بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

خاص| بعد سقوط الفاشر.. السودان يواجه أخطر أزمة إنسانية والبرهان يتمسك بالحرب

السودان
السودان

يعيش السودان السيناريو الأسوأ للأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، حتى أن البعض اعتبر ما يحدث في غزة هو مجرد حبة في عقد من جرائم الحرب التي ترتكب بيد الدعم السريع في الفاشر آخر محطاتها الإجرامية، ورغم ذلك يتمسك قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بخيار الحرب، ولم يلتفت للدعوات الإقليمية بالهدنة، في الوقت الذي تتسع فيه رقعة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في مختلف أنحاء البلاد، ما يهدد بمزيد من الانقسام والفوضى.

 

موافقة منقوصة 

في ظل تفاقم الأوضاع في الأراضي السودانية، في الكارثة الأكثر وحشية في العصر الحديث،  اقترحت الآلية الرباعية في السوادن الهدنة التي أعلنت عنها الولايات المتحدة، إلا أنها لم تلقى قبولا لدى الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، الذي أكد استمرار الحرب رغم تضاؤل الانتصارات التي يحققها وخسارة الفاشر، وعلى النقيض رحبت الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو " حميدتي " على  الهدنة، إلا أن الجيش والحكومة السودانية يرون أن الموافقة على هذا المقترح تعطي شرعية لميليشيات الدعم السريع ومتنحها مقعدًا في المفاوضات مستقبلا وهو الأمر الذي لا يمكن القبول به على الإطلاق. 

 

 

باحث سوداني: تقسيم السودان هو أمر مستحيل والجيش سيحسم المعركة 

في هذا الصدد قال الباحث السياسي السوداني السماني عوض الله أن ما طرح من هدنة من الولايات المتحدة فرص نجاحها قليلة جدا، لأسباب تدركها الحكومة السودانية ولها تجارب في ذلك، باعتبار أن أي هدنة لتمرد هو عبار عن إفساح مجال لهذا التمرد لإعادة تموضعه وترتيب صفوفه ولمزيد من التفرعن الجديد، لذلك أعتقد أن مجلس الأمن السوداني الذي عقد الأيام الماضية كان موقفه واضح وسريع، إذ شكر الجهود الأمريكية لكنه أكد أن العمليات التي تم في السودان القوات المسلحة والمؤسسات الأخرى قادرين على حسمها لصالح الشعب والجيش، لذلك ترى الحكومة أن محاولة أي هدنة هي عبارة عن إعطاء مزيد من الوقت للدعم السريع. 

وأضاف الباحث السياسي في تصريح خاص لـ بلدنا اليوم أن الموقف الدولي استجابته ضعيفه لما يحدث في السودان ويتعامل بازدواجية في المعايير، والحكومة السودانية عملت العديد من الاجراءات من فتح معابر ومطارات لإيصال المساعدات الإنسانية سواء في دارفور أو غيرها من المناطق ولا تزال تجدد ذلك، ولكن المجتمع الدولي عجز على إيصال هذه المساعدات، في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع. 

وأشار السماني أن  تقسيم السودان هو أمر غير وارد تماما، باعتبار أن هناك رفض واسع جدا لهذا الأمر، وخاصة دول الجوار وعلى رأسهم مصر رفضوا ذلك وهذا موقف العديد من الدول، وليس هناك أي دولة أعلنت موقفها تجاه إقامة دولة موازية في دارفور، وهناك أسباب أيضا تستبعد ذلك من بينها أن الشعب نفسه في دارفور يرفض ذلك، لأن الدعم السريع يقاتل من أجل مكاسب شخصية وليس لصالح دولة والشعب يعلم ذلك. 

وتابع الباحث السياسي أن التدخل الدولي المباشر في السودان هو أمر مستبعد، لذلك من المتوقع أن تستمر العلميات العسكرية ولكن ليس لأمد طويل، وبالتالي لابد أن يكون هناك تسوية وهذه التسوية الحكومة السودانية طرحتها قبل ذلك وتمت الموافقة عليها، باعتمار دمج قوات الدعم السريع للجيش وإخراجها من جميع المدن، وبالتالي هناك إمكانية تفاوض حول ضمهم للجيش غير ذلك لن توافق الحكومة الدولية.

