بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

بريطانيا تتأهب لمواجهة احتمال اندلاع "الحرب الهجينة" مع روسيا

اجتماع وزراء دفاع
اجتماع وزراء دفاع القوة المشتركة في بودو بالنرويج

تُجري بريطانيا وحلفاؤها الأوروبيون تدريبات عسكرية غير مسبوقة استعدادًا لاحتمال اندلاع مواجهة "هجينة" مع روسيا.


و انتقل المخططون العسكريون البريطانيون إلى مدينة بودو الواقعة ضمن الدائرة القطبية الشمالية لمحاكاة ردود الفعل المناسبة في حال أقدمت موسكو على تنفيذ أعمال عدائية ضد دول أوروبا، بحسب صحيفة بوليتيكو الأمريكية.

 

سيناريو افتراضي واقعي

 

وتدور المناورات حول سيناريو متخيَّل يبدأ بعد عام من وقف إطلاق النار في أوكرانيا، حيث تواجه إحدى دول الشمال أو البلطيق اضطرابات داخلية مدعومة من قِبل روسيا، حيث تم تزويد وزراء الدفاع والجنرالات المشاركين بتقارير إعلامية ومعلومات استخباراتية متفرقة ومنشورات من وسائل التواصل الاجتماعي لاتخاذ قرارات سريعة في بيئة ضبابية تشبه الواقع.

 

ولا تُعد هذه التدريبات مجرد محاكاة نظرية، إذ شهدت المنطقة في العام الماضي حادثة غامضة استهدفت كابلًا بحريًا في بحر البلطيق، إلى جانب حوادث متكررة لانتهاكات الطائرات الروسية والمسيّرات للأجواء الأوروبية، وتزايد نشاط السفن الروسية قرب المياه البريطانية ما يعكس هشاشة الأمن في منطقة الشمال الأقصى.

 

التحالف البريطاني وتحدياته

 

وأنشأت بريطانيا عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 قوةً متعددة الجنسيات تُعرف باسم "قوة الاستجابة السريعة المشتركة"، تضم عشر دول، وتُعنى بتعزيز الجاهزية الدفاعية في الجناح الشمالي لأوروبا.

 

وأوضح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، الذي شارك في المناورات، أن هذه الدول "تتعامل مع التهديدات الروسية يوميًا، كونها على تماس مباشر مع الوجود العسكري الروسي"، مشيرًا إلى أنها الأقدر على تقييم المخاطر والاستجابة لها، وحثّ حلف الناتو على التعامل مع هذه التحديات بجدية أكبر.

 

وتتميز هذه القوة بقدرتها العالية على التحرك الفوري، بخلاف آلية عمل الناتو التي تتطلب موافقة جماعية من الدول الأعضاء البالغ عددها 32 دولة، وهو ما يجعلها أداة أكثر مرونة في مواجهة "عمليات المنطقة الرمادية"، أو ما يُعرف بالحرب الهجينة التي تقع بين السلم والحرب.

 

وقال اللواء جيرت لاج ديندال من القوات النرويجية إن بلاده تدرك طبيعة هذه التهديدات، مستشهدًا بحادثة تفجير أنابيب الغاز نورد ستريم عام 2022، والتزايد الملحوظ في نشاط الطائرات المسيّرة واستهداف الممرات البحرية، واصفًا إياها بأنها "أنماط جديدة من الصراع تنتشر في أوروبا الحديثة".

 

فعالية القوة قيد التساؤل

 

ورغم النجاحات التي حققتها بريطانيا في بناء هذا التحالف الدفاعي، يرى محللون أن أداءه لا يزال دون المستوى المطلوب في ظل تصاعد التوترات الأمنية.

 

وكانت حكومة المحافظين السابقة قد أولت اهتمامًا كبيرًا بهذه القوة، معتبرةً إياها إنجازًا استراتيجيًا، فيما دعا وزير الدفاع السابق جرانت شابس إلى "الحفاظ على الزخم وعدم التراجع".
أما الحكومة العمالية الحالية فتركز جهودها على دعم أوكرانيا من خلال "تحالف الراغبين" الذي تتزعمه بريطانيا وفرنسا.

 

وقال أنتوني هيرون، نائب رئيس معهد القطب الشمالي، إن الموارد البحرية والجوية المخصصة للشمال الأقصى محدودة، مشددًا على أن الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للمنطقة تتطلب قرارات واضحة بشأن توزيع القدرات.

 

وفي المقابل، أشار الباحث إد أرنولد من المعهد الملكي للخدمات المتحدة إلى أن القوة "لم تحدد أهدافها بوضوح وتحتاج إلى إعادة هيكلة واستراتيجية طويلة الأمد تضمن لها التمويل والاهتمام اللازمين".

 

سباق كاسحات الجليد

 

يشكل الاستثمار في كاسحات الجليد عاملًا حاسمًا في تعزيز وجود الحلفاء في المنطقة القطبية، خصوصًا مع ذوبان الجليد وفتح طرق بحرية جديدة تزخر بالفرص الاقتصادية والتنافس الجيوسياسي بين روسيا والصين والولايات المتحدة.

 

وتملك روسيا ما يقارب 50 كاسحة جليد، من بينها 13 قادرة على العمل في القطب الشمالي، وسبع منها تعمل بالطاقة النووية، في حين تمتلك الصين خمس كاسحات مخصصة للأبحاث القطبية.

 

وحذّر اللواء ديندال من "أن روسيا تعيش في القطب الشمالي، بينما تتقدم الصين بخطى سريعة عبر الأبحاث والنشاطات العلمية، في حين يحتاج الغرب إلى تعلم كيفية العمل والعيش في البيئات القطبية القاسية".

 

ورغم غياب خطط بريطانية قريبة لاقتناء كاسحات جليد، يؤكد المسؤولون البريطانيون أن بلادهم تساهم بخبراتها البحرية والجوية في دعم الحلفاء. لكن مسؤولًا عسكريًا بريطانيًا حذر من أن لندن قد تفقد فرصتها إن لم تستفد من زيادة ميزانيات الدفاع لدى شركائها عبر ترويج معداتها المتخصصة بالطقس البارد.

 

واختتم الوزير هيلي بالتأكيد على التزام بريطانيا، قائلًا إن "الاستعداد والرغبة في التعاون مع لندن من قِبل وزراء الدفاع كانت واضحة جدًا"، مشيرًا إلى أن التخطيط لمناورات إضافية لا يزال مستمرًا.

تم نسخ الرابط