بمنطقة المعصرة، وبين صمت المقابر الممتد على مد البصر، تناهى إلى أسماع أحد العمال صوت خافت لبكاءٍ يختبئ بين الجدران ، لم يصدق أذنيه أول الأمر، فالصوت أشبه بأنين حياة صغيرة تبحث عن صدرٍ يأويها، اتجه نحو مصدر الصوت بخطوات مترددة، حتى لمح بين شقوق إحدى المقابر بطانية بالية تتحرك .


قرر العامل الاقتراب، فوجد بداخلها رضيعة لا تتجاوز أيامها الأولى، ترتجف بردًا وتتنفس بصعوبة، وكأنها تسأل بعينيها عن ذنبها في هذا العالم القاسي.

 

بلاغ للشرطة 

 

أسرع العامل نحو قسم شرطة المعصرة، يحمل الصغيرة بين يديه كمن يحمل كنزًا يخاف عليه من الضياع، هناك، استقبلها النقيب محمد أشرف، معاون الضبط والتحقيقات، بعينين امتلأتا بالدهشة والرحمة معًا، لم يتعامل مع الواقعة كمجرد بلاغ رسمي، بل كقصة إنسانية تتعلق بحياة بدأت لتوها على هامش الحياة، حيث اقترب منها برفق، وغطاها بمعطفه قبل أن يبدأ في إنهاء الإجراءات القانونية لنقلها إلى دار رعاية تحفظ لها الدفء والأمان.

 

وكانت ملامح الطفلة الصغيرة تشبه الملائكة، شعر خفيف بلون القمح، وبشرة ناصعة تلمع رغم البرد والغبار، لم تكن تبكي كثيرًا، فقط تنظر حولها بعينين واسعتين كأنهما تبحثان عن وجهٍ يعرفها أو حضن تائه بين المقابر، تأملها النقيب محمد أشرف طويلًا وقال مبتسمًا: “هنسميها حور".


وأبلغ الضابط الشاب رؤسائه بالواقعة، وانتقل معه العميد أحمد الرويني، مأمور قسم المعصرة، إلى موقع العثور على الطفلة ليتابع بنفسه كل التفاصيل، لم يكن المأمور أقل تأثرًا من معاونه، إذ وقف أمام المقبرة التي شهدت ميلادًا جديدًا بعد أن كانت تعرف بالوداع.

في قسم الشرطة، تحولت الأجواء إلى لحظة إنسانية، نساء من الجيران قدمن ملابس صغيرة، ورجال الشرطة جمعوا المال لشراء الحليب، والجميع كان يتسابق ليرى “حور” وهي تتثاءب أو تبتسم لأول مرة،كأنها جمعت في يومٍ واحد قلوبًا كثيرة كانت تبحث عن بصيص رحمة.

 

وأنهى النقيب محمد أشرف كل الإجراءات بهدوءٍ، وتابع بنفسه نقل الصغيرة إلى دار الرعاية، رافقها بسيارة الشرطة حتى باب المكان الجديد.

 

بدورها، حررت الأجهزة الأمنية محضرا بالواقعة، وتولت النيابة التحقيق.

تم نسخ الرابط