 

شرعية حميدتي أم حرب 

يرى العديد من الخبراء السياسيين أن محمد حمدان دقلو " حميدتي" الذي يتلقى دعمًا خارجيا من جهات غير معلومة تسعى إلى استمرار الحرب في السودان، يحاول عقب السيطرة على مدينة الفاشر الحصول على شرعية دولية والظهور في ثوب الثوريين لكسب  قلوب السودانيين، وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات، حول مصير السودان الذي بات مجهولا، وهو هل تنتهي الحرب باتفاق بين القوتين، أن ستدخل السودان في حرب طويلة الأمد تنتهي بها إلى التقسيم.

 

 

الحوري: ما حدث في غزة 10% بجانب مأساة السودان

الضابط السابق في الجيش السوداني العميد إبراهيم الحوري، يرى أن الجيش السوداني لن يوافق على الهدنة المقترحة خاصة بعد إعلان الدعم السريع موافقته عليها، باعتبار أن الجيش  له شركاء في هذه المعركة التي تدور حول كرامة الشعب السوداني، أبرزهم القوات المشتركة والبرائون، وهما متواجدون بشكل جيد في الميدان وبالتالي لن يتخطاهم الجيش أبدًا، وكل ذي عقل يعلم أن هذه الهدن لن تستمر طويلا،  وكل الهدن العسكرية السابقة لم يكتب لها النجاح، لأن ميليشيات الدعم السريع لم تسلك طريقا إلا القتل والتنكيل والتشريد. 

 

وأضاف الحوري في تصريح خاص لـ بلدنا اليوم، أن الدعم السريع سقطت أيضا في اختبارها الثاني، وهو قرار 2736 وهو قرار مجلس الأمن الذي لم تنفذه الدعم السريع بفك الحصار عن الفاشر بل عملت العكس حيث نكلت بالمدنيين وقتلتهم، حتى عقب سقوط الفاشر استمرت في جرائم الحرب التي تنفذها تجاه المدنيين، والعديد من الدول الأقمار الصناعية أثبتت ذلك، وبالتالي كيف يثق الجيش في ميليشيا بهذه الإجرامية والوحشية أن تستمر بهذه الهدنة. 

 

وتساءل الحور حول الراعي الإقليمي لميليشيات الدعم السريع إذا كان جادًا في هذه الهدنة لماذا لم يوافق عليها قبل سقوط الفاشر، ولما تسعى أمريكا ومن معها حاليا التوصل إلى هدنة إلا لسبب واحد وهو إعطاء الفرصة للدعم السريع لإلتقاط أنفاسها، غير أن الدعم السريع تحاول إظهار أنها ترفع رآية السلام والتوصل إلى هدنة لكسب مقعد في التفاوض مستقبلا. 

 

وتابع الضابط السابق بالجيش السوداني أن رغم ما يحدث فإن محمد حمدان دقلو "حميدتي" لن يحصل على شرعية من أي من الدول أو المنظمات الدولية، ولكن من الممكن أن يستقبل في المدن والعواصم التي وقفت معه ودعمته في هذه الحرب، ولكن دوليا لن يحصل على هذا، مشيرًا: أن الموقف الدولي يظهر وكأنه يدعم التسقيم في السودان ولم يراعوا أي جانب إنساني في السودان، ويستخدمون حقوق الإنسان كذريعة لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد. 

 

واستطرد أن ما يحدث في السودان هي أكبر جريمة إنسانية في العصر الحديث، وأن ما حدث في غزة يعد 10% بجانب ما يحدث بالسودان، متابعا: أن الحرب الجارية في السودان ستكون طويلة الأمد واستنزاف، ولن تستطيع الدعم السريع التفوق  على الجيش  فيها هذه الحرب. 

 

تم نسخ الرابط